تراجع أسعار الغاز الأوروبي، هل تمهد المحادثات الأمريكية الروسية الطريق لاستئناف الإمدادات؟

الثلاثاء، 25 مارس 2025 11:44 ص

الغاز

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أسواق أوروبا انخفاضًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة، وذلك في ظل ترقب المتداولين والمهتمين بالقطاع للطابع الإيجابي الذي قد تحمله المحادثات الأخيرة بين مسؤولين أمريكيين وروس في السعودية.

هذه المحادثات التي استمرت لمدة 12 ساعة ناقشت عدة قضايا مهمة، في مقدمتها موضوع سلامة الملاحة في البحر الأسود، مما ألهم المتداولين في أسواق الغاز للتكهن بأن هذه المحادثات قد تمهد الطريق لإمكانية استئناف جزء من إمدادات الغاز الروسي إلى القارة الأوروبية.

هذا التراجع في الأسعار يحدث وسط تزايد المخاوف الأوروبية بشأن إمكانية تعطل إمدادات الغاز، مما يفرض تداعيات كبيرة على أسواق الطاقة الأوروبية.

تأثير المحادثات الأميركية الروسية على سوق الغاز

أثارت المحادثات بين المسؤولين الأمريكيين والروس حول موضوعات حساسة مثل سلامة الملاحة في البحر الأسود اهتمامًا واسعًا في أسواق الغاز الأوروبية.

وفقًا لوكالة الأنباء الروسية "تاس"، من المتوقع أن يصدر الجانبان بيانًا مشتركًا حول نتائج المحادثات، ما يضيف عنصر التشويق والتوقعات إلى السوق.

وفي الوقت الذي يترقب فيه المتداولون الإعلان الرسمي، تبقى الأسواق في حالة من عدم اليقين بخصوص ما ستؤول إليه هذه المحادثات، خصوصا أن هناك تكهنات بأن التوصل إلى هدنة في الصراع القائم في أوكرانيا قد يمهد الطريق لاستئناف جزئي لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.

يعتبر الغاز الروسي أحد المصادر الأساسية لتوريد الطاقة إلى القارة الأوروبية، وفي حال تم تحقيق تقدم حقيقي في المحادثات بين واشنطن وموسكو، قد يساهم ذلك في تخفيف الضغط عن سوق الغاز الذي يعاني من انخفاض الإمدادات والارتفاعات المتزايدة في الأسعار.

وفي الوقت الحالي، تظل أسعار الغاز في أوروبا تحت ضغط مستمر، حيث تتأثر بشكل مباشر بالمخاوف السياسية والاقتصادية التي تحيط بالمنطقة.

تراجع الأسعار في سياق أزمة الطاقة الأوروبية

على الرغم من تراجع الأسعار في الآونة الأخيرة، إلا أن هذا التحسن قد يكون مؤقتًا، وفي الحقيقة، فإن أسعار الغاز في أوروبا كانت قد شهدت زيادات حادة خلال الشهور الماضية بسبب العوامل الجيوسياسية والاقتصادية المعقدة، بما في ذلك توقف تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا في بداية العام.

وجاء هذا التوقف نتيجة لانتهاء اتفاقية العبور بين موسكو وكييف، ما ترك أوروبا في مواجهة إمدادات محدودة من الغاز الروسي، وهو ما ساهم في زيادة الأسعار بشكل حاد.

الأسواق الأوروبية كانت قد أنهت موسم الشتاء بمخزونات أقل من المعتاد لهذا الوقت من العام في الوقت الذي يشير فيه البعض إلى أن السوق قد يواجه صعوبة في موسم التخزين المقبل بسبب انخفاض الإمدادات وارتفاع الأسعار.

هذا الوضع يضع ضغطًا على أوروبا، ويجعلها أمام تحديات كبيرة في تأمين الغاز اللازم للمستهلكين الصناعيين والأفراد على حد سواء.

التحديات في تخزين الغاز واستعدادات الصيف

تعتبر فترة الصيف من الفترات الحاسمة لتخزين الغاز استعدادًا لفصل الشتاء المقبل، ومع ذلك، تشير التوقعات إلى غياب الحوافز السوقية لضخ الغاز في مرافق التخزين خلال الأشهر القادمة.

في هذه المرحلة، تتزايد المخاوف من أن تكون وتيرة التخزين بطيئة جدًا، خاصة مع الانخفاض المستمر في الأسعار مقارنة بالفترات السابقة.

يراقب المتداولون باهتمام تطورات الأسعار، إذ من المحتمل أن تحدث تصحيحات في الأسعار أو زيادة في المعروض من الغاز، مما قد يؤثر في النهاية على قرارات التخزين في السوق الأوروبية.

إن تراجع أسعار الغاز الهولندي القياسي بنسبة 1.0% ليصل إلى 42.30 يورو لكل ميجاوات في الساعة يعد مؤشرًا على هذه الاضطرابات.

وعلى الرغم من تراجع الأسعار، لا يزال هناك تساؤل حول قدرة السوق على التكيف مع هذه المتغيرات من حيث توفير احتياجات الشتاء المقبل.

النظرة المستقبلية لسوق الغاز في أوروبا

من المتوقع أن تظل أسواق الغاز في أوروبا تحت تأثير التطورات السياسية والاقتصادية العالمية، خاصةً فيما يتعلق بعلاقاتها مع روسيا وأمريكا.

المحادثات الأخيرة تمثل نقطة تحول محتملة قد تفتح الطريق أمام استئناف إمدادات الغاز الروسي إلى القارة الأوروبية، وهو ما من شأنه أن يساهم في تخفيف أزمة الطاقة الحالية.

ومع ذلك، تظل هناك العديد من المخاطر التي تهدد استقرار أسعار الغاز في المستقبل، بما في ذلك عدم استقرار السوق العالمية والتوترات الجيوسياسية المستمرة، كما إن التحديات في عمليات التخزين قد تزداد تعقيدًا في حال استمر الوضع الحالي من انخفاض المخزونات.

ختامًا: إن التحركات السياسية، لا سيما المحادثات بين أمريكا وروسيا، قد يكون لها دور كبير في تحديد اتجاه أسعار الغاز في المستقبل.

إلا أن أسواق الغاز الأوروبية ستظل بحاجة إلى استراتيجيات طويلة المدى لضمان استقرار الإمدادات والأسعار في المدى البعيد، مع التوقعات بأن يكون لموسم التخزين المقبل دور حاسم في تشكيل الصورة المستقبلية للسوق.

Short Url

أخبار متعلقة