الكويت ومسيرة التحول الاقتصادي، صعود "كامكو إنفست" في مشهد إدارة الثروات

لطالما كانت الكويت، بفضل ثروتها النفطية، ركيزة للاستقرار الاقتصادي في الخليج العربي. ومع ذلك، فإن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا استراتيجيًا بعيدًا عن الاعتماد المفرط على النفط، في خطوة تعكس رؤية مستقبلية تهدف إلى خلق اقتصاد متنوع ومستدام، هذه التحولات فتحت الباب أمام قطاعات مالية جديدة لتحقيق النمو، وفي مقدمتها قطاع إدارة الثروات، الذي يشهد توسعًا ملحوظًا، مدفوعًا برغبة المستثمرين في تعظيم عوائدهم المالية.

النفط يتراجع.. والاقتصاد يتجدد

بحسب مجلة فوركس، شهدت الكويت انخفاضًا في مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي إلى 44.4% في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ 55.8% في الربع المقابل من عام 2022. هذا التحول ليس مجرد أرقام، بل هو انعكاس لاستراتيجية اقتصادية مدروسة تهدف إلى تعزيز الأنشطة غير النفطية، وتشجيع الاستثمارات في قطاعات مثل التكنولوجيا، والخدمات المالية، والبنية التحتية.

كامكو إنفست: رائد إدارة الثروات في بيئة متغيرة

تُعد كامكو إنفست من الشركات التي تستفيد من هذه البيئة الديناميكية، تأسست الشركة عام 1998، وأدرجت في بورصة الكويت منذ عام 2003، وهي شركة تابعة لشركة مشاريع الكويت (القابضة) - كيبكو لكنها تعمل بشكل مستقل، إذ بلغتأحد أكبر المستفيدين من هذا التحول الاقتصادي كانت كامكو إنفست، الشركة الرائدة في إدارة الأصول والخدمات المالية، شهدت نموًا لافتًا خلال العام الماضي، بأصول مُدارة بلغت 15.9 مليار دولار حتى نهاية 2024، وبزيادة 7% عن عام 2023، تعكس هذه الأرقام نجاح الشركة في استقطاب المستثمرين وتقديم حلول مالية مبتكرة.

الاكتتابات العامة.. محرك رئيسي للنمو

العام 2024 كان عامًا ذهبيًا لسوق الاكتتابات العامة الأولية (IPO) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث شهد السوق 54 إدراجًا جديدًا، جمعت استثمارات بقيمة 12.6 مليار دولار، بزيادة 17.6% مقارنة بعام 2023. وسط هذا الزخم، برزت كامكو إنفست كلاعب أساسي، حيث لعبت دورًا رئيسيًا كمدير اكتتاب مشترك في طرح شركة أوكيو للصناعات الأساسية العمانية، الذي بلغت قيمته 490 مليون دولار في ديسمبر 2024.

أسواق الدين.. قوة دافعة في 2024

لم تكتفِ كامكو إنفست بالاستفادة من سوق الاكتتابات، بل عززت وجودها في أسواق الدين، حيث شاركت في 9 إصدارات للصكوك والسندات بقيمة إجمالية 4.2 مليار دولار. من بين هذه الإصدارات:

500 مليون دولار لصالح سينومي سنترز في مارس.

485.6 مليون دولار لصالح بنك برقان في مايو.

300 مليون دولار لصالح بنك الكويت الدولي (KIB) في مايو.

400 مليون دولار لصالح شركة أراد في يونيو.

500 مليون دولار لصالح مجموعة جي إف إتش المالية في نوفمبر.

فيصل منصور صرخوه.. القائد الذي قاد التحول

لا يمكن الحديث عن نجاح كامكو إنفست دون التطرق إلى قائدها، فيصل منصور صرخوه، الذي انضم إلى الشركة عام 1998 وشغل عدة مناصب قيادية حتى تولى منصب الرئيس التنفيذي في 2014. تحت قيادته، خضعت الشركة لإعادة هيكلة جذرية، حولتها من تكبد خسائر بلغت 41.5 مليون دولار في 2012 إلى تحقيق صافي ربح 14.3 مليون دولار في 2024.

صرخوه ليس مجرد قائد مالي، بل هو شخصية مؤثرة في المشهد الاقتصادي الكويتي، حيث يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة بنك برقان، وعضو مجلس إدارة في هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في الكويت، واتحاد مصارف الكويت.

يقول صرخوه: "النجاح في القطاع المالي يتطلب رؤية استراتيجية واضحة، أداءً تشغيليًا متميزًا، والتزامًا بالسلوك الأخلاقي. نحن في كامكو إنفست نؤمن بأن الابتكار والقدرة على التكيف هما مفتاح الاستمرار في هذا القطاع المتغير."

التحول الرقمي.. مفتاح المستقبل

في ظل التطورات التكنولوجية السريعة، أدركت كامكو إنفست أهمية التحول الرقمي، حيث أطلقت في يوليو 2024 تطبيقًا للهاتف المحمول، يتيح للمستثمرين الوصول إلى بياناتهم وإدارة محافظهم بمرونة وسهولة. كما أطلقت بوابة إلكترونية للعملاء في ديسمبر، مما ساعد على تعزيز التفاعل مع المستثمرين.

تشير البيانات إلى أن 30% من عملاء كامكو إنفست يستخدمون حاليًا المنصة الرقمية، مع توقعات بازدياد هذا الرقم في المستقبل.

ماذا يحمل المستقبل؟

مع استمرار مسيرة التنويع الاقتصادي في الكويت، وارتفاع شهية المستثمرين تجاه أدوات الدين والأسهم، تتوقع كامكو إنفست أن يكون 2025 عامًا قويًا لإصدارات الديون، وهو ما سيدعم توسع الشركة في المنطقة.

ويختتم صرخوه حديثه قائلاً: "نحن في مرحلة تحول اقتصادي جذري، وهذا يفتح أمامنا فرصًا غير مسبوقة. سنواصل البناء على نجاحاتنا، وتعزيز دورنا كلاعب رئيسي في أسواق المال والاستثمار في المنطقة."

تسير الكويت بخطوات واثقة نحو تنويع اقتصادها، وكامكو إنفست هي واحدة من الشركات التي استفادت من هذا التغيير الديناميكي. من خلال استراتيجيات مبتكرة، واستثمارات ذكية، وتوسع رقمي مستمر، تضع كامكو إنفست نفسها في قلب المشهد المالي الجديد، حيث الفرص واعدة والمنافسة تحتدم.