الإثنين، 07 أبريل 2025

10:06 م

ثورة بحرية في السعودية.. سوق المأكولات البحرية يتحول إلى قوة اقتصادية صاعدة

الإثنين، 07 أبريل 2025 12:10 ص

 سوق المأكولات البحرية السعودي

سوق المأكولات البحرية السعودي

تحليل/كريم قنديل

تعد السعودية من أكبر الأسواق في منطقة الشرق الأوسط في مجال المأكولات البحرية، ويشهد هذا القطاع تحولات كبيرة بفضل رؤية 2030 التي تسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج المحلي، إذ يشهد السوق نموًا ملحوظًا من المتوقع أن يصل إلى 1.07 مليار دولار أمريكي في 2025، ليصل إلى 1.21 مليار دولار بحلول عام 2030، مع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 2.42% خلال الفترة التنبؤية (2025-2030).

الاستثمارات الحكومية.. العمود الفقري للقطاع

أحد أبرز العوامل التي تقف وراء النمو المستمر لهذا القطاع هو الدعم الحكومي القوي عبر برنامج تطوير الثروة السمكية الوطني (NFDP)، هذا البرنامج يهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي، وقد تم بالفعل تحقيق قفزات كبيرة في الإنتاج السعودي من المأكولات البحرية، حيث وصلت الكميات إلى 399.5 ألف طن متري في 2022، بزيادة 15 مليون طن مقارنة بعام 2018. 

الحكومة تسعى لتحقيق هدف طموح يتمثل في 600 ألف طن من الإنتاج بحلول 2030، وهو ما يعكس التزام المملكة بتعزيز استقلالها الغذائي من خلال الاستزراع المائي المتطور.

هذه المبادرات الحكومية تحفز تدفقات ضخمة من الاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث أعلن برنامج تطوير الثروة السمكية عن خطط لجذب استثمارات تقدر بـ 4 مليارات دولار، مما سيسهم في تحسين تقنيات الصيد المستدام وتعزيز القدرات الإنتاجية للقطاع.

الشراكات الاستراتيجية.. تعزيز الابتكار والإنتاج

القطاع يشهد أيضًا تناميًا في الشراكات الاستراتيجية التي تُسهم في دفع نمو السوقن على سبيل المثال في نوفمبر 2023، شكلت مجموعة الاستزراع المائي الوطنية (NAQUA) شراكة مع شركة الاستثمار الزراعي والحيواني (SALIC)، حيث استحوذت الأخيرة على 42.4% من أسهم NAQUA، هذه الشراكات تساهم في تعزيز قدرة القطاع على التوسع من خلال دمج الموارد والخبرات التكنولوجية الحديثة.

المأكولات البحرية الفاخرة

السياحة والطلب على المأكولات البحرية الفاخرة

مع الزيادة المطردة في عدد السياح الذين يزورون المملكة، حيث بلغ عددهم 18 مليون سائح في 2022، أصبح قطاع الضيافة في السعودية يعتمد بشكل أكبر على المأكولات البحرية، المطاعم الفاخرة والفنادق الفخمة توسع من قائمة عروضها لتشمل أنواعًا نادرة من المأكولات البحرية مثل الهيليبوت والهاماشي، التي أصبحت تُقدم في مطاعم ميشلان العالمية، مما يعكس زيادة الاهتمام بالعروض البحرية الفاخرة.

الطلب المتزايد من قبل السياح على المأكولات البحرية الفاخرة يعزز من توافر هذه المنتجات في المملكة ويؤدي إلى زيادة الابتكار في طرق تحضير وتقديم الأطباق البحرية، وهو ما يفتح المجال أمام أنماط جديدة من المأكولات البحرية، تشمل استخدام تقنيات الطهي الحديثة، وتقديم خيارات متنوعة من المأكولات البحرية العالمية.

التحولات في أنماط الاستهلاك.. من الطازج إلى المعالج

الذوق السعودي في المأكولات البحرية بدأ يشهد تحولاً ملحوظًا، حيث يفضل المستهلكون السعوديون المأكولات البحرية الطازجة، وهو ما يشكل 57.5% من إجمالي السوق في 2022. هذا النمو في الاستهلاك الطازج يعكس اهتمام السعوديين بالصحة والخيارات الغذائية الطبيعية. 

في الوقت نفسه، هناك تزايد في الطلب على المنتجات المعالجة والمجمدة نتيجة لزيادة الوعي بأهمية الراحة والسرعة في التحضير.

الجمبري

أسعار الجمبري.. توازن بين الاستدامة والطلب

الجمبري يعد من أكثر أنواع المأكولات البحرية التي شهدت نموًا ملحوظًا في السوق السعودي، مع الحفاظ على أسعار ثابتة نسبيًا في حدود 3.02 دولار للكيلو في 2022، أصبح الجمبري من أكثر المنتجات البحرية رواجًا بين المستهلكين السعوديين. يتم الآن إنتاج الجمبري على نطاق تجاري في منطقة تبوك باستخدام تقنيات حديثة صديقة للبيئة، مما جعل السعودية من أبرز اللاعبين في تصدير الجمبري في المنطقة.

تحقيق الاستدامة.. من الاستزراع إلى التصديق العالمي

من جهة أخرى، يظهر اتجاه متزايد نحو المأكولات البحرية المستدامة والمصادقة عليها من قبل جهات عالمية، في عام 2022، دخلت السعودية في قائمة أفضل 15 دولة في العالم من حيث شهادات ASC ل استزراع الجمبري، مما يعزز من التزام المملكة بتحقيق معايير الاستدامة في صناعتها الغذائية البحرية.

القطاع في مواجهة التحديات.. أسعار الطاقة والنقل

رغم الازدهار الذي يشهده القطاع، فإن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل كان له تأثير على الأسعار، إذ شهدت أسعار الأسماك زيادة قدرها 11.65% بين 2017 و2022، نتيجة لارتفاع تكاليف الطاقة والنقل. في هذا السياق، تستثمر الحكومة في تقنيات الاستزراع المائي الحديثة، مع تخصيص 80 مليون دولار من أجل البحث والتخطيط لتعزيز الإنتاج المحلي.

المأكولات البحرية

مستقبل القطاع.. الفرص والتحديات

في ظل هذه التطورات، يبدو أن مستقبل السوق السعودي للمأكولات البحرية واعد، الاستثمارات في التقنيات الحديثة، تحسين بنية التوزيع الباردة، و زيادة الوعي بالاستدامة ستكون عوامل رئيسية تؤثر في مستقبل القطاع.

ومع استمرار تطور السياحة وزيادة الاستهلاك المحلي، من المتوقع أن يظل السوق السعودي من أبرز أسواق المأكولات البحرية في المنطقة.

الشركات الكبرى مثل شركة السعودية للأسماك و مجموعة الاستزراع المائي الوطنية تعمل على توسيع شبكاتها وتقديم منتجات مبتكرة، بينما يبقى التحدي الأكبر في الحفاظ على استدامة الإنتاج ومواكبة التحولات في تفضيلات المستهلكين نحو المنتجات البحرية الصحية والمستدامة.

إن سوق المأكولات البحرية في السعودية ليس مجرد قطاع غذائي، بل أصبح حجر زاوية في استراتيجية الأمن الغذائي الوطني و التنمية الاقتصادية، كما يظهر جليًا في استراتيجيات الشراكات والتحالفات التي تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي، تحسين البنية التحتية، وتوسيع نطاق المنتجات المحلية إلى أسواق جديدة.

Short Url

showcase
showcase
search