الثلاثاء، 08 أبريل 2025

01:26 ص

"ثورة بدون ضجيج"، كيف غيّر الذكاء الاصطناعي مفهوم الوظيفة؟

الإثنين، 07 أبريل 2025 09:22 م

الذكاء الاصطناعي وسوق العمل

الذكاء الاصطناعي وسوق العمل

كتب/كريم قنديل

هل تتخيل أن الموظف الجديد في شركتك ليس إنسانًا، بل مساعدًا رقميًا يعمل جنبًا إلى جنب معك، ويعزز إنتاجيتك، ويشاركك التفكير، بل ويقترح حلولًا؟ هذا هو الواقع الجديد، الذي يرسم ملامحه الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رؤية واضحة قدمها "Jared Spataro،" مدير التسويق للذكاء الاصطناعي في العمل بشركة مايكروسوفت Microsoft، نرى كيف لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل أصبح شريكًا في العمل، يُعيد تشكيل مفاهيم الإدارة، والإبداع، والقيادة.

الذكاء الاصطناعي

من أداة إلى زميل، الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف الإنتاجية

ولسنوات، كانت التقنية تُستخدم لتنفيذ المهام، لكن مع الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل Copilot، تحول دور التقنية من تنفيذ الأوامر، إلى التعاون على الإنشاء، وهذا التحول يعني أن الموظف، لم يعد يعمل بمفرده، بل مع فريق من مندوبي الذكاء الاصطناعي، يديرهم ويفوض إليهم المهام.

النتيجة الاقتصادية؟ ارتفاع في كفاءة العمل، وتوفير في الوقت، وخلق فرص لإعادة توجيه الموارد، نحو مهامٍ أكثرَ استراتيجية وإبداعًا.

ديمقراطية المهارات، كل شخص يمكن أن يصبح محللًا أو مصممًا

الذكاء الاصطناعي لا يميز بين خريج جديد ومدير مخضرم، الكل أصبح قادرًا على أداء مهامٍ معقدةٍ من تحليل البيانات، لتصميم العروض التقديمية فقط، باستخدام أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهذا يعيد توزيع القيمة الاقتصادية داخل المؤسسات، ويخلق بيئة أكثر تكافؤًا، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي، المعادل الكبير الذي يفتح أبواب الفرص، حتى أمام المبتدئين.

الذكاء الاصطناعي وسوق العمل

 

جيل الذكاء الاصطناعي يدخل سوق العمل

وأشار Spataro، إلى دخول جيل جديد من خريجي الذكاء الاصطناعي إلى سوق العمل، مزودين بفهم أصلي لطبيعة التعاون مع أدوات الذكاء الاصطناعي، وهؤلاء الشباب لا يحتاجون لتدريبٍ طويلٍ أو تعديلٍ في العقليات، وهم مستعدون منذ اليوم الأول.

اقتصاديًا، هذا يعني:

  • دورة إنتاج أقصر.
  • تكلفة تدريب أقل.
  • مرونة أكبر في التوظيف.
  • مزايا تنافسية للشركات التي تستقطب هذا الجيل مبكرًا.

 

الثقة، العملة الجديدة في اقتصاد الذكاء الاصطناعي

ولا يمكن أن يتحقق هذا التحول الجذري في عالم الذكاء الاصطناعي، دون عنصر جوهري مثل:- (الثقة، ثقة في الأداة، في البيانات، وفي النتائج التي تقدمها).

وترى شركة Microsoft، أن بناء هذه الثقة، يبدأ من ثلاث ركائز أساسية:- (التعليم، والتجربة، وضمان الخصوصية والأمان)، فالمؤسسات التي تستطيع خلق بيئة موثوقة لتوظيف الذكاء الاصطناعي، هي ذاتها التي ستنجح في تعظيم القيمة الاقتصادية منه.

الروبوتات

 

من إدخال الأوامر إلى الإنشاء المشترك

ولم يعد الذكاء الاصطناعي، مجرد أداة تتلقى التعليمات وتُنتج النتائج، بل بات شريكًا في الحوار، يقترح الحلول، يراجع، يتعلم ويتطور مع المستخدم، والنتيجة نموذج عمل جديد أكثر إنسانية، وأكثر قدرة على توليد القيمة، حيث لم نعد نتحدث عن تنفيذ أوامر، بل عن توليد أفكار بشكل تشاركي بين الإنسان والآلة.

ووسط الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم، يقف الذكاء الاصطناعي التوليدي، على أعتاب ثورة صناعية جديدة، واعدًا بفتح آفاق اقتصادية هائلة، لكنها تفرض في المقابل مسؤوليات ضخمة على المؤسسات والحكومات والمستخدمين.

شركة مايكروسوفت، تلخص هذا المشهد بدقة في رؤيتها لما يُعرف بـالذكاء الاصطناعي الموثوق به، في إطار ثلاثي الأبعاد يرتكز على السلامة، والأمان، والخصوصية، وهذا الإطار، لا يُعنى فقط بأخلاقيات التكنولوجيا، بل يرسم خريطة اقتصادية دقيقة، لكيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، دون التورط في تكلفة الفوضى.

 

الموثوقية، العملة الجديدة في اقتصاد الذكاء الاصطناعي

وفي الأسواق، الثقة تعادل رأس المال، فالمؤسسة التي تطور ذكاءًا اصطناعيًا، لا يُمكن التنبؤ به أو يتسرب منه بيانات، تُجازف بخسارة العملاء، والأسواق، وربما المستثمرون، فوفقًا لدراسة ISMG، شملت المخاطر الرئيسية:-

  • تسرب البيانات الحساسة.
  • خرق الخصوصية.
  • المحتوى غير الدقيق أو المتحيز.
  • الهجمات السيبرانية المعززة بالذكاء الاصطناعي.

أصبحت الشركات غير المستعدة لهذه التحديات في تحدي مواجهة الخسارة أكثر من الربح، وعلى العكس، فإن المؤسسات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق، تبني ميزة تنافسية طويلة الأجل.

شعار شركة مايكروسوفت
شركة مايكروسوفت

 

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد خيارًا بل الوحيد المتاح

وفي جملة صادمة قالها Juan Lavista Ferres، من مايكروسوفت: "في بعض الحالات، لا يعد الذكاء الاصطناعي مجرد حل، وهذا هو الحل الوحيد الذي لدينا، فالعبارة تعكس واقعًا اقتصاديًا جديدًا في بعض القطاعات، خاصة ذات الموارد المحدودة، والذكاء الاصطناعي هو السبيل الوحيد لتقديم الخدمة أو تطويرها.

 

مثال واقعي “كينيا”

في كينيا، واجه الصليب الأحمر نقصًا حادًا في خدمات الصحة النفسية، فبدلًا من انتظار موازنات حكومية أو توسعات بشرية، استخدموا روبوت محادثة ذكيًا مبنيًا على Azure AI، لسد الفجوة في تقديم الدعم النفسي.

  • تكلفة منخفضة نسبيًا للتشغيل.
  • قابلية التوسع دون توظيف بشري إضافي.
  • إمكانية الوصول إلى شرائح أكبر من السكان في وقت أقل.

هذا المثال، يوضح أن الذكاء الاصطناعي، ليس فقط أداة لتحسين الكفاءة، بل لحل أزمات تنموية في بلدان نامية.

الذكاء الاصطناعي

 

الخصوصية، الاستثمار في الثقة لحماية القيمة

وفي عصر البيانات، كل تسرب معلوماتي يمكن أن يترجم إلى خسائر بملايين الدولارات، حيث ترى شركة مايكروسوفت أن حماية البيانات طوال دورة حياة التطبيق، هي عامل جوهري للحفاظ على ثقة العملاء، وتجنب الاصطدام بالتنظيمات القانونية العالمية، مثل GDPR في أوروبا، أو قوانين حماية الخصوصية الأميركية.

كما أن الشركات التي تُخفق في حماية الخصوصية، تواجه غرامات وتعويضات ضخمة، لكن الشركات التي تُظهر شفافية وتحكُّمًا في بياناتها تجذب المستثمرين والعملاء على حد سواء.

 

الأمان، الدرع الخفي للابتكار

ومع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي، تزداد شراسة الهجمات السيبرانية، فالقراصنة بدورهم أصبحوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتطوير هجماتهم، ما يفرض على الشركات الاستثمار في بنى تحتية أمنية متطورة، لكن هنا تكمن المفارقة الاقتصادية، وتكلفة الأمان مرتفعة، لكنها أقل بكثير من تكلفة الاختراق.

الروبوتات والعملية الإنتاجية

 

الذكاء الاصطناعي لا يُهدد الوظائف، بل يُعيد تشكيلها

ويفتح الذكاء الاصطناعي التوليدي، أبوابًا جديدة لفهم معنى العمل، فهو يُحرر الإنسان من المهام الروتينية، ويدفعه للتركيز على الإبداع، والتحليل، والتخطيط، ونحن نعيش لحظة تحول هيكلي في سوق العمل العالمي، والمؤسسات التي ستتبنى الذكاء الاصطناعي ليس فقط كأداة، بل كزميل في فريق العمل، ستكون في طليعة الاقتصاد الرقمي الجديد.

Short Url

showcase
showcase
search