السبت، 19 أبريل 2025

08:22 م

الجامبو ترفض الهبوط، الطائرات ذات الطابقين تعود من التقاعد والإمارات تقود السوق

السبت، 19 أبريل 2025 01:53 م

طائرات ذات طابقين

طائرات ذات طابقين

كتب/ كريم قنديل

تبدو وكأنها مشاهد من فيلم خيال علمي، قطع معدنية عملاقة تحلق في السماء بكل رشاقة، رغم وزنها الهائل، كأنها تتحدى قوانين الفيزياء، إنها طائرات الركاب ذات الطابقين، بوينج 747 وإيرباص A380. 

ومع أن خطوط إنتاجها توقفت، إلا أن هذه الطائرات لا تزال تصر على البقاء، بدعم من محبين مخلصين، ومبررات اقتصادية مفاجئة.

الإمارات للطيران

رغم أن عصر الطيران الذهبي الذي صنعته "الجامبو" بدأ في الانقراض، وخاصةً أن هذه الطائرات أصبحت كبيرة جدًا وذات تكلفة ضخمة، ولا تناسب متطلبات شركات الطيران الحديثة.

فإن هذه الطائرات لا تزال تجذب الركاب بتصاميمها الفسيحة، ووسائل الراحة الفاخرة على متنها، ولكن خلف هذه الرفاهية تكمن معركة اقتصادية شرسة بين الكفاءة التشغيلية والخبرة الراقية.

تكاليف تشغيلية لا ترحم

عندما بدأت شركات الطيران تعيد حساباتها بعد جائحة كورونا، اكتشفت أن العملاقين 747 وA380 يستهلكان من الوقود أكثر مما تحتمله الميزانيات الحديثة، الكلمة المفتاحية كانت، الكفاءة، فالعالم يتجه نحو الطائرات ذات المحركين، التي توفر الوقود وتخفض التكاليف، في وقت تُعتبر فيه هوامش الربح في القطاع ضئيلة.

بوينج أدركت المعادلة مبكرًا، وتوقفت عن تصنيع 747 في 2022، أما إيرباص، فأغلقت خط إنتاج A380 في 2021، بعد أن فشلت في بيعها بنفس الزخم الذي حلمت به.

طائرات إيرباص A380 

تأجيل التقاعد بسبب قيود السوق

ورغم أن الأرقام كانت تُنذر بنهاية قريبة، فإن القيود العالمية على سلاسل التوريد، وتأخّر تسليم الطائرات الجديدة، منحا طائرات الجامبو نفسًا اقتصاديًا جديدًا. 

فشركات كبرى مثل لوفتهانزا، كانتاس، والاتحاد للطيران أعادت طائرات A380 إلى الخدمة، لا حبًا بها فقط، بل لأن البدائل ببساطة غير جاهزة.

المفارقة؟ الطائرات التي كانت توصف بأنها غير اقتصادية، أصبحت الآن ضرورة مؤقتة، في انتظار الأساطيل الجديدة، وفي حالة بعض الشركات مثل طيران الإمارات والتي تشكل أكبر عدد من طائرات A380 والتي وصلت إلى 116 طائرة، وتم ضخ مليار دولار لتحديث 67 طائرة، ما يعكس ثقةً اقتصادية مدروسة في أن هذه الطائرات لا تزال قادرة على توليد عائدات قوية، خاصة في المسارات طويلة المدى.

مشاريع ناشئة.. وطموحات مستحيلة؟

وفي زاوية أخرى من السوق، تظهر شركة Global Airlines البريطانية الناشئة، التي اشترت A380 مستعملة وتطمح لتشغيلها في رحلات عبر الأطلسي، لكن حسب الخبراء، هذا أقرب للمغامرة من الاستثمار، فتشغيل أسطول صغير لطائرة ضخمة بكفاءة منخفضة يعد مخاطرة مالية كبيرة، قد تكون نتيجتها الفشل السريع.

طائرات

مفارقة الرئاسة الأميركية

وفي الولايات المتحدة، المفارقة الكبرى، الطائرتان الأخيرتان من طراز 747-8 لم تدخلا الخدمة بعد، إذ تُجهز حاليًا لتصبحا النسخة الجديدة من "إير فورس وان"، لخدمة الرئاسة الأميركية حتى عام 2029، ما يثبت أن رمزية 747 لا تزال حاضرة في السياسة، وإن تراجعت في السوق.

شركات تصارع الزمن

اليوم، 11 شركة طيران فقط حول العالم ما تزال تشغّل هذه الطائرات، بعضها بشكل محدود، وبعضها مثل طيران الإمارات كمكون أساسي من أسطولها، ومع أن تقاعدها مسألة وقت، فإن الظروف الاقتصادية الحالية أجّلت هذه النهاية، وربما منحتها فصلًا جديدًا لم يكن في الحسبان.

طائرات الجامبو لم تعد تمثل مستقبل الطيران، لكنها بفضل ظروف السوق وتعطل الإمدادات لا تزال جزءًا من حاضره، الفخامة وحدها لم تنقذها، لكن الحسابات الدقيقة بين التكلفة والعائد، والتأخير في استلام الجيل الجديد من الطائرات، أتاح لها فرصة أخيرة للتحليق.

فهل تكون هذه العودة القصيرة مجرد رقصة وداع أخيرة؟ أم أنها بداية نموذج عمل جديد يعيد تعريف الجدوى الاقتصادية للطائرات العملاقة؟

Short Url

search