الجمعة، 21 مارس 2025

02:54 ص

«تركيا تحت الضغط» الليرة تتراجع وفوائد الاقتراض ترتفع لأعلى مستوى في عامين

الخميس، 20 مارس 2025 01:25 م

الليرة التركية

الليرة التركية

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

شهدت تكلفة اقتراض الليرة التركية ارتفاعًا حادًا إلى أعلى مستوياتها في عامين بعد اندلاع أزمة سياسية جديدة في تركيا، نتيجة احتجاز السلطات التركية للمنافس السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، بتهم فساد. 

هذه التطورات قد تثير المزيد من المخاوف حول الاستقرار السياسي في البلاد وتأثير ذلك على الاقتصاد التركي، وهو ما ينعكس بدوره على الأسواق المالية.

ارتفاع تكلفة اقتراض الليرة التركية

ارتفعت تكلفة اقتراض الليرة التركية في السوق الخارجية بشكل حاد، حيث سجلت عوائد العقود الآجلة الخارجية ليوم واحد 175%، وهو أعلى مستوى في عامين. 

في المقابل، كانت هذه العوائد أقل من 38% قبل اندلاع الاضطرابات السياسية في تركيا، ويشير هذا الارتفاع الكبير في تكلفة الاقتراض إلى زيادة المخاوف بين المستثمرين بشأن الاستقرار الاقتصادي والسياسي في تركيا، ما يساهم في رفع المخاطر المرتبطة بالاستثمار في البلاد.

الاحتجاز السياسي وتأثيره على الأسواق

تمثل حملة الاحتجاز التي طالت عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، واحدة من أبرز التصعيدات السياسية في تركيا خلال الآونة الأخيرة. 

يعتبر إمام أوغلو المنافس السياسي الأبرز لأردوغان، مما يجعل اعتقاله خطوة مثيرة للجدل في ظل تصاعد الاحتجاجات من قبل المعارضة. 

هذا الاحتجاز يعكس تصاعد الحملة السياسية من جانب أردوغان ضد منتقديه، ما يثير القلق بشأن التضييق على حرية التعبير والمعارضة. 

كما إن هذا النوع من التطورات السياسية له تأثير كبير على الأسواق، حيث سجلت الأصول التركية أكبر انخفاض لها في يوم الاحتجاز.

انخفاض قيمة الليرة التركية

في ضوء الاحتجاز وتزايد القلق السياسي، تراجعت قيمة الليرة التركية بنسبة 0.3% إلى 37.9 مقابل الدولار، بعد انخفاض حاد بلغ 3.2% في اليوم السابق. 

هذا الهبوط يعكس فقدان الثقة في العملة التركية، والتي شهدت أيضًا انخفاضًا مستمرًا على مدار الفترة الأخيرة، كما إن العقود المستقبلية لمؤشر بورصة "إسطنبول 30" تراجعت بنسبة 0.4%، مما يشير إلى ضغط البيع على الأسهم التركية، حيث تواصل الأسواق التصحيح بسبب القلق السياسي والاقتصادي.

دعم الحكومة لليرة

رغم هذا الانخفاض الحاد في قيمة الليرة، أظهرت السلطات التركية بعض الجهود لدعم العملة، حيث أعلنت عن إنفاق نحو 9 مليارات دولار لدعم الليرة التركية في الفترة الأخيرة. 

إلا أن هذه الجهود لم تؤثر بشكل كبير على استقرار العملة، وهو ما يعكس صعوبة الوضع المالي في تركيا في ظل تقلبات السوق المتزايدة. 

ورغم ذلك، أظهرت العملة بعض علامات الاستقرار، حيث يراهن المستثمرون على أن مخاطر تغيير السياسات الاقتصادية، مثل السياسة النقدية المتشددة، لا تزال محدودة.

تأثير المخاطر السياسية على الاستثمارات

تعتبر المخاطر السياسية من أبرز العوامل التي تؤثر على الاستثمارات في تركيا، ووفقًا لتوقعات كليمنس جرافه، الخبير الاقتصادي في "جولدمان ساكس"، فإن ضغط البيع الإضافي من المستثمرين الأجانب سيكون "محدودًا" في الوقت الراهن.

حيث إن مراكز المستثمرين الأجانب في تركيا ما زالت تقتصر على استثمارات قصيرة الأجل في منحنيات العائد، وعلى الرغم من ارتفاع مراكز المستثمرين الأجانب في السوق التركي، يتوقع جرافه أن يبقى تقييم المخاطر السياسية مرتفعًا، ما يمنع إعادة بناء هذه المراكز الاستثمارية طويلة الأجل بشكل سريع.

الآفاق المستقبلية للأسواق التركية

يبدو أن الأسواق التركية ستظل تحت ضغط في الفترة القادمة، خاصة في ظل تزايد المخاوف السياسية، ومن المتوقع أن يظل تقييم المخاطر في السوق مرتفعًا، مما سيؤثر سلبًا على تدفقات الاستثمارات الأجنبية في الأمد القريب. 

وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن تواصل الحكومة التركية محاولاتها لدعم الليرة من خلال سياسات نقدية مكثفة، لكن هذا قد يظل غير كافٍ لاستعادة الثقة الكاملة في الأسواق.

ختامًا: ترتبط الأزمة السياسية الأخيرة في تركيا بارتفاع حاد في تكلفة اقتراض الليرة، وهو ما يعكس التوترات السياسية المتزايدة في البلاد. 

كما تساهم هذه التوترات في زيادة المخاطر على الاستثمار في تركيا، مما يضغط على العملة التركية والأسواق المالية بشكل عام. 

كما إن ردود الأفعال الحكومية، بما في ذلك محاولات دعم الليرة، لن تكون كافية في ظل استمرار المخاوف بشأن الاستقرار السياسي في البلاد، حيث يبقى المستثمرون في حالة ترقب، في انتظار تطورات جديدة قد تؤثر بشكل كبير على الأسواق التركية.

Short Url

showcase
showcase
search