10 سنوات من التحولات الاقتصادية في مصر، تطورات حاسمة وفرص للنمو رغم التحديات
الخميس، 06 مارس 2025 12:17 م

الاقتصاد المصري
كتب/كريم قنديل
شهد الاقتصاد المصري خلال السنوات العشر الماضية تحولات جذرية، بين إصلاحات هيكلية وأزمات عالمية أثرت على الأداء الاقتصادي، من التعافي بعد 2011، إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016، ثم الصدمات المتتالية مثل جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، كان على الاقتصاد المصري التكيف باستمرار، لمجابهة التحديات الحالية، ووضع التوقعات المستقبلية.
مراحل تطور الاقتصاد المصري
2014 - 2016، مرحلة التعافي
بعد فترة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي عقب 2011، بدأ الاقتصاد المصري في محاولة للتعافي، لكن النمو كان ضعيفًا، حيث سجل 3.2% فقط، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى 13.2%، وعجز مالي يتجاوز 12% من الناتج المحلي الإجمالي، في هذه المرحلة، اعتمدت الدولة على الدعم الخليجي والمشروعات القومية مثل توسعة قناة السويس، التي كانت تهدف إلى تحفيز الاقتصاد.
2016 - 2019، برنامج الإصلاح الاقتصادي
في عام 2016، أطلقت الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، تضمن تعويم الجنيه المصري، مما أدى إلى قفزة سعر الدولار من 8.8 إلى 19 جنيهًا، هذا القرار تسبب في ارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 30%، لكنه ساهم لاحقًا في تحسن النمو الاقتصادي الذي وصل إلى 5.6% في 2019، كما شهدت هذه الفترة انخفاضًا في معدلات البطالة، وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 45 مليار دولار.
_1787_123733.jpg)
2020 - 2022، تأثير جائحة كورونا
مع انتشار جائحة كورونا، تراجع النمو الاقتصادي إلى 3.6%، متأثرًا بتراجع السياحة وزيادة الإنفاق الحكومي لدعم الاقتصاد، رغم ذلك، ظل الاقتصاد المصري محافظًا على نمو إيجابي، مستفيدًا من قطاعات مثل الإنشاءات، الاتصالات، والزراعة.
2022 - 2024، الأزمات المالية وتحديات التضخم
خلال هذه الفترة، واجه الاقتصاد المصري تحديات كبيرة، منها تراجعت قيمة الجنيه أمام الدولار ليصل إلى أكثر من 45 جنيهًا، وارتفاع معدلات التضخم إلى 35% في 2023، كما ارتفع الدين الخارجي إلى 165 مليار دولار، ما أدى إلى أزمة في توافر العملة الأجنبية وزيادة الضغط على الموازنة العامة للدولة.
التحديات الاقتصادية الراهنة
التضخم وسعر الصرف
يُعد التضخم واحدًا من التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد المصري، حيث أدت الضغوط التضخمية إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير، مما أضعف القوة الشرائية للأفراد وأثر على مستوى معيشتهم، تشمل الأسباب الرئيسية لهذا التضخم ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام عالميًا، فضلًا عن تأثيرات تعويم الجنيه التي تسببت في زيادة تكلفة الواردات.
أما فيما يتعلق بسعر الصرف، فإن التقلبات المستمرة في قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية جعلت المستثمرين أكثر ترددًا في اتخاذ قرارات طويلة الأجل، مما أثر سلبًا على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، كما أن هذه التذبذبات ترفع تكلفة خدمة الديون الخارجية، وهو ما يزيد من الضغط على الاقتصاد، تحقيق استقرار في سعر الصرف يتطلب تنفيذ سياسات نقدية أكثر صرامة، مع تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات وتقليل الحاجة للعملة الأجنبية.

الديون والعجز المالي
الارتفاع الكبير في حجم الدين العام يمثل تحديًا حقيقيًا أمام صانعي السياسات المالية في مصر، فمع تجاوز الدين نسبة 90% من الناتج المحلي الإجمالي، تصبح قدرة الدولة على تخصيص موارد إضافية للاستثمار والتنمية أكثر صعوبة، العجز المالي المستمر يؤدي إلى زيادة الاعتماد على القروض المحلية والدولية، مما يرفع تكاليف الفوائد ويؤدي إلى استنزاف جزء كبير من الموازنة العامة للدولة.
تتعدد أسباب هذا الارتفاع، منها زيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والمشروعات القومية، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض بسبب تقلبات سعر الصرف والتضخم، وللحد من هذه المشكلة، لا بد من التركيز على تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتوسيع قاعدة الإيرادات عبر تعزيز الضرائب العادلة وتحفيز الاستثمارات الإنتاجية التي تدر عائدًا طويل الأجل.
الاستثمار وسوق العمل
رغم انخفاض معدلات البطالة إلى 7.4% في 2023، فإن التحدي الحقيقي يكمن في جودة الوظائف المتاحة واستدامتها، الكثير من فرص العمل التي أُتيحت مؤخرًا ترتبط بقطاعات غير مستقرة مثل قطاع الخدمات المؤقتة أو المشروعات القومية قصيرة الأجل، هذا يعني أن هناك حاجة مُلحّة إلى استثمارات أكثر استدامة، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والتكنولوجيا والزراعة الحديثة.
تحقيق ذلك يتطلب العمل على محاور عدة، من بينها تحسين بيئة الاستثمار لتشجيع الشركات المحلية والأجنبية على ضخ رؤوس أموال جديدة، وتطوير برامج تدريب وتأهيل العمالة لتتواكب مع احتياجات السوق، إضافة إلى تقديم حوافز للمستثمرين في القطاعات التي توفر وظائف دائمة برواتب مجزية.

ما هو القادم؟
إصلاحات هيكلية
تعد الإصلاحات الهيكلية ضرورة حتمية لضمان استدامة الاقتصاد المصري على المدى الطويل. يعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على الواردات، وهو ما يجعله عرضة للتقلبات العالمية في الأسعار وسعر الصرف. لذا، فإن تعزيز الإنتاج المحلي في القطاعات الحيوية، مثل الصناعات التحويلية والزراعة، سيقلل الضغط على العملة الأجنبية ويحسن الميزان التجاري.
في القطاع الصناعي، تحتاج مصر إلى زيادة القيمة المضافة للمنتجات المحلية من خلال تطوير الصناعات التكنولوجية والتصنيعية بدلًا من تصدير المواد الخام، أما في القطاع الزراعي، فهناك حاجة لتحسين نظم الري واستصلاح مزيد من الأراضي لزيادة الإنتاج المحلي، مما يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل استيراد المواد الغذائية الأساسية.
تحفيز الاستثمار الأجنبي
جذب الاستثمار الأجنبي يتطلب بيئة أعمال أكثر استقرارًا وشفافية، هناك حاجة إلى تسهيل إجراءات التراخيص، وتقليل البيروقراطية، وضمان حقوق المستثمرين الأجانب، مما يشجعهم على ضخ أموالهم في السوق المصري.
كما أن برنامج بيع بعض الأصول الحكومية يمكن أن يكون فرصة لجذب الاستثمارات الجديدة، لكنه يجب أن يتم بحذر وبطريقة تضمن عدم فقدان الدولة للسيطرة على القطاعات الاستراتيجية، استخدام العائدات المتأتية من هذه المبيعات يجب أن يكون موجهًا نحو تقليل العجز المالي وتمويل مشروعات إنتاجية جديدة.

تحقيق استقرار اقتصادي
استقرار الاقتصاد المصري يتطلب سياسات مالية ونقدية أكثر توازنًا، يجب على الحكومة والبنك المركزي التركيز على تقليل التضخم من خلال ضبط المعروض النقدي، وتحقيق التوازن بين الإنفاق العام والإيرادات، كذلك، فإن تحقيق استقرار في قيمة الجنيه يحتاج إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية عبر تعزيز الصادرات وتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر.
تنويع مصادر الدخل القومي، عبر تحسين أداء قطاعي السياحة والصادرات الصناعية، سيكون له دور أساسي في تحقيق هذا الاستقرار، إضافةً إلى ذلك، فإن تحسين كفاءة الجهاز الإداري للدولة، وتقليل الاعتماد على الاقتراض، سيساهمان في بناء اقتصاد أكثر استدامة وقادر على مواجهة الأزمات الخارجية.
رؤية مستقبلية
بينما يواجه الاقتصاد المصري تحديات ضخمة، فإن هناك فرصًا كبيرة للنمو إذا تم تنفيذ إصلاحات فعالة. يعتمد المستقبل الاقتصادي لمصر على استراتيجيات مستدامة تشمل تخفيض الديون، تحقيق استقرار العملة، وجذب الاستثمارات، مع التركيز على الإنتاج المحلي وريادة الأعمال.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً