السبت، 26 أبريل 2025

01:20 ص

من الهاوية إلى الهدنة، هل تنقذ تهدئة ترامب الاقتصاد العالمي من الانهيار؟ (تقرير)

الجمعة، 25 أبريل 2025 03:26 م

دونالد ترامب

دونالد ترامب

كتب/ كريم قنديل

في مشهد يعيد للأذهان فصولاً من الأزمات الاقتصادية الكبرى، يعيش الاقتصاد العالمي حالة من الترقب والقلق، مدفوعًا بخطوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي فجّر موجة جديدة من التوتر عبر فرض رسوم جمركية أربكت الأسواق العالمية، ودفعت بالمستثمرين إلى إعادة حساباتهم.

 وول ستريت

10 تريليونات دولار تتبخر من وول ستريت

الضربة جاءت قاسية، منذ بداية 2025، خسرت سوق الأسهم الأميركية وحدها أكثر من 10 تريليونات دولار، وهي خسارة تصفها الأسواق بأنها الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وبحسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500، فإن من استثمر 10,000 دولار مع بداية العام، خسر حتى الآن نحو 1,000 دولار، هذه الأرقام ليست مجرد بيانات، بل إشارات حمراء تومض في وجه الاقتصاد العالمي.

الذهب يتوهّج.. فهل يدوم بريقه؟

وسط هذا المشهد المضطرب، يواصل الذهب أداءه اللامع، مرتفعًا إلى مستويات قاربت 3500 دولار للأونصة، قبل أن يتراجع قليلًا متأثرًا بتصريحات ترامب الأخيرة التي هدّأت من نبرته ضد الفيدرالي الأميركي، الذهب أصبح ملاذًا آمنًا لا يتأثر بسياسة دولة واحدة، ومن المتوقع أن يواصل ارتفاعه إلى 5000 دولار مع استمرار البنوك المركزية في شرائه.

الأسواق ترقص على إيقاع السياسة

الأسواق العالمية باتت تتقلب على أنغام التصريحات السياسية، وتغريدات ترامب لم تعد مجرد كلمات، بل صدىً ماليًا يهزّ المؤشرات والبورصات. 

فحتى البيتكوين، المعروف بتقلباته، بقي مستقرًا في خضم العاصفة، بينما فقد الدولار جزءًا من بريقه، خصوصًا في ظل الضغوط التضخمية وتراجع القوة الشرائية.

دونالد ترامب

واشنطن تلوّح بخفض الرسوم.. والأسواق تتنفس الصعداء

في منعطف غير متوقع، بدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي كانت توصف بأنها أطول نزاع تجاري في القرن الحديث، تشهد إشارات تهدئة فعلية قد تعيد ضبط ميزان الاقتصاد العالمي. 

وسط عالم مثقل بالتضخم، واضطرابات سلاسل الإمداد، وعدم اليقين الجيوسياسي، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحات أقل حدة، معلنًا عن استعداده لخفض الرسوم الجمركية المفرطة المفروضة على السلع الصينية، في تحوّل بدا كأنه نافذة انفراج في جدار الجمود الذي دام سنوات.

الرسوم الجمركية ليست مجرد ضريبة.. إنها سياسة

يتجاوز أثر الرسوم الجمركية مجرد كونها ضرائب على السلع، فهي أداة سياسية تُستخدم في معارك النفوذ الاقتصادي، وفي هذا السياق، فإن التهدئة بين واشنطن وبكين تعني تراجعًا ولو مرحليًا في الحرب الباردة التجارية التي كانت تستهدف عزل الصين عن الأسواق العالمية، وتوجيه ضربات استباقية لنفوذها التكنولوجي والصناعي.

ولكن التراجع الأميركي اليوم يُفهم أيضًا كإقرار بأن الحرب التجارية أتت بنتائج عكسية، فبدلًا من خنق الصين، ساعدت في تعزيز استقلالها الصناعي، ودفعتها نحو تنويع أسواقها، بل وشجعت تحالفات جديدة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

الصين وأميركا

البيت الأبيض يعيد الحسابات.. وكلفة الحرب تزداد

إن إدارة ترامب تدرس خفض الرسوم بنسبة قد تصل إلى 50-65% على بعض الواردات الصينية، هذه الخطوة، وإن لم يُحسم قرارها بعد، تحمل في طياتها اعترافًا ضمنيًا بأن سياسة الرسوم الجمركية أثرت سلبًا ليس فقط على الاقتصاد الصيني، بل أيضًا على المستهلك الأميركي نفسه، الذي دفع الفاتورة على هيئة أسعار أعلى وتضخم متزايد.

ويبدو أن إعادة النظر في الرسوم لم تأتِ فقط من باب السياسة التجارية، بل كذلك من زاوية الضغط المتزايد من الأسواق والمستثمرين، الذين باتوا يخشون من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود نتيجة الانغلاق التجاري المتبادل بين القوتين العظميين.

من التصعيد إلى التهدئة.. ما الذي تغيّر؟

أولًا، لغة التصريحات تغيّرت، فقد تخلّى ترامب عن لهجة التحدي، ليؤكد أن الرسوم التي فُرضت سابقًا كانت عالية للغاية، مشيرًا إلى أنه لا يمانع في خفضها، ولكن دون إلغائها بالكامل، ومن الجانب الصيني، ظهرت إشارات إيجابية واستعداد لبدء حوار تجاري، رغم التحذير بأن بكين لن تفاوض تحت وطأة التهديدات.

ثانيًا، التحوّل في الموقف الأميركي ترافق مع إشارات تعافي في أسواق المال، التي شهدت انتعاشًا ملحوظًا بعد موجة اضطراب حادة قادها التصعيد الجمركي في الأشهر الماضية، فبمجرد إعلان نية التهدئة، ارتفعت المؤشرات الأميركية، وتبعتها نظيرتها الآسيوية والأوروبية، في دلالة واضحة على حساسية الأسواق لأي بادرة استقرار.

ترامب

ماذا بعد؟

الاقتصاد العالمي يقف اليوم على حافة سيناريوهات مفتوحة، إن هدأ ترامب، فقد تعود الأسواق إلى بعض التوازن، وإن صعّد، فالخسائر مرشحة للتمدد.

ما هو مؤكد أن المستثمرين يبحثون عن ملاذات آمنة، والذهب حاليًا هو النجم المتوهج في هذا المشهد الرمادي.

لكن، ما الذي يعنيه هذا التحوّل المفاجئ؟ وهل نحن فعلاً أمام نهاية أزمة العشرينيات الاقتصادية، أم أن الأمر لا يعدو كونه هدوءًا مؤقتًا قبل العاصفة؟

Short Url

showcase
showcase
search