الشباب في الاقتصادات النامية، ثروة كامنة أم أزمة اقتصادية قادمة؟
الإثنين، 03 مارس 2025 10:51 م

الاقتصاد العالمي
كتب/كريم قنديل
أبدى الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة، صلابة ملحوظة في أعقاب جائحة كورونا "كوفيد19"، وواصل التضخم انحساره باطراد نحو مستهدفات البنوك المركزية، ورغم أن معظم الدلائل تشير إلى حدوث هبوطٍ هادئ في النشاط الاقتصادي العالمي، فقد ازداد التباعد في مسارات النمو والتضخم بين البلدان، وتآكلت الهوامش الوقائية، كما أصبحت آفاق النمو على المدى المتوسط باهتة، ومما يبعث على القلق بالقدر نفسه، أن البلدان المعرضة للمخاطر، أصبحت مهددة بالتخلف أكثر عن الركب.

التحديات الاقتصادية وتأثير الجائحة
وكشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، بعد مرور أربع سنوات على تفشي جائحة كوفيد-19، أنه لم تقتصر تداعيات الأزمة على الصحة العامة، بل تجاوزتها إلى مستويات عجز المالية العامة والديون، والتي فاقت التوقعات السابقة، حيث تشير التقديرات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، أن الدين العام العالمي، قد يتجاوز 100% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2029م.
ويعكس ما سبق، الحاجة الملحة لإصلاحات اقتصادية عميقة، حيث يفرض هذا الوضع تحديًا كبيرًا على الاقتصادات النامية، والتي تسعى لإعادة بناء الحيز المالي، بما يمكّنها من مواجهة الصدمات المستقبلية، والاستثمار في التحولات التكنولوجية والمناخية.
الشباب في الاقتصادات النامية.. محرك للنمو أم تحدٍّ اقتصادي؟
وأوضح التقرير، وجود الشباب في الاقتصادات النامية والأسواق الصاعدة، كأحد أهم العوامل الحاسمة، والتي يمكن أن تشكل ملامح المستقبل الاقتصادي لهذه الدول، ففي الوقت الذي يمكن فيه اعتبارهم محركًا للنمو والابتكار، يواجهون في المقابل، تحديات جسيمة تهدد بتقويض إمكاناتهم، كما تحول دون اندماجهم الفعّال في الاقتصاد العالمي، ومع تباطؤ آفاق النمو، وتزايد أعباء الديون، تزداد المخاوف بشأن قدرة هذه الدول على توفير بيئة اقتصادية، تتيح للشباب فرصًا حقيقية للنمو والازدهار.

هل يمكن تحويل التحديات إلى فرص؟
إن التركيبة السكانية الشابة، تمثل سلاحًا ذا حدين، فمن جهة يمكن لهذه الفئة أن تصبح القوة الدافعة للنمو الاقتصادي من خلال الابتكار وريادة الأعمال وزيادة الإنتاجية، ومن جهة أخرى إذا لم تُوفر لها الفرص الكافية، فقد تتحول إلى عبء اقتصادي واجتماعي، ولعل التحدي الأبرز، يتمثل في ضمان قدرة الحكومات على استيعاب هذه القوى الشابة في سوق العمل، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض جودة الوظائف المتاحة.
ضرورة تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري
لمواجهة هذه التحديات، يجب التركيز على الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال التعليم والتدريب والتكنولوجيا، فالدول التي تمكنت من تطوير أنظمتها التعليمية لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل الحديثة، كانت الأكثر نجاحًا في تحويل طاقة الشباب إلى قوة اقتصادية حقيقية، ويتطلب ذلك إصلاحات جذرية في المناهج التعليمية، إضافة إلى شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص، لضمان توفير فرص تدريبية وعملية تساهم في تحسين مهارات الشباب.
التضخم وأسعار الفائدة.. عقبات إضافية أمام التعافي الاقتصادي
رغم تراجع معدلات التضخم على المستوى العالمي، لا تزال الفجوات بين الاقتصادات المتقدمة والنامية قائمة، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي، فالسياسات النقدية في العديد من الدول، تواجه معضلة تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وكبح التضخم، ومع توقعات استمرار انخفاض النمو العالمي ليصل إلى 3.1%، بحلول عام 2029 – وهو أدنى مستوى منذ عقود – تصبح الحاجة ملحة إلى سياسات اقتصادية أكثر مرونة وتحفيزية.
_1787_084730.jpg)
دور صندوق النقد الدولي في دعم الاقتصادات النامية
يظل صندوق النقد الدولي، لاعبًا رئيسيًا في دعم الاقتصادات النامية، عبر تقديم القروض والمساعدات المالية لمواجهة الأزمات، وعلى الرغم من أن الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر قدم دعمًا كبيرًا للبلدان منخفضة الدخل، فإن التحديات المالية لا تزال قائمة، فمع ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة تكاليف خدمة الديون، تواجه هذه البلدان، صعوبة في تحقيق استدامة مالية طويلة الأجل، ما يتطلب تعزيز الجهود الدولية لإعادة هيكلة الديون وتوفير مصادر تمويل أكثر استدامة.
نحو استراتيجيات مستدامة للتنمية الاقتصادية
لضمان مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا، تحتاج الدول النامية، إلى تبني استراتيجيات طويلة الأجل تستند إلى التحولات التكنولوجية والاستثمار في البنية التحتية ورأس المال البشري، وتبني سياسات ضريبية عادلة، وتعزيز بيئة ريادة الأعمال، وتحفيز الاستثمار في مشروعات منخفضة الكربون، لتساهم في تحقيق تنمية مستدامة.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأهم، هل تستطيع الاقتصادات النامية والأسواق الصاعدة، الاستفادة من ثروتها الشبابية وتحويلها إلى رافعة للنمو؟ أم أن العقبات الهيكلية والاقتصادية، ستظل تحول دون تحقيق هذا الهدف؟ الإجابة تعتمد على مدى قدرة الحكومات والمؤسسات الدولية على اتخاذ قرارات جريئة، تعزز من قدرة هذه الدول على تحقيق نموٍ شاملٍ ومستدامٍ.
Short Url
ترامب يأمر بتعليق كل المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد مشادة زيلينسكي
04 مارس 2025 02:31 ص
وارن بافيت: الرسوم الجمركية «ضريبة على السلع» وتهدد الاقتصاد العالمي
04 مارس 2025 02:16 ص
ليبيا تطلق أول جولة لاستكشاف النفط منذ أكثر من 17 عامًا
04 مارس 2025 01:07 ص


أكثر الكلمات انتشاراً