السبت، 15 مارس 2025

07:39 م

ترامب يُشعل العالم.. حظر سفر شامل لـ 41 دولة و حرب باردة جديدة على الأبواب

السبت، 15 مارس 2025 01:15 م

ترامب - Trump

ترامب - Trump

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

تدرس الإدارة الأمريكية فرض قيود سفر شاملة على مواطني 41 دولة حول العالم، في إطار خطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحد من الهجرة وتعزيز الأمن القومي

تأتي هذه السياسة في سياق تقليص مخاطر التهديدات الأمنية عبر تعزيز عملية التدقيق في الأشخاص القادمين إلى الولايات المتحدة، وهو ما يعكس توجهات متشددة في السياسة الخارجية والهجرة.

نناقش في هذا التحليل تفاصيل الخطة المطروحة، والعوامل الاقتصادية والسياسية التي قد تؤثر عليها، إضافة إلى التأثيرات المحتملة على العلاقات الدولية والتبادل الثقافي بين الدول المعنية والولايات المتحدة.

أولًا: خلفية سياسة قيود السفر

الحظر السابق

تمثل هذه الخطوة امتدادًا لسياسة "حظر السفر" التي اتبعتها إدارة ترامب في بداية ولايته الأولى، ففي عام 2017، أطلق ترامب حظرًا على المسافرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، وهي إيران، العراق، ليبيا، الصومال، السودان، سوريا واليمن، بذريعة حماية الأمن القومي الأمريكي. 

رغم إنه تم تعديل هذه السياسة عدة مرات، إلا أن المحكمة العليا الأمريكية في عام 2018 وافقت على تطبيق الحظر بصيغته المعدلة.

وتستند سياسة قيود السفر الجديدة إلى أمر تنفيذي صدر في يناير 2021، والذي يتطلب من المسؤولين في الحكومة تقديم قوائم بالدول التي يجب أن تفرض عليها قيود جزئية أو كاملة بناءً على التقييم الأمني لمعلومات فحص الأشخاص من تلك الدول، وقد حدد هذا التوجيه في يناير موعدًا نهائيًا لتقديم هذه القوائم في 21 مارس 2021.

الحوافز الأمنية

من خلال تشديد الرقابة على الدول ذات المخاطر الأمنية المحتملة، تسعى الإدارة إلى ضمان أمان الحدود الأمريكية من تهديدات محتملة تشمل الإرهاب والجريمة المنظمة. 

الأمر التنفيذي المذكور يهدف إلى تعزيز التدابير الأمنية في تحديد من يمكنهم دخول الولايات المتحدة، في إطار استجابة لضغوط الأمن الداخلي والمخاوف من الهجرة غير الشرعية.

ثانيًا: تفاصيل القيود على الدول الـ41

تم تقسيم الدول الـ41 إلى ثلاث مجموعات، كل واحدة منها تواجه أنواعًا مختلفة من القيود بناءً على تقييم مدى توفير تلك الدول للمعلومات الضرورية للتدقيق الأمني.

المجموعة الأولى: القيود الكاملة

تشمل هذه المجموعة عشر دول هي: أفغانستان، إيران، سوريا، كوريا الشمالية، كوبا. يتم فرض قيود سفر كاملة على مواطني هذه الدول، حيث سيمنع إصدار أي تأشيرات جديدة لدخول الولايات المتحدة. 

وقد تم تصنيف هذه الدول على أنها الأكثر خطرًا نظرًا للوضع الأمني الهش أو الحكومات التي لا تتعاون بما فيه الكفاية في عملية تدقيق المعلومات.

1- أفغانستان: تعيش في حالة من الفوضى بعد انسحاب القوات الأمريكية، مما يزيد من مخاطر دخول عناصر متطرفة.

2- إيران وسوريا: نظرًا للتوترات السياسية مع الولايات المتحدة والأنشطة الإقليمية لهاتين الدولتين، تم وضعهما في هذه الفئة.

3- كوريا الشمالية وكوبا: يتم تصنيفهما أيضًا بناءً على التهديدات الأمنية المحتملة وتدهور علاقاتهما مع الولايات المتحدة.

المجموعة الثانية: القيود الجزئية

تشمل هذه المجموعة خمس دول: إريتريا، هايتي، لاوس، ميانمار، وجنوب السودان. مواطنو هذه الدول سيواجهون تعليقا جزئيًا في تأشيرات الهجرة والسياحة، وخاصة فيما يتعلق بالتأشيرات غير الضرورية.

1- إريتريا وميانمار: الوضع السياسي داخل هذه البلدان يثير القلق، حيث تنتهك حكوماتها حقوق الإنسان، ما يثير مخاوف بشأن التأثيرات على الأمن القومي.

2- هايتي وجنوب السودان: تعتبر هذه الدول ضمن الأقاليم المتأثرة بالنزاعات والصراعات المسلحة المستمرة.

المجموعة الثالثة: المراجعة في غضون 60 يومًا

تشمل هذه المجموعة 26 دولة، منها روسيا البيضاء، باكستان، تركيا، وزيمبابوي. سيتم تعليق إصدار التأشيرات لهذه الدول جزئيًا في حال عدم تقديم حكومات هذه الدول التحسينات اللازمة في سياستها الخاصة بالتدقيق الأمني في غضون 60 يومًا من تلقي الإخطار.

1- روسيا وتركيا: تم تصنيفهما بناءً على القلق بشأن أنشطتهما العسكرية والإقليمية والتي قد تؤثر على استقرار المنطقة.

2- باكستان: على الرغم من التعاون مع الولايات المتحدة في بعض القضايا الأمنية، إلا أن هناك مخاوف بشأن الإرهاب وتهريب الأسلحة.

ثالثًا: العوامل المؤثرة على تنفيذ هذه السياسة

الشواغل الأمنية

في قلب هذه السياسة تكمن المخاوف الأمنية المرتبطة بالتهديدات المحتملة من الجماعات الإرهابية والعناصر المتطرفة، التي قد تحاول استخدام قنوات الهجرة للوصول إلى الولايات المتحدة، والتصعيد في العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وأفغانستان قد يؤثر على هذه المخاوف بشكل مباشر.

تأثير العلاقات الدولية

هذه القيود قد تزيد من حدة التوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وبعض الدول المتأثرة، مما ينعكس سلبًا على التعاون في المجالات الأخرى، بما في ذلك التجارة، الثقافة، والتعليم، كما إن بعض الدول قد ترد بتشديد قيودها على دخول الأمريكيين، مما يفاقم من عواقب العزلة الدبلوماسية.

التحديات السياسية في الولايات المتحدة

تواجه إدارة ترامب معارضة شديدة من بعض الأوساط السياسية، حيث يرون أن هذه السياسات قد تؤدي إلى مزيد من الاستقطاب الداخلي وتزيد من الكراهية ضد الأمريكيين في الدول المستهدفة. 

كما إن هناك انتقادات بشأن تأثير هذه السياسة على العلاقات الاقتصادية مع بعض الحلفاء التقليديين.

رابعًا: التأثيرات الاقتصادية المحتملة

التأثير على الاقتصاد الأمريكي

على الرغم من أن الحظر قد يؤدي إلى تقليل خطر الهجرة غير الشرعية، إلا أن التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأمريكي لا يمكن تجاهلها. 

وقد تؤدي القيود إلى تقليص تدفق العمالة الماهرة من بعض الدول، وهو ما قد يؤثر على صناعات معينة في الولايات المتحدة مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية.

تداعيات على التجارة الدولية

من المحتمل أن يؤثر فرض هذه القيود على التجارة بين الولايات المتحدة وبعض الدول المدرجة في القائمة، مما قد يخلق تحديات اقتصادية إضافية. 

إضافة إلى ذلك، قد يشهد قطاع السياحة تراجعًا، حيث تعتمد العديد من الدول على السياحة الأمريكية كمصدر دخل رئيسي.

خامسًا: التوقعات المستقبلية

إمكانية التغيير في السياسة

نظرًا لأن هذه السياسة قيد المراجعة، فإن هناك احتمالًا كبيرًا لتغيير القائمة النهائية بناءً على تقييمات إضافية من وزارة الخارجية الأمريكية وأجهزة الأمن الوطني. قد يتم تعديل الحظر أو إضافة دول أخرى بناءً على تغيرات في الوضع الأمني الدولي.

تبعات سياسية ودبلوماسية

قد تؤدي هذه القيود إلى تفاقم العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول، خصوصًا في مناطق الشرق الأوسط وآسيا. ومع ذلك، من المتوقع أن تكون هذه السياسة جزءًا من استراتيجية إدارة ترامب الأوسع لتعزيز الأمن القومي وتقليل المخاطر الأمنية من خلال تقليص الهجرة غير المراقبة.

 

ختامًا: تعتبر القيود الجديدة التي تدرسها إدارة ترامب على السفر من 41 دولة خطوة جديدة في إطار سياسة الهجرة المتشددة التي تم تطبيقها منذ بداية ولايته. 

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين الأمن القومي، فإنها قد تخلق العديد من التحديات الدبلوماسية والاقتصادية للولايات المتحدة. 

وفي النهاية، يبقى الأمر متوقفًا على تقييمات أمنية ومراجعات مستمرة قد تؤدي إلى تعديلات في القائمة النهائية للدول المستهدفة.

Short Url

search