السعودية تعيد رسم خارطة الاستثمار العقاري وسط زخم غير مسبوق

الأربعاء، 02 أبريل 2025 02:26 م

القطاع العقاري

تحليل/ ميرنا البكري

مشروعات عملاقة تضع المملكة على خريطة البناء العالمية

يشهد القطاع العقاري في السعودية نهضة غير مسبوقة مدفوعة برؤية طموحة، تهدف إلى تحديث البنية التحتية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، مما يعزز مكانة المملكة كأحد أكبر الأسواق العقارية عالميًا. مع اقتراب نهاية العقد الحالي، تتسارع وتيرة تنفيذ المشروعات الكبرى، حيث من المتوقع تسليم 660 ألف وحدة سكنية، و320 ألف غرفة فندقية، وأكثر من 5.3 مليون متر مربع من المساحات التجارية، إلى جانب تطوير مساحات مكتبية ضخمة.

وبحسب تقديرات "نايت فرانك"، فإن قيمة المشاريع العقارية قيد الإنشاء في المملكة بلغت 141.5 مليار دولار في نهاية 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 181.5 مليار دولار بحلول 2028، مما يعزز مكانتها كأكبر سوق للبناء في العالم.

هذا النمو الهائل انعكس أيضًا على السوق العقارية ككل، حيث يُتوقع أن تصل قيمتها إلى 2.27 تريليون دولار خلال 2024، مما يجعلها الأعلى بين الأسواق العربية، وفقًا لموقع "ستاتيستا".

الاستثمارات الحكومية تقود طفرة التطوير العقاري

تشكل الاستثمارات الحكومية العمود الفقري لنمو القطاع العقاري في السعودية، حيث تجاوزت قيمة المشروعات التي أطلقتها الدولة منذ 2016 حاجز 1.25 تريليون دولار. وتستهدف هذه الاستثمارات تنفيذ مدن مستقبلية ضخمة مثل:

مدينة "ذا لاين" في نيوم، التي تعد من أكثر المشروعات طموحًا في العالم.

مشروع “القدية”، الوجهة الترفيهية الأكبر في المنطقة.

مشروعات البحر الأحمر السياحية، التي تسعى لجعل السعودية مركزًا عالميًا للسياحة الفاخرة.

مدينة "روشن" السكنية، التي تطورها إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة.

مشروع تطوير الدرعية، الذي يهدف إلى إحياء التراث العمراني وتحويله إلى وجهة سياحية وثقافية عالمية.

ارتفاع الأسعار والإيجارات يجذب المستثمرين الأجانب

مع هذا التوسع الكبير، ارتفعت أسعار العقارات والإيجارات في المملكة، مما جعل السوق أكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية. المستثمرون الإقليميون والدوليون يتهافتون على فرص الدخول إلى السوق السعودية، مستفيدين من الزخم الحكومي والطلب المتزايد على العقارات السكنية والتجارية والفندقية.

تسهيلات تشريعية لتعزيز الجاذبية الاستثمارية

لم يكن النمو العقاري مدفوعًا بالاستثمارات وحدها، بل جاء مدعومًا بسلسلة من الإصلاحات والتسهيلات التي أطلقتها الحكومة لتعزيز الشفافية والكفاءة في السوق، من أبرزها:

إتاحة المعاملات العقارية إلكترونيًا لتسهيل الإجراءات على المستثمرين.

تعديلات على ضريبة التصرفات العقارية، والتي من المتوقع أن تحفّز السوق بداية من النصف الأول من 2025.

إطلاق البورصة العقارية، التي تتيح للمستثمرين تداول العقارات من خلال البيع والشراء المباشر أو عبر العروض والطلبات الحرة، مما يزيد من سيولة السوق ويعزز الشفافية.

الشركات المصرية تتوسع في السوق السعودية

شهدت الفترة الماضية دخول عدد من كبار المطورين العقاريين المصريين إلى السوق السعودية، في خطوة تعكس الفرص الاستثمارية الضخمة التي توفرها المملكة. ومن بين أبرز المشاريع:

مشروع "بنان" في الرياض، الذي تطوره "مجموعة طلعت مصطفى" المصرية بالشراكة مع "الشركة الوطنية للإسكان"، باستثمارات تصل إلى 8.5 مليار دولار.

استثمارات شركة "حسن علام"، التي تخطط لإضافة مشاريع بقيمة نصف مليار دولار لمحفظتها في السعودية.

تحالف "كونكريت بلس" مع "زهران القابضة"، لإطلاق مشروع عقاري متنوع الاستخدامات بقيمة 2 مليار ريال.

استثمارات سميح ساويرس، وماونتن فيو، وصبور، وتطوير مصر، التي تبحث جميعها عن توسيع حضورها في المملكة.

الشركات العالمية تستهدف التمويل العقاري السعودي

إلى جانب المطورين الإقليميين، بدأت شركات دولية دخول السوق السعودية، مستفيدة من الفرص الاستثمارية المتاحة. ومن الأمثلة البارزة:

شركة "فلو" الأميركية (Flow)، التي أنشأت كيانًا لتطوير العقارات السكنية في السعودية، وتعمل على تطوير ثلاثة مبانٍ سكنية في الرياض تضم 920 وحدة.

التحديات التي تواجه طفرة الاستثمار العقاري

رغم الزخم القوي الذي يشهده السوق، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تؤثر على نمو القطاع، ومنها:

التكاليف المرتفعة لمواد البناء، التي قد تؤدي إلى تأخيرات في تسليم المشاريع.

ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات، مما قد يزيد من التكاليف التشغيلية للمطورين والمستثمرين.

تحديات العمالة والمهارات، حيث يتطلب حجم المشروعات الضخم قوى عاملة مدربة ومتخصصة في مجالات التشييد والبناء المتطور.
السعودية في طريقها لتكون مركزًا عالميًا للعقار

مع استمرار تنفيذ المشاريع العملاقة، واستقطاب الاستثمارات الضخمة، وتقديم التسهيلات التشريعية، تتجه السعودية بخطى ثابتة نحو أن تصبح واحدة من أكبر وأهم الأسواق العقارية في العالم.

Short Url

أخبار متعلقة