الأربعاء، 26 مارس 2025

01:02 ص

«البورصة التركية تنتفض» هل تنجح التدخلات الحكومية في تهدئة العاصفة؟

الثلاثاء، 25 مارس 2025 03:42 م

البورصة التركية

البورصة التركية

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

شهدت البورصة التركية في الأيام الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا، حيث واصلت تحقيق المكاسب للجلسة الثانية على التوالي، محققة زيادة بنسبة 4% ليصل مؤشرها إلى 9866 نقطة. 

هذا التحسن في السوق جاء في وقت عصيب بعد انخفاضات حادة شهدتها البورصة التركية خلال الأيام السابقة، التي تزامنت مع تصاعد التوترات السياسية في البلاد، عقب قرار المحكمة التركية بحبس أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، بتهم فساد. 

هذه التحولات السياسية أثرت بشكل ملحوظ على الأسواق التركية، إلا أن تدخلات الحكومة والبنك المركزي كانت حاسمة في إرساء الاستقرار.

Picture background

تأثير الأزمة السياسية على الأسواق التركية

مباشرة بعد الحكم بحبس إمام أوغلو، أحد أبرز الشخصيات السياسية المعارضة للرئيس رجب طيب أردوغان، دخلت الأسواق التركية في حالة من الاضطراب. 

حيث شهدت الليرة التركية انخفاضًا حادًا، وتراجعًا في الأسهم والسندات، ما أثر سلبًا على التوقعات الاقتصادية للمستقبل. 

تزامن ذلك مع مظاهرات واحتجاجات شعبية واسعة، ما دفع العديد من المحللين إلى تساؤل حول إمكانية تأثير الاضطرابات السياسية على السياسة الاقتصادية في تركيا.

Picture background

التدخلات الحكومية والبنك المركزي

في ضوء هذه التقلبات السياسية والاقتصادية، قامت الحكومة التركية بعدد من الإجراءات التي تهدف إلى تثبيت السوق والحفاظ على استقرار الاقتصاد. 

كان من بين هذه الإجراءات قرار هيئة أسواق المال التركية بحظر عمليات البيع على المكشوف، بالإضافة إلى تخفيف القيود المفروضة على إعادة شراء الأسهم ومتطلبات نسب حقوق المساهمين إلى صافي الأصول حتى 25 أبريل المقبل. 

هذه الخطوات كانت تهدف إلى تقليل الضغوط على الأسواق وتخفيف موجة البيع التي اجتاحت البورصة التركية في الفترة الأخيرة.

من جهة أخرى، تدخل البنك المركزي التركي بشكل كبير في سوق الصرف الأجنبي حيث ضخ 11.2 مليار دولار في 19 مارس، وفقًا لتقديرات "بلومبرج إيكونوميكس"، ما يُظهر رغبة الحكومة في استعادة الثقة في الليرة التركية وتخفيف ضغط تقلبات السوق. 

كما قام البنك المركزي برفع سعر الفائدة لليلة واحدة بشكل مفاجئ في خطوة تهدف إلى احتواء تداعيات الأزمة السياسية وضبط سوق العملات.

مؤشرات التعافي والنظرة المستقبلية

على الرغم من الأزمات السياسية التي عصفت بالبورصة التركية، إلا أن الأسواق شهدت مؤشرات على التعافي، فقد ارتفعت السندات السيادية التركية المستحقة في مايو 2047 بنحو 0.6 سنت على الدولار، ما يعكس تزايد التفاؤل بأن الاضطرابات السياسية في تركيا لن تؤثر بشكل كبير على مسار السياسات الاقتصادية، وأن الحكومة ستتمكن من التغلب على هذه التحديات. 

وفي الوقت نفسه، تراجعت مقايضات التخلف عن السداد بمقدار 17 نقطة أساس، ما يعكس تحسنًا في الثقة السوقية في قدرة تركيا على الوفاء بالتزاماتها المالية.

Picture background

الإجراءات الإضافية للتخفيف من التوترات الاقتصادية

على الرغم من التحسن النسبي الذي شهدته الأسواق، لا تزال السلطات التركية تدرس اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد المحلي وتهدئة التوترات التي يعاني منها السوق. 

ومن بين هذه التدابير المقترحة خفض ضريبة الاستقطاع على الودائع بالليرة التركية، وهو إجراء يهدف إلى دعم العملة المحلية في مواجهة الدولار الأمريكي والعملات الأخرى. 

هذه الخطوة تهدف إلى تشجيع السكان المحليين على الاحتفاظ بمدخراتهم بالليرة بدلًا من تحويلها إلى العملات الأجنبية، مما يعزز من استقرار العملة المحلية.

التوقعات المستقبلية

رغم التحسن الذي شهدته بورصة إسطنبول في الجلسات الأخيرة، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، فالأزمة السياسية لم تنته بعد، والأحداث المستقبلية قد تحمل مفاجآت جديدة. 

ومع استمرار الاحتجاجات الشعبية والانتقادات الدولية، قد تستمر الضغوط على الأسواق التركية، ما يضع الحكومة في موقف حساس يتطلب توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي.

ومع ذلك، يبقى التفاؤل في قدرة الحكومة التركية على تجاوز هذه الأزمة وتعزيز استقرار الاقتصاد المحلي، كما إن التحركات الأخيرة من البنك المركزي، مثل ضخ الأموال ورفع سعر الفائدة، قد تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي على المدى القصير. 

إلا أن النجاح في تعزيز الثقة في الاقتصاد التركي يعتمد على الاستقرار السياسي والتكامل بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

Picture background

ختامًا: رغم التحديات السياسية الكبرى التي تواجهها تركيا، إلا أن الأسواق التركية أثبتت قدرتها على التكيف مع الأزمات من خلال تدخلات حكومية فعالة. 

وبفضل الإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي وهيئة أسواق المال، بدأت الأسواق التركية في التعافي من انخفاضاتها السابقة. 

ومع ذلك، تبقى التوقعات المستقبلية مرهونة بقدرة الحكومة على الحفاظ على الاستقرار السياسي، وهو ما سيحدد إلى حد كبير مسار الاقتصاد التركي في الأشهر القادمة.

Short Url

search