الهيدروجين الأخضر، وقود المستقبل في سباق الطاقة النظيفة
الجمعة، 14 مارس 2025 09:24 م

الهيدروجين الأخضر
كتب/كريم قنديل
في ظل التحولات العالمية نحو مصادر طاقة مستدامة، يبرز الهيدروجين الأخضر كأحد الحلول الثورية القادرة على إحداث نقلة نوعية في مشهد الطاقة، فمع التغيرات المناخية المتسارعة وارتفاع الحاجة إلى تقنيات تقلل من الانبعاثات الكربونية، يتصدر الهيدروجين الأخضر المشهد بصفته طاقة المستقبل، مما يجعله خيارًا مثاليًا للحكومات والصناعات الباحثة عن بدائل نظيفة ومستدامة.

الهيدروجين الأخضر: ماهيته وكيفية إنتاجه؟
الهيدروجين الأخضر هو نوع من الهيدروجين يُنتج من خلال عملية التحليل الكهربائي للمياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو الرياح، مما يجعله خيارًا خاليًا من الانبعاثات الكربونية. في المقابل، هناك أنواع أخرى من الهيدروجين، مثل الهيدروجين الرمادي الذي يعتمد على الوقود الأحفوري والهيدروجين الأزرق الذي يتم استخراجه مع احتجاز جزء من انبعاثات الكربون، ولكن الهيدروجين الأخضر يظل الحل الأكثر نظافة واستدامة.
لماذا الهيدروجين الأخضر؟
أصبح الاعتماد على الهيدروجين الأخضر ضرورة ملحة نظرًا للمزايا العديدة التي يوفرها:
صديق للبيئة: إنتاجه لا يسبب انبعاثات ضارة، مما يسهم في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
تخزين الطاقة المتجددة: يعمل كوسيلة لتخزين الطاقة الزائدة من مصادر مثل الشمس والرياح، ما يساعد في تعزيز استقرار الشبكات الكهربائية.
استخدامات متعددة: يمكن استخدامه في الصناعة الثقيلة، والنقل البحري والجوي، وتوليد الكهرباء، ما يجعله حلًا شاملًا للقطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها.
أمان الطاقة: يساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يعزز الأمن الطاقوي للدول ويقلل من تأثير تقلبات أسعار النفط والغاز.
تحفيز الاقتصاد: يفتح الباب أمام استثمارات جديدة ويوفر فرص عمل في مجالات البحث والتطوير والتصنيع والنقل.

التوجهات العالمية نحو الهيدروجين الأخضر
العديد من الدول والمنظمات الدولية بدأت في تبني استراتيجيات لدعم صناعة الهيدروجين الأخضر. على سبيل المثال:
الاتحاد الأوروبي وضع تشريعات لتسهيل إنتاجه واستخدامه، كما يهدف إلى تطوير سوق للهيدروجين منخفض الكربون.
الإمارات العربية المتحدة تسعى للاستحواذ على ربع سوق الهيدروجين منخفض الكربون بحلول عام 2030، وذلك ضمن خططها الطموحة للتحول إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة.
اليابان أعلنت عن استثمارات ضخمة بقيمة 3.4 مليار دولار لدعم البحث والتطوير في هذا المجال، حيث تعتبر الهيدروجين جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها لتقليل انبعاثات الكربون.
الولايات المتحدة والصين تتنافسان على ريادة السوق، حيث أطلقت الولايات المتحدة مبادرات لدعم إنتاج الهيدروجين النظيف، بينما تستثمر الصين في توسيع قدراتها الإنتاجية.

التحديات التي تواجه الهيدروجين الأخضر
رغم التفاؤل المحيط بتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر، لا تزال هناك تحديات تقف أمام انتشاره الواسع، من بينها:
ارتفاع تكلفة الإنتاج: إذ تتراوح تكلفة إنتاجه بين 2.5 و4.5 دولار لكل كيلوغرام، مقارنة بالهيدروجين الرمادي الذي يُنتج بتكلفة أقل.
الحاجة إلى بنية تحتية متكاملة: يتطلب تطوير شبكات نقل وتوزيع الهيدروجين استثمارات ضخمة لضمان كفاءة التخزين والتوزيع.
التنافس مع مصادر الطاقة الأخرى: لا يزال الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة المباشرة أكثر انتشارًا بسبب سهولة استخدامها وانخفاض تكلفتها.
التحديات التقنية: يتطلب تحسين كفاءة المحللات الكهربائية وتطوير تقنيات التخزين الآمن.

المستقبل المتوقع للهيدروجين الأخضر
رغم التحديات، فإن الهيدروجين الأخضر مرشح ليكون من أبرز مصادر الطاقة المستقبلية، خاصة مع تسارع الجهود الحكومية والخاصة لدعمه. وتشير التوقعات إلى أن أسعاره ستنخفض تدريجيًا مع تطور تقنيات التحليل الكهربائي وزيادة الاستثمار في البنية التحتية. كما أن الابتكار في مجالات النقل، والصناعة، وتطوير محطات التزويد بالهيدروجين، سيساعد في تسريع تبنيه عالميًا.
لا شك أن الهيدروجين الأخضر يمثل حجر الأساس في مستقبل الطاقة النظيفة، خاصة مع الدعم المتزايد من الحكومات والشركات الكبرى. ومع استمرار البحث والابتكار، قد يصبح هذا الوقود المستدام الخيار الأمثل لتلبية احتياجات العالم من الطاقة دون الإضرار بالبيئة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن مستعدون لتسريع تبني هذه التكنولوجيا والانتقال إلى مستقبل خالٍ من الكربون؟
Short Url
الكويت ومسيرة التحول الاقتصادي، صعود "كامكو إنفست" في مشهد إدارة الثروات
14 مارس 2025 05:29 م
ريادة العقارات في العراق، مجموعة قيوان في طليعة التنمية المستدامة
14 مارس 2025 05:27 م
بتعاون مصري - ياباني، إنجازات ملحوظة لصالح صغار المزارعين
14 مارس 2025 12:26 م


أكثر الكلمات انتشاراً