الاقتصاد المصري يشق طريقه نحو نمو 4.2% رغم التحديات العالمية!
الإثنين، 10 فبراير 2025 02:10 م

نمو الاقتصاد المصري
كريم قنديل
تواجه مصر تحديات اقتصادية معقدة نتيجة الأزمات العالمية المتتالية التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد المحلي، من معدلات التضخم المرتفعة إلى تباطؤ النمو في بعض القطاعات. ورغم هذه الصعوبات، تواصل الدولة تنفيذ إصلاحات هيكلية ومبادرات شاملة تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي، خفض معدلات البطالة، وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام، مع التركيز على دعم الفئات الأكثر احتياجًا وحماية المجتمع من آثار الأزمات الاقتصادية.
آفاق الاقتصاد المصري
في ظل تداعيات الأزمات العالمية ومعدلات التضخم والفائدة العالية، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد المصري ليصل نحو 4.2% للعام المالي 2024/2025، مقابل تقديرات لنمو يصل الى 2.9% فى العام المالى 2023/2024، بعد تحقيق معدل نمو إيجابي قدره 3.8% في العام المالى 2022/2023، مع الأخذ في الاعتبار الأثر السلبي للأزمة الراهنة على الأداء الاقتصادي المصري خلال العام القادم فضلًا عن التباطؤ المحتمل لأداء بعض القطاعات في ظل الضغوط التضخمية التي يواجهها الاقتصاد المصرى.

تعمل الحكومة حاليًا على دعم جهود البنك المركزي المصري لخفض معدلات التضخم السنوية، بهدف الوصول إلى معدل مستهدف يبلغ 7% (± 2%)، وفقًا للأهداف المعلنة من البنك المركزي، وتعكس هذه الجهود التزام الدولة بمواجهة الاضطرابات الاقتصادية العالمية والاستمرار في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الشاملة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام يستفيد منه جميع المواطنين، كما تسعى الحكومة إلى خلق المزيد من فرص العمل، خاصة للشباب والنساء، مما يساهم في خفض معدلات البطالة بشكل مستمر.
ورغم الصدمات المتتالية التي تعرض لها الاقتصاد المصري والتباطؤ الذي شهده في بعض القطاعات، إلا أن معدلات البطالة واصلت التراجع، وهو ما يؤكد أن النمو المحقق ساهم في خلق فرص عمل حقيقية وبأعداد جيدة للراغبين في العمل، يُعد ذلك الهدف الأهم لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث يمثل توفير فرص عمل لائقة الوسيلة الأكثر كفاءة لتحسين دخول المواطنين، وأحد أفضل أدوات الحماية الاجتماعية من حيث الاستدامة والتأثير الإيجابي.
وعلى صعيد السياسة النقدية، قام البنك المركزي المصري مؤخرًا برفع أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس، ليصل متوسط الكوريدور إلى 27.75%، في إطار الجهود المبذولة للسيطرة على مستويات التضخم المرتفعة، ومع استمرار التوترات الاقتصادية والجيوسياسية وتباطؤ حركة التجارة العالمية، تشير التوقعات إلى تراجع معدل التضخم السنوي ليصل إلى 17.9% خلال العام المالي 2024/2025، مقارنة بالتقديرات التي بلغت 35.7% للعام المالي 2023/2024.
جهود الحكومة لدفع ومساندة النشاط الاقتصادي والحماية الإجتماعية
مع التغيرات العالمية الطارئة نتيجة الأزمات المتتالية والتوترات التي اندلعت بين روسيا وأوكرانيا والحرب في غزة والتي ترتب عليها ضغوطات تضخمية هائلة وتبعيات اقتصادية كبيرة على الاقتصاد العالمي وبالأخص الاقتصادات الناشئة استهدفت الحكومة مساندة كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق تعافي ونمو اقتصادي قوي ومستدام، حيث أعلنت وخصصت الحكومة حزم اجتماعية للتعامل مع الأوضاع الحالية متمثلة في مجموعة من حزم الإنفاق والدعم الاجتماعي لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، فقد تم إقرار الحزمة الأولى لمساندة القطاع الصحى في بداية أزمة فيروس كورونا في مارس 2020 ثم تلاها مجموعة من الحزم الاجتماعية حتى حزمة مارس 2024 وفقًا لما يلى:

- 100 مليار جنيه: الحزمة الأولى التي تم إقرارها لدعم القطاع الصحي والقطاعات المتأثرة من جائحة فيروس كورونا.
- 78 مليار جنيه: الحزمة الثانية التي أُقرت في أبريل 2022 لمواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية والتغيرات الاقتصادية.
- 67.5 مليار جنيه: الحزمة الثالثة التي تم إقرارها في سبتمبر ونوفمبر 2022 لدعم فئات المجتمع المختلفة لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة.
- 150 مليار جنيه: الحزمة الرابعة التي أُقرت في أبريل 2023 لدعم فئات المجتمع المختلفة في ظل الأزمة الاقتصادية واستيعاب زيادات الأسعار وارتفاع نفقات المعيشة.
- 180 مليار جنيه: الحزمة الخامسة التي تم اعتمادها في أكتوبر 2023 لدعم المجتمع في مواجهة التحديات الاقتصادية وزيادة تكاليف المعيشة.
- 60 مليار جنيه: الحزمة السادسة التي بدأ تنفيذها في مارس 2024 لمساندة فئات المجتمع المختلفة في التكيف مع الآثار الاقتصادية الناتجة عن زيادة الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة.
إصلاحات هيكلية تحت المجهر
تؤكد الإصلاحات الهيكلية الجارية والمستقبلية التزام الحكومة بتحقيق نمو اقتصادي مرتفع ومرن ومستدام، حيث من المتوقع أن يشهد معدل النمو ارتفاعًا تدريجيًا وإيجابيًا، مع تعزيز مرونة الاقتصاد ليكون أكثر توافقًا مع التحول الأخضر وقضايا النوع الاجتماعي، شاملًا جميع فئات المجتمع ومدفوعًا بأنشطة القطاع الخاص المتنوعة، ورغم التحديات التي واجهتها مصر مؤخرًا، بما في ذلك أزمة النقد الأجنبي وتأثيرها على القدرات المالية، نجحت الدولة في تبني وتنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية تشمل السياسة النقدية والمالية، بالإضافة إلى إصلاحات هيكلية تهدف إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتعزيز الموازنة العامة للدولة، ووضع الدين العام على مسار تنازلي مستدام.
وتتسق هذه الإصلاحات مع المستهدفات المالية المتفق عليها في إطار اتفاقية صندوق النقد الدولي، كما تهدف إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص وزيادة تنافسيته من خلال تقليص تدريجي لدور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتهيئة مناخ تنافسي عادل بين الشركات المملوكة للدولة ونظيراتها من الشركات الخاصة، سواء المحلية أو الأجنبية.

في السياق نفسه، تعمل الحكومة على خفض قيمة الاستثمارات الممولة من الخزانة العامة للحفاظ على الملاءة المالية، وتقليل معدلات التضخم، وتخفيف الضغط على العملة الأجنبية. وفي هذا الإطار، أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 241 لسنة 2024، الذي ينص على تباطؤ وتيرة تنفيذ المشروعات القومية التي لم تصل نسبة إنجازها إلى 70% أو التي تحتوي على مكون دولاري، بهدف تقليل تمويل استثمارات أجهزة الموازنة العامة خلال النصف الثاني من العام المالي 2023/2024.
ورغم هذه الإجراءات، من المتوقع أن ترتفع قيمة الاستثمارات المدرجة في مشروع موازنة العام المالي 2024/2025 بنسبة 48.5% مقارنة بالتقديرات المتوقعة للعام المالي الحالي 2023/2024، لتصل إلى نحو 495.8 مليار جنيه مقابل 334 مليار جنيه تقريبًا في العام المالي الحالي، ومع ذلك، فإن هذه الزيادة تأتي مدفوعة باستثمارات ممولة ذاتيًا، مما يعني عدم تأثيرها على عجز الخزانة أو حجم الاقتراض الحكومي.
ختامًا، رغم الضغوط الاقتصادية الناتجة عن الأوضاع العالمية، تُظهر مصر التزامًا واضحًا بتحقيق التعافي الاقتصادي من خلال سياسات متوازنة وإصلاحات هيكلية طويلة الأجل. تسعى الحكومة إلى تحقيق معدلات نمو مستدامة، تعزيز تنافسية الاقتصاد، وتقليل الأعباء على المواطنين، لتواصل مصر مسيرتها نحو اقتصاد أكثر استقرارًا وقدرة على مواجهة التحديات.
Short Url
"لا نحتاج لمصانع تقليدية"، إيلون ماسك ينفي تقرير تحالف تيسلا مع نيسان
22 فبراير 2025 11:07 ص
مصر ضمن أفضل 10 دول إفريقية بسرعة اتصال الإنترنت خلال 2024
21 فبراير 2025 10:00 م
وزارة البيئة: استثمارات ضخمة بقيمة 200 مليار دولار لتحسين جودة الهواء بالقاهرة الكبرى
21 فبراير 2025 05:38 م


أكثر الكلمات انتشاراً