الأحد، 23 فبراير 2025

08:07 ص

ترامب يشعل حرب تجارية عالمية، رسوم جمركية تهز الاقتصاد العالمي وتفجر ردود فعل غاضبة

الخميس، 13 فبراير 2025 04:26 م

دونالد ترامب

دونالد ترامب

كريم قنديل

في ظل السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل، التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تواجه الساحة العالمية تحديات جديدة، حيث فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على العديد من الدول في محاولة لتحقيق مكاسب سريعة.

ويجعل الاقتصاد الأمريكي ذلك، يحقق زيادة مؤقتة في الإيرادات، إلا أن هذه السياسات قد تحمل آثارًا استراتيجية بعيدة المدى، حيث ستبدأ الدول المتضررة في البحث عن بدائل وتخفيف اعتمادها على الاقتصاد الأمريكي.

وشهدت التجارة العالمية تحولات كبيرة نتيجة السياسات الجمركية، والتي تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث استخدم الرسوم الجمركية كسلاح لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، كما أثارت هذه القرارات جدلًا واسعًا نظرًا لتأثيرها على الاقتصاد العالمي والعلاقات التجارية.

الرئيس الأمريكي 

خلفية القرارات الجمركية

وفرض الرئيس ترامب، رسومًا جمركية شاملة بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، مبررًا ذلك بحماية الأمن القومي الأميركي، وتحقيق التوازن التجاري، حيث لم تقتصر قراراته على الصين فقط، بل شملت كندا والمكسيك، ما أدى إلى تصعيد التوترات التجارية.

جاء ذلك ضمن الرسوم التي فرضها الرئيس ترامب، وفقًا لقرار البيت الأبيض، رسومًا بنسبة 25% على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك، بما في ذلك السلع مثل السيارات، والمعدات الكهربائية، والمواد الغذائية، وذلك فيما يخص واردات الطاقة الكندية، حيث تم فرض رسوم بنسبة 10% على النفط والغاز الطبيعي.

أما بالنسبة للسلع المستوردة من الصين، فقد تم فرضُ رسومٍ إضافية بنسبة 10% على المنتجات التي لم تشملها الرسوم الجمركية السابقة، وتُضاف هذه الرسوم، إلى الرسوم الحالية على واردات المنتجات الصينية الأخرى، ما يزيد من العبء التجاري الذي تواجهه الصين.

والهدف المعلن من هذه الخطوة، هو دفع هذه الدول إلى التعاون مع الولايات المتحدة في مكافحة تهريب المخدرات، خصوصًا مادة الفنتانيل المخدرة، وكذلك للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الأراضي الأمريكية.

 

ردود الفعل الدولية

كانت ردود الفعل العالمية قوية ومتباينة، حيث توعد الاتحاد الأوروبي بالرد بإجراءات مماثلة، حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فوندير لاين” اتخاذ تدابير حازمة لحماية مصالح الشركات الأوروبية، ومن جانبها، فرضت الصين رسومًا انتقامية على المنتجات الأميركية.

وأدى ذلك إلى تصعيد الحرب التجارية، بين أكبر اقتصادين في العالم، وفي أميركا الشمالية، حيث تعهدت كندا والمكسيك، باتخاذ خطوات لتحسين الأمن الحدودي لتفادي الرسوم الجديدة، ففي المكسيك، أعلنت رئيسة البلاد، كلاوديا شينباوم، رفضها القاطع لما اعتبرته "افتراء"، من قبل البيت الأبيض، بشأن علاقات حكومتها مع المنظمات الإجرامية.

الاتحاد الأوروبي

وأكدت شينباوم، أن المكسيك ليست طرفًا في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وأنها ستتخذ إجراءات جمركية مضادة ردًا على الرسوم الأمريكية، فيما أعلن رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، أن بلاده ستفرض رسومًا جمركية على واردات أمريكية بقيمة 30 مليار دولار كندي على الفور، إضافة إلى خططها لزيادة هذه الرسوم، لتشمل بضائع أمريكية أخرى، بقيمة 125 مليار دولار في غضون 21 يومًا.

وكان رد الدولتين واضحًا، حيث أعلنت ردها "بلا"، لتلك الإجراءات الاقتصادية، والتي تهدف إلى تحميلهما مسؤولية قضايا أمنية، لا صلة لهما بها، كما أكدت كل من كندا والمكسيك، أنهما ستعملان على تحفيز إنتاجهما المحلي، وتعزيز العلاقات التجارية مع دول أخرى مثل الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية، من أجل تقليل اعتمادهما على السوق الأمريكية.

 

رد فعل وزير خارجية فرنسا

قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، اليوم الاثنين، إن فرنسا ستطالب الاتحاد الأوروبي، بالرد على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير، بشأن الرسوم الجمركية، كما شدد بارو، خلال مقابلة مع قناة TF1، أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين، يجب أن يدافعوا بقوة عن مصالحهم في مواجهة تهديدات الرسوم الجمركية الأميركية.

وكان ترامب قد أعلن، أنه سيكشف اليوم عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، كما أشار إلى عزمه الإعلان عن رسوم إضافية، ضمن إجراءات متبادلة يومي الثلاثاء أو الأربعاء، على أن تدخل حيز التنفيذ فورًا قريبًا.

وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن الرسوم الجديدة، ستضاف إلى الرسوم الحالية المفروضة على الصلب والألومنيوم، وذكر أن ترامب، خلال ولايته الأولى، فرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصلب و10% على الألومنيوم، لكنه استثنى لاحقًا عدة شركاء تجاريين عبر منحهم حصصًا معفاة من الرسوم، من بينهم كندا والمكسيك والبرازيل.

وخلال إدارة الرئيس جو بايدن، تم تمديد هذه الحصص، لتشمل المملكة المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي، ورغم ذلك، تراجعت الاستفادة من القدرة الإنتاجية، لمصانع الصلب الأميركية في السنوات الأخيرة، حيث كان ترامب قد أعلن، يوم الجمعة، عزمه فرض رسوم إضافية على عدد من الدول خلال الأسبوع الجاري، دون تحديدها، مؤكدًا أن هذه الخطوة، تهدف إلى تحقيق المعاملة بالمثل في الرسوم التجارية، بما يتماشى مع وعوده الانتخابية بفرض رسوم، تعادل ما يفرضه الشركاء التجاريون على الصادرات الأميركية.

فرنسا

الأثر الاقتصادي للرسوم الجمركية

أثرت هذه السياسات بشكل مباشر على عدة أطراف:

على الاقتصاد الأميركي: فبالرغم من تحقيقها مكاسب للصناعات المحلية مثل الصلب والألمنيوم، إلا أنها تسببت في ارتفاع التكاليف للشركات المعتمدة على المواد الخام المستوردة، ما زاد من الضغوط على المستهلكين.

وعلى الاقتصاد الأوروبي: حيث حذرت ألمانيا من أضرار كبيرة على قطاع التصدير، لا سيما في صناعة الصلب التي تعد من ركائز الاقتصاد الألماني.

وعلى التجارة العالمية: فقد أشارت كريستين ماكدانييل، الزميلة في مركز ميركاتوس، إلى أن فرض رسوم أحادية الجانب، قد يقوض دور منظمة التجارة العالمية، ويؤدي إلى تفاقم النزاعات التجارية.

 

الأبعاد السياسية للقرارات الجمركية

تستخدم الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية كأداة سياسية، لتحقيق أهداف متعددة، إذ أشار مستشار ترامب ستيفن مور إلى أن هذه الرسوم وسيلة للضغط على الدول، لتبني سياسات تصب في المصلحة الأميركية، ومن ناحية أخرى، ترى كريستين ماكدانييل، أن ترامب يوظفها أداة تفاوضية لتحقيق التوازن التجاري عبر ممارسة الضغوط السياسية.

 

مقارنة مع سياسات سابقة

تتشابه سياسات ترامب مع نهجه خلال ولايته الأولى (2017-2021)، حين فرض رسومًا جمركية على واردات الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى حرب رسوم متبادلة أضرت بالصناعات الأميركية والأوروبية، ومع وصول بايدن إلى السلطة، تم تخفيف حدة هذه النزاعات عبر اتفاقيات تسوية.

ترامب

 

التوقعات المستقبلية والسيناريوهات المحتملة

وتصعيد النزاعات التجارية، قد يؤدي استمرار ترامب في سياساته الجمركية إلى زيادة التوترات التجارية، خاصة مع الصين والاتحاد الأوروبي.

كما أن إعادة تشكيل سلاسل التوريد، من المحتمل أن تدفع هذه السياسات الشركات العالمية إلى تنويع مصادرها، وتقليل اعتمادها على السوق الأميركية.

وربما تأثير على الاقتصاد العالمي، ويمكن أن تؤدي هذه النزاعات إلى انخفاض النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة حالة عدم اليقين في الأسواق.

ختامًا، تعكس سياسات ترامب الجمركية توجهًا نحو الحمائية الاقتصادية، بهدف حماية الصناعات الأميركية، لكنها تحمل تداعيات عالمية كبيرة، وبينما تحقق بعض المكاسب قصيرة الأمد، فإنها تزيد من مخاطر التباطؤ الاقتصادي العالمي، وعدم الاستقرار في العلاقات التجارية الدولية.

Short Url

showcase
showcase
search