«الأسهم العالمية تتراجع»، هل يصبح الذهب الرابح الأكبر وسط التقلبات الاقتصادية العالمية؟
الجمعة، 21 مارس 2025 02:31 م

الأسهم العالمية
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
في الأسبوع المنتهي في 19 مارس 2025، تعرضت صناديق الأسهم العالمية لموجة بيع واسعة تسببت في سحب مليارات الدولارات من الأسواق، بحسب بيانات مجموعة بورصة لندن (LSEG Lipper).
تزامن هذا الانخفاض في الاستثمارات مع تصاعد القلق من تأثيرات السياسات التجارية الأمريكية المتشددة على الاقتصاد العالمي، فضلًا عن المخاوف المتزايدة من تباطؤ اقتصادي قد يشمل العديد من الاقتصادات الكبرى.
وعلى إثر هذه المخاوف، اندفع المستثمرون نحو الأصول الأكثر أمانًا مثل المعادن الثمينة والذهب، بينما تراجعت التدفقات إلى صناديق السندات.

التداعيات الاقتصادية للمخاوف التجارية الأمريكية
أثرت السياسات التجارية الأميركية بشكل ملحوظ على توجهات المستثمرين في الأسواق المالية العالمية، حيث أدى تصاعد القلق بشأن السياسات الحمائية، التي تفرضها الولايات المتحدة بشكل متزايد، إلى سحب 29.7 مليار دولار من صناديق الأسهم العالمية.
فقد أظهر المستثمرون خوفًا من التداعيات المحتملة لهذه السياسات على الاقتصاد الأميركي وعلى الأسواق العالمية بشكل عام.
وعلى الرغم من التفاؤل الجزئي حول بعض التعديلات الاقتصادية في أوروبا، إلا أن المخاوف حول تأثير السياسات الحمائية كانت كبيرة بما يكفي لدفع المستثمرين إلى التراجع عن صناديق الأسهم العالمية.
المخاوف الاقتصادية العالمية وأثرها على صناديق الأسهم الأمريكية
عانت صناديق الأسهم الأميركية من أكبر موجة بيع منذ ثلاثة أشهر، كما سجلت هذه الصناديق سحبًا بلغ 33.53 مليار دولار، وهو ما يمثل أكبر تدفق خروجي من الأسهم الأميركية في الأشهر الأخيرة.
كانت هذه المبيعات بمثابة استجابة مباشرة لارتفاع المخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي، خصوصًا في ظل السياسات التجارية المتشددة التي تهدد بالتأثير على النشاط الاقتصادي.
وأظهرت البيانات أن الولايات المتحدة تواجه تحديات في تعزيز استقرار الاقتصاد المحلي، حيث تزايدت الضغوط الاقتصادية الداخلية والخارجية على حد سواء.

تباين الاتجاهات في أوروبا وآسيا
في أوروبا، استمر التراجع في تدفقات الأموال إلى صناديق الأسهم، إلا أن الوتيرة كانت أقل مقارنة بما حدث في الأسواق الأميركية.
كما تم تسجيل خروج صافي بمقدار 1.11 مليار دولار من صناديق الأسهم الأوروبية، في حين كان هذا الرقم أكبر بكثير في الأسبوع السابق عند 5.35 مليار دولار.
وتزامن هذا التراجع مع بعض التفاؤل في الأسواق الأوروبية بعد أن صادق البرلمان الألماني على حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى دعم الاقتصاد الأكبر في المنطقة.
على النقيض، حققت صناديق الأسهم الآسيوية تدفقات إيجابية للوقت الرابع عشر على التوالي، حيث سجلت 3.5 مليار دولار في الأسبوع نفسه.
عكس هذا الاتجاه تعزيز الثقة في الاقتصادات الآسيوية، حيث استمر المستثمرون في ضخ الأموال رغم الضبابية الاقتصادية العالمية.
التوجهات نحو الملاذات الآمنة… الذهب والمعادن الثمينة
رغم تراجع التدفقات نحو معظم الصناديق، استمرت صناديق المعادن الثمينة في جذب الاستثمارات بشكل ملحوظ، حيث سجلت هذه الصناديق تدفقات صافية بلغت 2.71 مليار دولار للأسبوع السادس على التوالي، في مؤشر على اهتمام المستثمرين المستمر بالبحث عن تحوط ضد التقلبات السوقية.
سجلت صناديق الذهب والمعادن الثمينة تدفقات جيدة أيضًا، حيث جذب قطاع الذهب 485 مليون دولار، فهذا الاتجاه يعكس بحث المستثمرين عن أصول أكثر استقرارًا وسط الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة التي تسود الأسواق العالمية.

التراجع في تدفقات صناديق السندات
عكس سوق السندات اتجاهًا معاكسًا مع الانخفاض الكبير في التدفقات. لم تستقطب صناديق السندات إلا 357.92 مليون دولار، وهو أدنى مستوى لها في 11 أسبوعًا.
جاءت هذه النتيجة بعد فترة طويلة من التدفقات المتواصلة التي شهدها هذا القطاع، كما سجلت صناديق السندات الحكومية والسندات الشركاتية أيضًا مبيعات صافية، بلغت 2.03 مليار دولار و1.34 مليار دولار على التوالي.
انعكس هذا الاتجاه الحذر من قبل المستثمرين الذين يفضلون الأصول الأكثر أمانًا بسبب الضغوط الاقتصادية العالمية المتزايدة.
سندات الأسواق الناشئة وصناديق الأسهم في الأسواق الناشئة
على الرغم من تراجع التدفقات نحو السندات والأسهم في الأسواق المتقدمة، شهدت أسواق السندات في الأسواق الناشئة تخارجات ملحوظة بلغت 930 مليون دولار.
وعلى الرغم من ذلك، شهدت صناديق الأسهم في الأسواق الناشئة أيضًا سحبًا بقيمة 571 مليون دولار، ويظهر هذا أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا تجاه الأسواق الناشئة وسط تصاعد المخاوف الاقتصادية، إلا أن بعض الدول مثل الصين والهند لا تزال تحافظ على الثقة في اقتصاداتها.
الذهب كملاذ آمن وسط التقلبات
إقبال المستثمرين على الذهب والمعادن الثمينة وسط التقلبات الاقتصادية يعكس تحولًا في استراتيجيات الاستثمار.
تصاعدت أسعار الذهب خلال هذه الفترة بسبب تزايد طلب المستثمرين على الأصول الآمنة التي تضمن لهم استقرارًا نسبيًا في الأوقات الاقتصادية المضطربة.
وقد يشهد الذهب مزيدًا من الارتفاعات في ظل استمرار مخاوف الركود الاقتصادي واحتمال حدوث مزيد من التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي.

ختامًا: شهدت أسواق الأسهم العالمية موجة بيع واسعة نتيجة المخاوف التجارية والاقتصادية، مما دفع العديد من المستثمرين إلى سحب أموالهم من صناديق الأسهم والتوجه إلى الأصول الأكثر أمانًا مثل الذهب والمعادن الثمينة.
وفي ظل هذه التقلبات، تراجع الاهتمام بصناديق السندات، بينما تزايدت الثقة في أسواق آسيا رغم الضغوط الاقتصادية العالمية.
ومع استمرار المخاوف الاقتصادية، من المتوقع أن تواصل الأسواق العالمية تأثرها بتغيرات السياسات التجارية والتباطؤ الاقتصادي المحتمل، مما سيدفع المستثمرين إلى اتخاذ استراتيجيات أكثر حذرًا وتوجهًا نحو الأصول الآمنة.
Short Url
البرازيل تحت تهديد نقص المياه العذبة، أزمة بيئية تتسارع نحو أسوأ جفاف في تاريخها
22 مارس 2025 02:13 م
بريطانيا تغرق في الديون، فهل تواجه أزمةً ماليةً جديدة؟
22 مارس 2025 01:22 م
«تحليق نحو القمة» الخطوط الكورية تعزز أسطولها بـ 50 طائرة بوينج
21 مارس 2025 08:41 م


أكثر الكلمات انتشاراً