«من بوش الأب إلى ترامب»، تاريخ التوتر بين البيت الأبيض والفيدرالي يكشف دروس حاسمة
الأربعاء، 23 أبريل 2025 01:44 م

ترامب وباول
تحليل/ ميرنا البكري
دائمًا كانت العلاقة بين البيت الأبيض ومجلس الاحتياطي الفيدرالي مرآة توضح مدى توازن السياسة النقدية في مواجهة الضغوط السياسية، خاصةً في أوقات الركود أو التباطؤ الاقتصادي، ففي بدايات التسعينيات، عندما تم اتهام رئيس الفيدرالي "آلان غرينسبان" بالتسبب في خسارة جورج بوش الأب للانتخابات، ومن الواضح ان هذا المشهد يتكرر اليوم مع دونالد ترامب ورئيس الفيدرالي جيروم باول، في حالة من التوترات الاقتصادية وضغوط شعبوية.
_1774_013308.jpg)
بوش الأب وغرينسبان، سابقة تاريخية تكشف هشاشة العلاقة بين الرئاسة والفيدرالي
وفقًا لما نشرته CNN الاقتصادية، في مطلع التسعينات، واجه الاقتصاد الأميركي ركود أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى 7.8%، وهو ما وضع الرئيس جورج بوش الأب تحت ضغط سياسي حاد قبل الانتخابات بفترة قليلة، وطلب بوش خفض أسعار الفائدة لإنعاش اقتصاد البلد، لكن آلان غرينسبان رفض، خوفًا من حدوث التضخم، فهذا القرار لم يكن فقط اقتصاديًا، بل سياسيًا في تداعياته، حيث اعتبره البعض سببًا رئيسيًا لخسارة بوش أمام كلينتون.
ترامب وباول، الضغوط تتكرر والنبرة أكثر حدة
منذ بداية 2025، تعرض ترامب لضغوط اقتصادية مشابهة وسط تصاعد التوترات التجارية وتباطؤ النمو، وبينما يستمر في انتقاداته العلنية لجيروم باول، ووصفه له بـ"الخاسر الكبير"، فجاءت الردود متحفظة من باول، الذي تمسك باستقلاليته، كما إن تصريحات ترامب الأخيرة من المكتب البيضاوي عكست الإحباط الرئاسي، لكن دون قرارات تنفذ على أرض الواقع، مكتفيًا بالإشارة إلى أنه "لا ينوي إقالة باول".
الاقتصاد والانتخابات، من يكسب الجيب يكسب الصوت
منذ القدم يُعرف الاقتصاد الأمريكي بأن له تأثير مباشر على نتائج الانتخابات، بمعنى أكثر وضوحًا، إذا استمر المواطن الأمريكي في الشعور بأن وضعه المالي مضمون، في الأاغلب سيعطي صوته للرئيس الحالي، وهو الامر الذي يجعل ترامب مهتم جدًا بخفض الفائدة، لكي يحرك الاقتصاد، يقلل البطالة، ويجعل السوق يتحسن قبل الانتخابات.
استنادًا إلى تقارير من "Brookings" و"CNBC"، يعتبر أداء الاقتصاد في العام السابق للانتخابات واحد من أهم المؤشرات على فرص فوز الرئيس الحالي، أي إذا كانت معدلات النمو جيدة والشعب يشعر بتحسن، ينعكس ذلك في رفع فرص إعادة انتخابه، والعكس صحيح، وبالتالي أي تباطؤ اقتصادي أو زيادة في البطالة، تقلل من فرصة انتخابه.
لذلك الضغط الذي يحاول ترامب أن يمارسه على باول ليس نابع من خلاف سياسي، لكن أيضًا من قلق انتخابي حقيقي، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل إنقاذ الاقتصاد على المدى القصير يستحق التضحية باستقلالية الفيدرالي؟ أم قد يأتي التدخل السياسي بنتائج عكسية مثل ما حدث سابقًا مع بوش الأب؟

الاحتياطي الفيدرالي، استقلال قانوني في وجه العاصفة السياسية
بالرغم من انتقادات ترامب، يتمتع الفيدرالي الأمريكي بحماية قانونية تضمن استقلاله، حيث ليس هناك حق للرئيس بإن يقيل رئيس الفيدرالي دون مبرر قانوني واضح وصريح، وأكد باول أنه لن يستقيل تحت أي ضغوط، مؤكدًا بذلك تمسكه بدوره المهني المستقل.
تداعيات السوق، الذهب يسجل قفزات والدولار يتراجع
أثرت التوترات التجارية سريعًا على الأسواق، حيث ارتفعت الأونصة الذهبية ارتفاعًا ملحوظًا بلغ 3,500 دولار، مقابل التراجع المؤقت للدولار الامريكي، وهو ما يعكس قلق المستثمرين من المساس باستقلالية السياسة النقدية، ولكن عادت الأسواق للاستقرار تدريجيًا، مدفوعة بتصريحات باول وطمأنة المؤسسات.
السيناريو التركي، شبح التدخل السياسي يلوح في الأفق
يقول بعض المحللين أن الضغوط المستمرة على الفيدرالي تفتح الباب أمام "السيناريو التركي"، يقصد به عندما تدخل الرئيس أردوغان في سياسات البنك المركزي التركي أدى إلى ارتفاع التضخم وانهيار الليرة، ويخشى البعض أن تكون خطوات ترامب تمهيدًا لطريق مشابهًا قد يزعزع الثقة العالمية في السياسة النقدية الأميركية.
ختامًا، رغم تباين السياقات السياسية والاقتصادية، إلا أن هناك خيطًا مشتركًا يربط بين الماضي والحاضر، يعكس أن محاولات إدخال السياسة النقدية في البعد السياسي قد تأتي بنتائج عكسية. وبينما يُصر ترامب على خفض أسعار الفائدة لتعزيز فرصه في الانتخابات المقبلة، يتمسك باول باستقلالية الفيدرالي كضمانة للاستقرار الاقتصادي، ويبقى السؤال هل سنشهد انتصار الاقتصاد على السياسة، أم الماضي يعيد نفسه؟.
Short Url
الدولار المريض يربك العالم، البنوك المركزية نحو دواء لأزمة الثقة
23 أبريل 2025 08:34 م
وداعًا للسيارات، أول دولة تتخذ القرار الأكثر جرأة في العالم (تفاصيل)
23 أبريل 2025 06:29 م


أكثر الكلمات انتشاراً