ستاندرد آند بورز تمنح السعودية «A+»، هل تتحول المملكة إلى مركز مالي عالمي؟
السبت، 15 مارس 2025 12:28 م

وكالة ستاندرد آند بورز
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
في خطوة مهمة للسعودية، رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيفها الائتماني للمملكة من "A" إلى "A+" مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهذا التصنيف يضع السعودية في مستوى متقدم في سلم التصنيفات الائتمانية، حيث يتساوى مع دول كبيرة مثل الصين واليابان.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التصنيف يعد شهادة إيجابية على استقرار الاقتصاد السعودي وكفاءته، ويمهد الطريق لفرص جديدة للمملكة في أسواق التمويل العالمية، لكن، ما هو تأثير هذا التصنيف على الاقتصاد المحلي وسوق الأسهم؟
سنتناول في هذا التحليل تأثير التصنيف الائتماني على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية.

أولًا: التصنيف الائتماني للسعودية
تعريف التصنيف الائتماني
الوكالات الائتمانية مثل "ستاندرد آند بورز" تقدم تقييمًا لدولة معينة بناءً على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية، كما يُصنف هذا التقييم في 10 مستويات رئيسية، تشمل درجات مختلفة من المخاطر.
التصنيف "A+" الذي حصلت عليه السعودية يعني أن المملكة تتمتع بجدارة ائتمانية متوسطة إلى عالية مع درجة مخاطرة منخفضة.
موقع السعودية في التصنيف
تصنيف "A+" يضع المملكة في المستوى الثالث من التصنيفات الائتمانية الاستثماريّة، وهذا يعد من التصنيفات الجيدة عالميًا.
وتتفوق السعودية في هذا التصنيف على دول مجموعة العشرين مثل الهند، البرازيل، إندونيسيا، المكسيك، تركيا وجنوب إفريقيا.
كما إنها تتساوى مع دول اقتصادية كبرى مثل الصين واليابان، وهو ما يبرز قوتها الاقتصادية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية.
ثانيًا: تأثير التصنيف الائتماني على الاقتصاد المحلي
تحسن القدرة على الحصول على التمويل
إحدى النتائج المباشرة لتصنيف "A+" هو تحسن القدرة على الحصول على التمويل من الأسواق العالمية، ويشير التصنيف إلى قدرة السعودية على الوفاء بالتزاماتها المالية مع مخاطرة أقل، ما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
وفي المقابل، سيكون بإمكان الحكومة السعودية اقتراض الأموال بتكلفة أقل من الأسواق العالمية، مما يعني تخفيض الأعباء المالية الناتجة عن خدمة الدين.
انخفاض تكلفة التمويل
ارتفاع التصنيف الائتماني يعني أن السعودية ستحصل على قروض بفائدة أقل، وهو ما سيساهم بشكل كبير في تمويل عجز الميزانية المتوقّع على المدى المتوسط.
مع السيطرة على التضخم والتوقعات بتقليص أسعار الفائدة عالميًا في الفترة القادمة، ستتمكن الحكومة من تمويل مشاريع ضخمة ودعم النمو الاقتصادي من خلال إنفاق رأسمالي أكبر.
تحفيز الإنفاق الحكومي
التمويل بتكلفة منخفضة سيسهم في تحفيز الإنفاق الحكومي، خاصة الإنفاق الرأسمالي الذي يساهم في تنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
الحكومة السعودية كانت قد أعلنت عن خطط كبيرة لتحفيز الاقتصاد عبر مشاريع ضخمة مثل "رؤية المملكة 2030" وبرامج تطويرية في قطاعي السياحة والتكنولوجيا، كما إن تحسن التصنيف الائتماني سيزيد من قدرة الحكومة على تمويل هذه المشاريع وتعزيز التنوع الاقتصادي.
خفض الاعتماد على الاحتياطيات
مواصلة الإنفاق الحكومي دون الحاجة لسحب كبير من الاحتياطيات النقدية سيؤدي إلى تقليل المخاطر المالية التي قد تواجهها المملكة في حال حدوث أزمات اقتصادية.
الاحتياطيات الكبيرة التي تملكها السعودية، والبالغة 1.63 تريليون ريال بنهاية يناير 2025، توفر أمانًا ماليًا إضافيًا، وبالتالي فإن تحسين التصنيف الائتماني يقلل من الحاجة لاستخدام هذه الاحتياطيات في تمويل العجز.

ثالثًا: تأثير التصنيف الائتماني على الشركات السعودية
تحسين التصنيف الائتماني للشركات الحكومية
من المتوقع أن ينعكس رفع تصنيف السعودية الائتماني على تصنيفات الشركات الكبرى التي تملكها الدولة، مثل "أرامكو" و"سابك" و"الكهرباء السعودية" و"شركة الاتصالات السعودية" (STC).
هذه الشركات، التي تمثل عماد الاقتصاد السعودي، ستحظى أيضًا بتصنيف ائتماني أعلى، ما يسهل عليها الحصول على تمويل بتكلفة أقل.
التوسع والنمو الاقتصادي
من خلال انخفاض تكلفة التمويل، ستتمكن الشركات الحكومية الكبرى من توسيع أنشطتها وزيادة استثماراتها في مشروعات جديدة.
وهذا التوسع سيعزز النمو الاقتصادي ويسهم في تحقيق أهداف المملكة الرامية إلى تنويع الاقتصاد الوطني وزيادة عائدات القطاعات غير النفطية.
كما إن الشركات الكبرى ستكون قادرة على الاستفادة من التمويل الأرخص لتنفيذ استثمارات ضخمة في البنية التحتية، الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا.
رابعًا: تأثير التصنيف الائتماني على سوق الأسهم
زيادة الثقة في السوق المالية السعودية
رفع التصنيف الائتماني للمملكة يعزز من سمعة الاقتصاد السعودي على الصعيد العالمي، ويزيد من ثقة المستثمرين في السوق المالية المحلية.
وهذا بدوره قد يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى سوق الأسهم السعودي، وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المالية ستؤدي إلى زيادة السيولة وتحفيز النمو في البورصة السعودية، مما يزيد من جاذبية السوق للمستثمرين.
زيادة التدفقات الاستثمارية
مع تحسن التصنيف الائتماني، يُتوقع أن تشهد أسواق الأسهم في السعودية تدفقات استثمارية جديدة، سواء من خلال الاستثمارات المباشرة أو من خلال الصناديق الاستثمارية العالمية.
المؤسسات المالية الكبيرة تميل إلى توجيه أموالها إلى الأسواق ذات التصنيف الائتماني المرتفع، مما يجعل من السعودية وجهة استثمارية مغرية.
انعكاس ذلك على الشركات المدرجة
العديد من الشركات الكبرى المدرجة في السوق السعودي ستستفيد من تحسن التصنيف الائتماني، إذ ستتمكن من تقليل تكلفة تمويل مشاريعها التوسعية، كما أن الثقة التي يكتسبها السوق ستسهم في ارتفاع أسعار الأسهم لهذه الشركات، مما يعود بالنفع على المستثمرين في السوق المالية.

خامسًا: التوقعات المستقبلية
الاستفادة من تحسن التصنيف في المستقبل
على الرغم من أن رفع التصنيف الائتماني يمثل نصرًا مرحليًا للسعودية، إلا أن المملكة بحاجة للاستمرار في تعزيز استقرارها الاقتصادي وتنفيذ خطط التنويع الاقتصادي بعيدة الأجل.
إذ إن التقلبات في أسواق النفط والسياسات العالمية قد تؤثر على التصنيف الائتماني مستقبلًا، مما يتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات استباقية لضمان استدامة النمو والتوازن المالي.
الاهتمام بالقطاع غير النفطي
من المرجح أن تواصل السعودية دفع عجلة الإصلاحات في القطاع غير النفطي، ما يعزز قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات المستقبلية.
كما إن توفير بيئة جاذبة للاستثمار في القطاعات غير النفطية سيكون له تأثير إيجابي على التصنيف الائتماني على المدى الطويل.
ختامًا: رفع وكالة "ستاندرد آند بورز" لتصنيف السعودية الائتماني يعد بمثابة خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاد السعودي وزيادة جاذبيته للمستثمرين.
التصنيف "A+" يعكس جدارة ائتمانية عالية ويعد من العوامل المؤثرة في جذب التمويل بتكلفة أقل وتحفيز الإنفاق الحكومي.
كما إن تأثير هذا التصنيف على سوق الأسهم السعودي سيزيد من جاذبية السوق للمستثمرين ويعزز من فرص النمو المستدام.
Short Url
«23.4 مليار يورو» سوق الرعاية الرياضية الأوروبي يحقق قفزة نوعية 2024
15 مارس 2025 11:50 م
الهيدروجين الأخضر، وقود المستقبل في سباق الطاقة النظيفة
14 مارس 2025 09:24 م
الكويت ومسيرة التحول الاقتصادي، صعود "كامكو إنفست" في مشهد إدارة الثروات
14 مارس 2025 05:29 م


أكثر الكلمات انتشاراً