الخميس، 24 أبريل 2025

09:05 م

ذهب الأزمات أم لعنة الفقاعات؟ هل نحن على أعتاب انفجار ذهبي؟

الخميس، 24 أبريل 2025 09:30 ص

احتياطي الذهب

احتياطي الذهب

تحليل/ كريم قنديل

في عالمٍ لا يتعلم من أزماته، تظل أسعار الذهب تتراقص فوق رؤوس المستثمرين، كراقصةٍ على حبل مشدود، لا أحد يعلم متى تسقط، لكن الجميع يعلم أن السقوط مؤكد.

احتياطي الذهب

ارتفاع الذهب بسرعة صاروخية، أعاد إلى الأذهان ما حدث قبل أكثر من عقد، كانت فيه أسواق العالم تتقلب تحت صدمة الأزمة المالية العالمية، واليوم، وبعد مرور أكثر من 14 عامًا، تبدو كلماته وكأنها صدى يتردد في أروقة الأسواق العالمية، لكن، ما الذي يجعل الذهب هذا المعدن اللامع الذي تحبه القلوب وتطمئن له الثروات، فقاعة تهدد بالانفجار؟

الذهب من زينة النساء إلى لعبة الكبار

اعتاد العالم النظر إلى الذهب كرمز للجمال ومخزن للقيمة في آنٍ واحد، أكثر من نصف إنتاجه العالمي يذهب للزينة، تحديدًا في أسواق مثل الهند، لكن القفزات الجنونية في الأسعار دفعت الكثيرين للتراجع عن اقتنائه، بعدما صار بعيد المنال حتى عن أصحاب الدخل المتوسط.

في الخلفية، كانت البنوك المركزية وصناديق الاستثمار تتعامل مع الذهب بوجه جديد، ليس كمعدن، بل كسلاح مالي، المضاربون اقتحموا المشهد، الذهب تحول إلى أصل استثماري خالص، وهنا بدأت فصول الفقاعة.

احتياطي نقدي

البنوك المركزية تعود إلى اللعبة

بينما كان صندوق النقد الدولي يفرغ خزائنه الذهبية، باعتباره أصلًا غير مربح، كان لاعبو العالم الكبار يعيدون حساباتهم، الصين، مثلًا، وضعت خطة طموحة لرفع احتياطياتها من الذهب بآلاف الأطنان، حيث سجلت ما يقرب من 44 آلف طن خلال 2024.

دول ناشئة عدة، من الهند إلى روسيا، بدأت تنظر إلى الذهب ليس فقط كمخزن للقيمة، بل كدرع يحميها من اضطرابات الدولار والأزمات السيادية.

هل الذهب فقاعة فعلاً؟

في جوهره، يحمل الذهب خصائص تؤهله لأن يكون ملاذًا آمنًا في الأزمات، لكنه لا يُنتج عوائد، لا فوائد، لا أرباح، فقط بريق. 

ومع تراجع أسعار الفائدة عالميًا بعد 2008، أصبح الاحتفاظ به أمرًا مبررًا، لكن ماذا بعد أن تعود الفوائد؟ ماذا يحدث عندما يبدأ العالم في الاستفاقة من غيبوبة الأزمات؟

 الذهب سيتحول فجأة إلى عبء، أصل غير منتج، وتبدأ حينها صناديق الاستثمار في الهروب الجماعي، وهنا تحديدًا تبدأ الفقاعة بالانفجار.

مؤشر الذهب

من 1980 إلى اليوم، التاريخ لا ينسى

تاريخ الذهب يعيد نفسه، في 1980، قفزت الأسعار بفعل توترات الشرق الأوسط وارتفعت التوقعات إلى مستويات جنونية، ثم انهارت الأسعار بشدة، من 800 دولار للأوقية إلى أقل من النصف، في وقت قياسي.

اليوم، مع ارتفاع الذهب إلى مستويات تجاوزت ضعف تكلفة إنتاجه، ومع صعود الحديث عن سعر 3500 دولار للأوقية، يبدو أننا نعيش اللحظة نفسها مجددًا لكن بنكهة مختلفة.

أزمة 2008 العالمية 

شهد العالم أزمة مالية عالمية عام 2008، مما أدى إلى تعثر سداد القروض العقارية ذات الجودة الضعيفة، وانهيار عدد من المؤسسات المالية التي كانت قد ضخت استثمارات ضخمة في هذا النوع من القروض، وسرعان ما امتدت تداعيات الأزمة إلى مختلف أنحاء العالم، متسببةً في تراجع حاد في وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.

وكان من أبرز الأحداث خلال هذه الفترة إعلان إفلاس بنك ليمان براذرز، أحد أضخم البنوك الاستثمارية في العالم، وهو ما شكّل صدمة قوية للأسواق المالية، ورافق ذلك هبوط حاد في قيمة العديد من الأصول، من بينها الأسهم، والعقارات، وأشكال متعددة من الاستثمارات.

الذهب

الذهب لم يعد تقليديًا

الغريب في الأمر أن الذهب، والذي يُعد تقليديًا ملاذًا آمنًا وقت الأزمات، لم يتصرف كما كان متوقعًا في بدايات الأزمة، ففي المرحلة الأولى، تراجع سعر الذهب نتيجة لقيام المستثمرين ببيع أصولهم، بما في ذلك الذهب، لتغطية الخسائر وسد احتياجات السيولة، إلا أن هذا الاتجاه لم يستمر طويلاً.

فمع ازدياد عمق الأزمة وتصاعد المخاوف حول استقرار النظام المالي العالمي، بدأ المستثمرون يتوجهون بقوة إلى الذهب بحثًا عن الأمان، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره بشكل ملحوظ، واستمر هذا الاتجاه الصاعد حتى عام 2013، حين بدأ المعدن النفيس يدخل في مرحلة من الاستقرار بعد خمس سنوات من الارتفاع المتواصل.

اللعبة الكبرى، هل نحن ضحايا لمضاربي الذهب؟

واحدة من أكثر الجمل المثيرة هي تلك التي يتهم فيها أنصار الذهب بـاللعبة القذرة، هؤلاء الذين يُروّجون للمعدن النفيس كأنه العصا السحرية للثروة، هم أنفسهم من يستعدون للهروب عندما تبدأ المؤشرات في التراجع.

إنه المشهد الذي يتكرر في كل فقاعة، المضاربون يدخلون مبكرًا، يروجون للصعود اللامحدود، ثم يغادرون عند أول اهتزاز تاركين المساكين في مهب الريح.

سبائك ذهبية

فقاعة تنتظر شرارة

الذهب اليوم، ليس ذهب الأمس، إنه أصل مضاربي، متقلب، هش، فقاعة تنتظر شرارة، والمؤلم في الأمر أن لا أحد يعرف متى تنفجر، لكن انفجارها، مؤكد مثل سطوع الشمس في وضح النهار.

وبينما نحن في عالم لا يتعلم من أزماته، بالرغم من التحذيرات الصادقة، ينتظر العالم فقاعة أسعار الذهب متخطيًا الأرقام التي يخشاها المصريون، والجميع يعرف أن المعدن الأصفر عبر التاريخ لا يمزح.

Short Url

showcase
showcase
search