جفاف مناجم الذهب، هل نشهد بداية النهاية للعملة الربانية على الأرض؟
الجمعة، 25 أبريل 2025 05:41 م

انتاج الذهب
كتب/ كريم قنديل
في زحمة الأزمات العالمية، من التوترات الجيوسياسية إلى صدمات الأسواق، يتسلل تحذير أخطر من باطن الأرض، الذهب في طريقه للنضوب، وفي وقتٍ وصلت فيه أسعار المعدن الأصفر إلى مستويات تاريخية، بدأت تُطرح أسئلة ثقيلة، هل نشهد بداية نهاية أحد أقدم وأغلى كنوز البشرية؟ وكيف سيهتز الاقتصاد العالمي إذا جفّت مناجم الذهب؟

الذهب ومبدأ الندرة
تشير دراسة حديثة من جامعة هارفارد، إلى أن ندرة الذهب هي العامل الرئيسي الذي يساهم في استمرارية ارتفاع سعره، حيث يُنتج العالم أقل من 2000 طن من الذهب سنويًا، وهو ما يعكس ندرته النسبية مقارنة بمعادن أخرى مثل الفضة والحديد.
على سبيل المثال، تنتج المكسيك وحدها أكثر من 540 طن من الفضة سنويًا، بينما تنتج الولايات المتحدة أكثر من 10 آلاف طن من الحديد في الساعة، هذه الأرقام تبرز حجم الفرق بين الذهب وغيره من المعادن الشائعة، مما يعزز من قيمته الاقتصادية التي تظل مرتفعة بسبب قلة توفره.
إلى جانب الندرة، تتمتع خصائص الذهب المادية بمزايا إضافية تساهم في تعزيز سعره، مثل استخدامه في تحسين خصائص التوصيل الكهربائي عند خلطه بالنحاس، كما يعتبر الذهب بمثابة مخزون ثابت للقيمة، في مختلف الأوقات الاقتصادية، سواء كانت فترة رخاء أو أزمة.
هذه العوامل جعلت الذهب يتمتع بقبول عام عالمي كمخزن للقيمة، ما يعزز من استقرار سعره واستمرار تفضيله من قبل المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.

شبح 2050 زمن الفراغ المعدني
وفقًا لتقديرات متشائمة، قد لا يتجاوز عمر الذهب القابل للاستخراج ثلاثين عامًا، بحلول عام 2050، قد تجد البشرية نفسها أمام واقع جديد، لا مناجم جديدة، لا تدفقات مستمرة، فقط ما بقي في خزائن البنوك والمستثمرين، وبينما يُعاد تدوير الذهب، إلا أن توقف الإمدادات الجديدة يعني شيئًا واحدًا في منطق السوق، ارتفاع جنوني في الأسعار، وتغيرات جوهرية في سلوك المستثمرين والاقتصادات.
الذهب، سلعة أم نبض مالي؟
صحيح أن العملات العالمية انفصلت عن معيار الذهب منذ أكثر من نصف قرن، لكن ذلك لم يُلغِ مكانته كأصل آمن، في أوقات الأزمات، تتجه الأنظار إلى الذهب كما تتجه الطيور إلى موطنها عند العاصفة، تقلّب المعروض يعني تقلّب الثقة، لا سيما في الاقتصادات التي تحتفظ باحتياطيات ضخمة، والتي قد تجد نفسها أمام خيارات غير مسبوقة، كبيع بعض ممتلكاتها الذهبية أو حتى إعادة تعريف سياساتها النقدية.

قفزة نحو الفضاء أم غطسة نحو الأعماق؟
بينما تحذر التقارير من نضوب الذهب، تتسابق شركات التعدين لاستكشاف أعماق جديدة، حتى أن بعض العلماء يضعون أعينهم على قاع المحيطات، حيث يُقدّر وجود 20 مليون طن من الذهب المذاب في مياه البحار، حلم بعيد؟ ربما، لكنه في ظل أسعار تصل إلى أرقام فلكية، قد لا يبقى مستحيلًا لمدة طويلة.
صدمة في الصناعة.. وأزمة في المجوهرات
الذهب ليس للزينة فقط، إنه شريان رئيسي في صناعة الإلكترونيات، الطب، والفضاء، وإذا تراجع المعروض، سترتفع تكاليف الإنتاج، وتتأثر سلاسل الإمداد من الهواتف الذكية إلى المعدات الطبية، أما قطاع المجوهرات، فسيواجه ثورة ذوقية، حيث قد تضطر الشركات لاعتماد تصميمات هجينة أو مواد بديلة.

السباق نحو البدائل، هل تتسلم الفضة الشعلة؟
في مواجهة هذا السيناريو، تلوح بدائل استثمارية في الأفق، الفضة، البلاتين، البلاديوم، بل وحتى العملات المشفّرة، لكن الذهب يملك جاذبية نادرة لا تُستنسخ بسهولة، ما يجعل احتمالية استبداله بالكامل أمرًا غير محسوم.
الذهب.. ليس مجرد معدن
الحديث عن نهاية الذهب ليس مجرد نقاش في أروقة أسواق المال، بل هو تحول استراتيجي عالمي قد يعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية، ويدفع الدول إلى مراجعة احتياطاتها، وصناعاتها، وحتى علاقاتها التجارية.
الذهب ربما لا يختفي، لكنه بالتأكيد سيُعاد تعريفه، لا كأصل مالي فقط، بل كرمزٍ لعصر كامل يوشك أن ينقضي.
Short Url
من الهاوية إلى الهدنة، هل تنقذ تهدئة ترامب الاقتصاد العالمي من الانهيار؟ (تقرير)
25 أبريل 2025 03:26 م
«طلقة واحدة»، صراع مشتعل بين الهند وباكستان يجر الكوكب لانهيار اقتصادي شامل
25 أبريل 2025 03:20 م
أزمة أسعار أم سياسة؟، كيف يعبّر ترامب برجر عن أزمة أمريكا الاقتصادية؟
24 أبريل 2025 04:09 م


أكثر الكلمات انتشاراً