الجمعة، 25 أبريل 2025

07:32 ص

شركات أوروبا تحت التهديد، موجة تسريحات واسعة تكشف هشاشة التعافي الاقتصادي

الثلاثاء، 22 أبريل 2025 08:42 م

فصل العاملين

فصل العاملين

كتب/ كريم قنديل

في مشهد يعكس عمق الأزمة التي تمر بها الاقتصادات الأوروبية، تتسارع خطوات كبرى الشركات في اتجاه تقليص الوظائف وتسريح العمال، في ما يبدو أنه رد فعل مباشر على تباطؤ اقتصادي يزداد وضوحًا وتفاقمًا منذ نهاية 2023.

تسريح الموظفين

قطاع السيارات، البوصلة الصناعية للقارة، يتصدر عناوين التقشف، لكن العدوى طالت البنوك والصناعة والتجزئة، بل وحتى شركات التكنولوجيا الحيوية، ما يعكس أزمة أوسع نطاقًا، تتجاوز قطاعًا بعينه وتمتد إلى بنية الاقتصاد الأوروبي.

أوروبا تترنح تحت عبء الركود

البيئة الاقتصادية الحالية تبدو معقدة، تضخم عنيد، أسعار فائدة مرتفعة، طلب استهلاكي متراجع، وصادرات في هبوط مستمر، خاصة نحو الصين والأسواق الناشئة، ألمانيا، القاطرة الصناعية للقارة، تعاني من ركود فني، ومع تراجع زخم الانتعاش بعد جائحة كورونا، وجدت الشركات نفسها أمام خيارات صعبة، تقليص التكاليف أو خسارة القدرة التنافسية.

قطاع السيارات في عين العاصفة

في مقدمة المسرح، نجد شركة بورشه الألمانية تعلن عن إلغاء 2000 وظيفة إضافية، فوق 1900 وظيفة سبق الإعلان عنها، وسط تحركات تفاوضية مرتقبة مع النقابات، فولكس فاجن بدورها لم تكن بعيدة، إذ قررت الاستغناء عن 1600 موظف في قسمها البرمجي، بينما تخطط أودي التابعة لها لتقليص 7500 وظيفة في ألمانيا حتى عام 2029.

شركة رينو الفرنسية استغنت عن 300 وظيفة في مصنعها في ساندوفيل، فيما خفّضت ستيلانتيس 350 وظيفة في إيطاليا وعلّقت وظائف 900 موظف في الولايات المتحدة، في استجابة سريعة لقرارات التعريفات الأميركية الجديدة، حتى فولفو السويدية دخلت الخط، معلنة عن تسريح 800 موظف في أمريكا.

تسريح الموظفين

المصارف والصناعة وضحايا إضافية

القطاع المصرفي لم يسلم، دويتشه بنك، أحد أعمدة النظام المالي الألماني، قرر خفض 2000 وظيفة في قطاع التجزئة، في حين كشفت سانتاندير المملكة المتحدة عن نية إغلاق فروع جديدة، مهددة وظائف 750 موظفًا، يو بي إس UBS السويسري أخطر النقابات في إيطاليا بنيته تسريح ثلث طاقمه هناك.

وفي القطاع الصناعي، تعتزم سيمنس تسريح 5600 موظف من وحدة الرقمنة الصناعية، وهو رقم ضخم يعكس ضعف الطلب محليًا وعالميًا، أما تيسن كروب، فقد قررت التخلص من 1800 وظيفة، في استمرار لنزيف الوظائف في قطاع السيارات والصناعات الثقيلة.

تداعيات تمتد إلى كل القطاعات

حتى القطاعات التي عادة ما تُعتبر أكثر مرونة، لم تنجُ، سلسلة موريسونز البريطانية للتجزئة عرضت 365 وظيفة للخطر، بينما قررت نستله بيع مصنعين في ألمانيا، ما يعني تسريح 225 موظفًا. 

أما بوما، عملاق الملابس الرياضية، فأطلقت خطة لتقليص 500 وظيفة حول العالم.

في مشهد ربما يكون الأكثر رمزية، أعلنت دي إتش إل DHL عن خطة ضخمة لتسريح 8000 موظف في ألمانيا، بهدف توفير مليار يورو من التكاليف، في إشارة إلى أن حتى الخدمات اللوجستية، التي ازدهرت في زمن الجائحة، باتت تعاني من ركود الطلب.

تسريح الموظفين

الرسالة واضحة، الخطر يلوح في الأفق

التحركات الأخيرة للشركات الأوروبية لا تعكس فقط تدهورًا آنيًا، بل تحمل مؤشرات على قلق أعمق تجاه ما هو قادم، فهذه التسريحات ليست فقط استجابة لأرباح منخفضة، بل استعداد لمرحلة طويلة من النمو البطيء والطلب الهش.

من الواضح أن أوروبا تستعد لفصل اقتصادي قاسٍ، حيث لم تعد المخاوف نظرية أو مؤقتة، بل باتت واقعًا يوميًا في قوائم التسريحات وغرف مجالس الإدارات، والسؤال الآن، هل هذه بداية دورة تقشف واسعة، أم أن القارة قادرة على امتصاص الصدمة وتغيير المسار قبل أن تتسع رقعة الخسائر؟

Short Url

showcase
showcase
search