الثلاثاء، 25 مارس 2025

05:16 م

الهند تتراجع عن برنامج الحوافز الإنتاجية، هل تفقد فرصة منافسة الصين؟

الجمعة، 21 مارس 2025 02:01 م

الهند

الهند

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

قررت حكومة الهند تحت قيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إنهاء برنامج الحوافز الإنتاجية الذي تم إطلاقه في عام 2020، بهدف تعزيز التصنيع المحلي وجذب الشركات العالمية بعيدًا عن الصين. 

كان البرنامج الذي يبلغ قيمته 23 مليار دولار يهدف إلى تحويل الهند إلى مركز صناعي عالمي، خاصة في ظل التصاعد المستمر في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ومع ذلك، لم تحقق الخطة النجاح المتوقع، ما جعل الحكومة الهندية تقرر التراجع عن تمديدها.

Picture background

تفاصيل الخطة وأهدافها

تم إطلاق البرنامج في عام 2020 كجزء من استراتيجية الهند لتقليص الاعتماد على الصين في مجال التصنيع، وجذب الشركات الكبرى التي كانت تبحث عن بدائل لسلاسل التوريد الصينية. 

كان الهدف الأساسي من البرنامج هو أن تزداد حصة الصناعة في الاقتصاد الهندي، ليصبح هذا القطاع المحرك الرئيسي للنمو، كما كان من المفترض أن يتم تقديم حوافز مالية للشركات التي تحقق مستويات إنتاجية معينة.

أسباب فشل الخطة

على الرغم من أن أكثر من 750 شركة، من بينها "فوكسكون" و"ريلاينس إندستريز"، انضمت إلى البرنامج، إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال. 

لم تحقق الشركات سوى 37% من الأهداف الإنتاجية التي تم تحديدها في البداية، وواجهت العديد من الشركات تحديات في بدء الإنتاج في الوقت المحدد، فيما اشتكت أخرى من تأخر الحكومة في صرف الحوافز المالية التي تم وعدها بها.

عوامل عديدة ساهمت في فشل الخطة، أبرزها البيروقراطية المعقدة والقيود التنظيمية التي تعرقل تنفيذ المشاريع في الوقت المحدد. 

ورغم محاولات الحكومة الهندية لتخفيف هذه القيود عبر تمديد بعض المهل الزمنية وتسهيل إجراءات صرف الحوافز، فإن الوضع لم يتحسن بشكل كبير.

Picture background

الأثر على القطاع الصناعي الهندي

تراجع قطاع الصناعة الهندي من 15.4% من الناتج المحلي الإجمالي عند إطلاق البرنامج إلى 14.3% في الوقت الحالي. 

وعلى الرغم من بعض النجاحات في قطاعات معينة مثل صناعة الهواتف المحمولة والأدوية، حيث ارتفعت صادرات الهواتف المحمولة إلى 49 مليار دولار في 2023-2024، فإن العديد من القطاعات الأخرى مثل الطاقة الشمسية والصناعات الثقيلة فشلت في تحقيق أهدافها.

على سبيل المثال، لم تتمكن ثماني من أصل 12 شركة مشاركة في البرنامج من الوفاء بالتزاماتها الإنتاجية، وتم إلغاء أو سحب 14 مشروعًا من أصل 58 مشروعًا تمت الموافقة عليها في قطاع الصلب، وهذه النتيجة تشير إلى أن الهند ما زالت تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق تحول صناعي ملموس.

التداعيات الاقتصادية والسياسية

إلغاء هذا البرنامج يعد ضربة قاسية لطموحات الهند في أن تصبح مركزًا صناعيًا عالميًا، وعلى الرغم من بعض النجاحات المحدودة، يظل التحدي الأكبر هو ضعف القدرة التنافسية في مواجهة الصين، التي تواصل تعزيز مكانتها كأكبر قاعدة صناعية في العالم. 

كما إن الضغوط التجارية المتزايدة من قبل الولايات المتحدة، التي هددت بفرض رسوم جمركية على الدول ذات الفائض التجاري، مثل الهند، تساهم في زيادة تعقيد الوضع.

ومع ذلك، لا يعني قرار إيقاف البرنامج التخلي التام عن الأهداف التصنيعية للهند. الحكومة تدرس الآن بدائل أخرى، بما في ذلك تقديم دعم مباشر للاستثمارات في المصانع بدلًا من الاعتماد على الحوافز القائمة على الإنتاج.

Picture background

التوجهات المستقبلية… ما هي الخيارات المتاحة؟

من غير المرجح أن تتخلى الهند عن طموحاتها التصنيعية بالكامل، كما إن الحكومة تدرس خيارات بديلة، مثل تقديم دعم مباشر للاستثمارات في المشاريع الصناعية بدلًا من ربط الحوافز بتحقيق أهداف الإنتاج. 

هذا التوجه قد يكون أكثر مرونة ويسمح بتوجيه الاستثمارات إلى القطاعات التي تواجه صعوبة في تحقيق الأهداف الإنتاجية.

رغم التحديات الحالية، إلا أن الهند ما تزال تمتلك إمكانيات كبيرة في بعض القطاعات، مثل تكنولوجيا المعلومات، والهواتف المحمولة، والأدوية. 

قد تواصل الهند محاولة جذب الاستثمارات في هذه المجالات مع اتخاذ خطوات لتحسين بيئة الأعمال وتقليل التعقيدات البيروقراطية.

ختامًا: أدى فشل خطة الحوافز الإنتاجية الهندية إلى إثارة تساؤلات كبيرة حول قدرة الهند على منافسة الصين في مجال التصنيع. 

على الرغم من التحديات الحالية، يمكن أن تكون الخطط البديلة التي تدرسها الحكومة بمثابة فرصة لتحفيز النمو الصناعي في المستقبل. 

إلا إن الوقت وحده سيثبت ما إذا كانت الهند ستتمكن من استغلال الفرص الصناعية العالمية بشكل أفضل وتقديم بديل مقنع للمستثمرين.

Short Url

search