السبت، 22 مارس 2025

03:52 ص

الاقتصاد الروسي بين التضخم المرتفع وسعر الفائدة القياسي، إلى أين يتجه؟

الجمعة، 21 مارس 2025 01:48 م

البنك المركزي الروسي

البنك المركزي الروسي

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

قرر البنك المركزي الروسي الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 21% للمرة الثالثة على التوالي في قرار يعد علامة فارقة في السياسة النقدية الروسية.

الهدف من هذا الإجراء هو كبح التضخم المستمر، الذي ما زال عند مستويات مرتفعة بالرغم من بعض المؤشرات التي تدل على تحسن طفيف في الاقتصاد المحلي، كما يعتزم البنك المركزي تقييم تطورات التضخم خلال الفترة القادمة وقد يتخذ إجراءات إضافية بناءً على تلك التقييمات.

Picture background

القرار والتوقعات

أعلن البنك المركزي الروسي في اجتماعه الأخير أن سعر الفائدة الرئيسي سيظل عند 21%، وهي أعلى مستوى تاريخي شهدته روسيا. 

كما أشار البنك إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا استمرت الضغوط التضخمية، وتشدد السياسة النقدية هذه هي استجابة مباشرة للضغط الذي تسببه معدلات التضخم المرتفعة، التي لا تزال تسجل نحو 10%. 

ورغم ذلك، أظهر البنك إشارات متفائلة بخصوص تباطؤ التضخم في الأشهر الأولى من العام، متوقعًا أن يتحسن الوضع المالي تدريجيًا مع استمرار الإجراءات الاقتصادية.

أسباب الإبقاء على الفائدة المرتفعة

جاء قرار البنك المركزي بعد سلسلة من المؤشرات الاقتصادية التي أبرزت استمرارية الضغوط التضخمية، تباطؤ التضخم في الأشهر الأخيرة قد لا يكون كافيًا لضمان الاستقرار الاقتصادي، مما دفع البنك إلى اتخاذ هذا القرار المتشدد. 

تزامن هذا القرار مع تصريحات نائب محافظ البنك، أليكسي زابوتكين، الذي أشار إلى أن الحاجة لرفع الفائدة قد تظل قائمة ولكن "ليس بشكل حتمي"، مما يعكس حالة من الحذر بشأن تأثيرات سياسة الفائدة على الاقتصاد.

يُعد تحسن الروبل الروسي أحد العوامل التي ساهمت في تراجع التضخم، إذ قد يكون له تأثير إيجابي على الأسعار خلال الفترة المقبلة. 

ومع ذلك، لا تزال التوقعات تشير إلى أن الطلب المحلي المرتفع قد يظل يشكل تهديدًا للتضخم، مما يعني أن البنك قد يواصل اتباع سياسات نقدية صارمة في المستقبل القريب.

Picture background

تطورات التضخم في روسيا

شهد التضخم في روسيا تراجعًا طفيفًا في الأسابيع الأخيرة، إذ تباطأ نمو الأسعار في بداية العام مقارنة بشهر ديسمبر. 

تراجع المؤشر المعدل موسميًا للسلع غير الغذائية، ما يبعث على الأمل بأن السوق الروسي قد يبدأ في الاستقرار في الأشهر المقبلة. 

وقد يكون هذا التباطؤ نتيجة لتغيرات في الاقتصاد الكلي، بما في ذلك التحسن النسبي للروبل واحتواء بعض الضغوط الناتجة عن الحرب في أوكرانيا.

رغم هذه المؤشرات الإيجابية، تبقى توقعات التضخم على المدى المتوسط متباينة، كما أشار الخبير الاقتصادي أليكس إيساكوف إلى أن بيانات التضخم الأخيرة تتماشى مع توقعات البنك المركزي التي تراوحت بين 7% و8% بنهاية العام، مما يفتح المجال لتخفيض الفائدة في المستقبل إذا استمر التحسن.

تحسن سوق العمل وارتباطه بالتضخم

سوق العمل في روسيا شهد بعض التحسن، حيث تراجع النقص الحاد في العمالة الذي كان أحد العوامل المساهمة في التضخم. 

مع ذلك، كان هناك ارتفاع في معدلات البطالة خلال يناير للمرة الأولى منذ أكثر من عام، ما قد يشير إلى بعض الضعف في القطاع الاقتصادي. 

رغم ذلك، تباطأ معدل التضخم الأسبوعي إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر، ما يشير إلى تحسن الوضع الاقتصادي بشكل عام.

من الجدير بالذكر أن تباطؤ نمو الإقراض المصرفي قد يعكس تراجعًا في النشاط الاقتصادي، إلا أن هذا التباطؤ قد يكون مؤقتًا بسبب استخدام الشركات للمبالغ المدفوعة مسبقًا من العقود الحكومية.

Picture background

التحديات والفرص المستقبلية

رغم بعض التحسينات الطفيفة في الاقتصاد الروسي، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه صناع القرار في روسيا، خاصة فيما يتعلق بالتضخم المحلي واستقرار السوق. 

ستكون التوقعات المستقبلية مرهونة بالتحولات في الطلب المحلي والتطورات الجيوسياسية التي قد تؤثر على الاقتصاد الروسي.

في الوقت نفسه، يبقى بنك روسيا تحت ضغط لتحسين التوازن بين نمو الاقتصاد وكبح التضخم. القرار المتعلق بسعر الفائدة قد يظل عاملًا أساسيًا في تحديد مسار الاقتصاد في الأشهر القادمة.

ختامًا: حافظ البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة عند أعلى مستوياته التاريخية في خطوة تهدف إلى كبح التضخم المستمر. 

يواصل البنك مراقبة الوضع عن كثب ويستعد لتعديل السياسة النقدية في حال استمرت الضغوط التضخمية، ورغم التوقعات الإيجابية بشأن تحسن الاقتصاد الروسي، إلا أن المخاطر لا تزال قائمة، كما سيظل بنك روسيا في حالة استعداد لمواصلة تشديد السياسة النقدية إذا لزم الأمر.

Short Url

search