الأربعاء، 19 مارس 2025

09:11 م

الاقتصاد الأمريكي بين التباطؤ وإعادة الهيكلة، نظرة تحليلية على المشهد الراهن

الثلاثاء، 18 مارس 2025 07:53 م

 الاقتصاد الأميركي

الاقتصاد الأميركي

كتب/كريم قنديل

يشهد الاقتصاد الأمريكي مرحلة حاسمة، حيث تتزايد الضغوط التضخمية والتقلبات في الأسواق المالية، إلى جانب تأثير السياسات التجارية على توقعات النمو، وبينما يرى البعض أن التباطؤ الحالي جزء من عملية إعادة هيكلة ستقود إلى اقتصاد أكثر كفاءة، يحذر آخرون من أنه قد يكون مؤشرًا على ضعف بنيوي طويل الأمد.

الاقتصاد الأميركي 

ضبابية اقتصادية تخيم على المشهد الأميركي

تتزايد حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد الأميركي، حيث سجل مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية مستويات غير مسبوقة مؤخرًا، في ظل اضطرابات الأسواق وتقلبات القرارات المالية، وارتفع مؤشر "الخوف" الأسبوع الماضي بأكثر من 20% ليبلغ أعلى مستوياته منذ سبعة أشهر، قبل أن يشهد تراجعًا طفيفًا لاحقًا.

إن تصاعد مؤشر عدم اليقين يعكس ضبابية الرؤية بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي، لكنه لا يعد مؤشرًا حتميًا على دخول مرحلة الركود، ويشير المؤشر إلى غياب الوضوح في المشهد الاقتصادي، ما قد يرفع احتمالات التباطؤ الاقتصادي، أو حتى يساهم في تعزيزه، خاصة أن أي اضطراب في الاقتصاد الأميركي يترك بصماته على المشهد الاقتصادي العالمي بأسره.

التوقعات المتباينة للنمو الاقتصادي

تشير التقديرات الأخيرة إلى احتمالية تباطؤ النمو في الولايات المتحدة خلال عامي 2025 و2026، حيث قامت كبرى المؤسسات الاقتصادية، مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بمراجعة توقعاتها نزوليًا، فقد خفض "غولدمان ساكس" توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي للعام 2025 إلى 1.7%، بعد أن كان مقدراً بـ2.4%، مما يعكس ضعف النشاط الاقتصادي وتزايد المخاطر.

الضغوط التضخمية

الضغوط التضخمية وتأثيرها على القوة الشرائية

تشير البيانات الاقتصادية إلى تراجع ثقة المستهلك الأميركي، وفقاً لاستطلاع جامعة ميشيغان، حيث تتخذ التوقعات بشأن الدخل والتضخم منحى سلبياً، كما أن التراجعات الحادة في سوق الأسهم الأميركية، وخاصة في مؤشر S&P 500، زادت من المخاوف بشأن تأثيرها السلبي على الثروة والاستهلاك والاستثمار.

السياسات التجارية وعدم اليقين الاقتصادي

أحد أبرز العوامل التي أثرت على الاقتصاد الأميركي هو الحرب التجارية المستمرة، حيث فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية جديدة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار داخل وخارج الولايات المتحدة، وأثر على النمو الاقتصادي. فالتقارير تشير إلى أن السياسات الجمركية قد تتسبب في إضعاف التجارة العالمية، وهو ما يؤثر سلباً على الإنتاج والاستثمار.

الولايات المتحدة الأميركية

آراء الخبراء حول مستقبل الاقتصاد الأميركي

الرؤية المتفائلة.. إعادة الهيكلة قد تؤدي إلى اقتصاد أكثر كفاءة

يرى بعض المحللين أن التباطؤ الحالي هو جزء من إعادة الهيكلة الاقتصادية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تعزيز كفاءة القطاع الخاص، وتخفيف القيود التنظيمية، وخفض الضرائب، وتحسين بيئة الأعمال، كما أن التركيز على الإنتاج الصناعي داخل الولايات المتحدة قد يعزز النمو المستقبلي.

الرؤية المتشائمة.. مخاوف من فقدان الميزات التنافسية

على الجانب الآخر، هناك مخاوف من أن السياسات الاقتصادية الحالية قد تؤدي إلى تآكل الميزات التنافسية للاقتصاد الأميركي، مما ينعكس سلباً على بيئة الأعمال وثقة المستثمرين، كما أن عدم الاستقرار السياسي قد يزيد من حالة عدم اليقين، مما قد يدفع الشركات والمستثمرين إلى البحث عن بيئات أكثر استقراراً خارج الولايات المتحدة.

دونالد ترامب

السيناريوهات المحتملة للاقتصاد الأميركي

السيناريو الإيجابي

إذا تمكنت الإدارة الأميركية من السيطرة على التضخم، وتحفيز الاستثمار، وضبط السياسات التجارية، فقد يسجل الاقتصاد الأميركي نمواً معتدلاً يتراوح بين 2.2% و2.5% خلال الأعوام القادمة، مع تركيز على القطاعات التكنولوجية والطاقة المتجددة.

السيناريو السلبي

أما في حال استمرار عدم اليقين الاقتصادي، وارتفاع التضخم، وتصاعد التوترات التجارية، فقد يتراجع النمو الاقتصادي إلى ما دون 2%، مع تزايد المخاطر المتعلقة بالركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.

يبقى مستقبل الاقتصاد الأميركي محل انقسام بين المتفائلين الذين يرون أن التباطؤ الحالي هو مرحلة انتقالية نحو اقتصاد أكثر كفاءة، والمتشائمين الذين يحذرون من تآكل الميزات التنافسية وضعف الاستقرار الاقتصادي، ومع تصاعد التحديات العالمية، من المتوقع أن يستمر الجدل حول الوجهة النهائية للاقتصاد الأميركي في الأعوام القادمة.

Short Url

showcase
showcase
search