الجمعة، 21 مارس 2025

06:39 م

الفيدرالي الأمريكي يثبت أسعار الفائدة ويشير إلى خفض محتمل في 2025

الخميس، 20 مارس 2025 12:55 ص

جيروم باول

جيروم باول

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) في اجتماعه الأخير عن إبقاء أسعار الفائدة عند نطاق مستهدف يتراوح بين 4.25% و4.5%، وهو القرار الذي جاء متوافقًا مع توقعات الأسواق المالية والمراقبين الاقتصاديين. 

ويعد هذا القرار الثاني على التوالي الذي يحافظ فيه الفيدرالي على سعر الفائدة دون تغيير، مما يعكس تحركاته المدروسة في مواجهة العديد من التحديات الاقتصادية. 

في هذا التحليل، سنستعرض دوافع القرار، تداعياته على الاقتصاد الأمريكي، وأثره على الأسواق المالية والمستقبل الاقتصادي في الولايات المتحدة.

القرار الفيدرالي

حافظ الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة عند المستوى الحالي بعد سلسلة من الرفع المتتالي لأسعار الفائدة خلال العامين الماضيين، في محاولة للحد من التضخم الذي كان قد بلغ مستويات مرتفعة. 

في سبتمبر 2024، كانت أسعار الفائدة قد وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 20 عامًا، حيث تراوحت بين 5.25% و5.5%. 

وعليه، يُظهر قرار الفيدرالي الأخير أن البنك المركزي يسعى إلى توازن بين مكافحة التضخم والحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي في ظل حالة من عدم اليقين المستمرة.

من خلال ما يعرف بـ "مخطط النقاط"، يتوقع الفيدرالي أن يكون المعدل المستهدف للفائدة بحلول نهاية 2025 حوالي 3.88%، مما يعني خفضًا مرتقبًا بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام. 

هذا التوقع يعكس رغبته في تقديم إشارات استباقية حول التحولات المحتملة في السياسة النقدية الأمريكية في ضوء التطورات الاقتصادية.

التضخم والنمو الاقتصادي

أحد أبرز التوقعات التي قدمها الفيدرالي تتعلق بتقديرات التضخم والنمو الاقتصادي، فقد رفع الفيدرالي توقعاته للتضخم الأساسي (الذي يستثني الغذاء والطاقة) إلى 2.8% مقارنة بتوقعات سابقة عند 2.5%. 

كما قام بخفض تقديراته للنمو الاقتصادي الأمريكي للعام 2025 إلى 1.7% بدلًا من 2.1%، فهذه التعديلات تعكس قلق الفيدرالي من تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي في المستقبل القريب نتيجة لتحديات اقتصادية متعددة، أهمها ارتفاع الأسعار والمشاكل الهيكلية التي قد تؤثر على الطلب المحلي والعالمي.

البطالة والتوظيف

من جهة أخرى، استمر معدل البطالة في الولايات المتحدة في التراجع عند مستويات منخفضة نسبيًا، مما يشير إلى استقرار سوق العمل. 

ومع ذلك، رفع الفيدرالي من توقعاته لمعدل البطالة بنهاية عام 2025 إلى 4.4% مقارنة بـ 4.3% في تقديرات سابقة. 

يعكس هذا التعديل قلق الفيدرالي من أن تشديد السياسة النقدية قد يؤثر بشكل تدريجي على استقرار سوق العمل.

الأسواق المالية والتقلبات المتوقعة

مع صدور قرار تثبيت أسعار الفائدة، شهدت الأسواق المالية الأمريكية تحركات ملحوظة. ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية بشكل لافت، حيث سجل مؤشر "داو جونز" ارتفاعًا بنسبة 1.1%، بينما شهد "إس آند بي" زيادة بنسبة 1.2%، وصعد مؤشر "ناسداك" بنسبة 1.6%. 

كما شهد الدولار الأمريكي زيادة طفيفة بنسبة 0.3% مقارنة بالعملات الرئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني. 

هذه التحركات قد تشير إلى أن الأسواق بدأت تتكيف مع استقرار أسعار الفائدة وتعكس التفاؤل بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.

من ناحية أخرى، استمرت العقود الآجلة لخام برنت في الارتفاع بنسبة 0.31% لتتداول قرب 71 دولارًا للبرميل، وهو ما يعكس تأثير قرارات الفيدرالي على أسواق الطاقة أيضًا. 

هذا الارتفاع في الأسعار قد يساهم في زيادة الضغوط التضخمية مستقبلًا، خاصة إذا استمرت أسعار الطاقة في الارتفاع.

الركود والانكماش الاقتصادي

في ظل التصريحات المختلفة حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي، أشار وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، إلى أنه لا يمكن استبعاد حدوث ركود اقتصادي. وبالرغم من تأكيده على عدم القلق من تقلبات أسواق الأسهم، إلا أن ذلك يفتح الباب لتساؤلات حول تداعيات السياسة النقدية الحالية. 

لا يمكن للقرارات المالية التي يتخذها الفيدرالي أن تضمن تجنب الركود الاقتصادي بشكل كامل، خاصة في ظل تزايد الضغوط على الأسواق المالية وارتفاع المخاوف من تأثيرات السياسات التجارية في فترة ولاية الرئيس الأمريكي الحالي.

التحليل الاستراتيجي لمستقبل السياسة النقدية الأمريكية

يبدو أن الفيدرالي الأمريكي يتعامل بحذر مع الأوضاع الاقتصادية الحالية، حيث يحاول الحفاظ على توازن بين خفض التضخم والحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام. 

في ظل التحديات الاقتصادية غير المسبوقة، تتزايد التكهنات بشأن احتمال خفض أسعار الفائدة خلال العام الحالي، ومع ذلك، في ظل التوترات الاقتصادية السياسية، من غير المتوقع أن يقوم الفيدرالي باتخاذ خطوات حاسمة قبل أن تتضح المزيد من المعطيات الاقتصادية.

ختامًا: في ضوء تحليل قرار الفيدرالي الأمريكي بتثبيت أسعار الفائدة، يمكن استنتاج أن الفيدرالي يتبنى سياسة حذرة ومتوازنة في التعامل مع الاقتصاد الأمريكي. 

بينما تشير التوقعات إلى أن معدلات الفائدة ستظل مرتفعة نسبيًا في المستقبل القريب، قد يكون الفيدرالي مجبرًا على إجراء تعديلات في سياساته النقدية إذا استمرت الضغوط الاقتصادية في التأثير على النمو. 

من المهم أن يظل المستثمرون على اطلاع دائم بتوجهات الفيدرالي في ظل التحديات الاقتصادية التي قد تطرأ، وخصوصاً في ضوء التوترات السياسية والأسواق المالية المتقلبة.

Short Url

search