السبت، 19 أبريل 2025

08:23 م

ترامب يشعل الأسعار، آيفون 16 في مهب نار الرسوم الجمركية

الجمعة، 18 أبريل 2025 02:17 م

شعار شركة آبل

شعار شركة آبل

تحليل/ كريم قنديل

في الوقت الذي يستعد فيه العالم لاستقبال الجيل الجديد من هواتف آبل iPhone 16، يلوح في الأفق تهديد غير مسبوق قد يعيد تشكيل العلاقة بين التكنولوجيا والمستهلك، ألا وهي التعريفات الجمركية.

شعار شركة آبل

الرئيس دونالد ترامب، في أحدث تصعيداته ضمن الحرب التجارية المفتوحة مع الصين، فرض رسومًا تصل إلى 145% على الواردات الصينية، ضاربًا بعصاه الثقيلة في صميم سلاسل التوريد العالمية، وعلى رأسها سلسلة آبل، والنتيجة؟ الآيفون، أيقونة الحداثة الرقمية، قد يتحول إلى سلعة نخبوية تتجاوز أسعارها 3,000 دولار.

حرب أسعار باردة: من الآيفون إلى السماعة

ترامب لم يكتف بإعادة فتح ملف الحرب التجارية، بل فجّره بإعلان استثناء جميع الدول من الرسوم الجديدة، باستثناء الصين، وبما أن الصين هي ورشة العالم، وبشكل خاص مركز صناعة الإلكترونيات، فإن الضربة لم تطل الصين وحدها، بل الشركات الأمريكية نفسها.

آبل مثال صارخ، فالشركة تعتمد على الصين ليس فقط لتجميع هواتفها، بل لتصنيع جزء كبير من المكونات الدقيقة داخلها من الشرائح إلى البطاريات، وتقديرات UBS تشير إلى أن كلفة تصنيع آيفون في الصين سترتفع بنحو 67%، ما يعني أن السعر النهائي للمستهلك الأمريكي قد يقفز إلى حدود 2,000 دولار.

يقدّر محللو شركة UBS أن سعر النسخة الأساسية من آيفون 16 برو ماكس، الذي يُجمَّع في الصين ويُباع حاليًا بـ 1,199 دولار، قد يرتفع بمقدار 800 دولار أي بنسبة 67% بسبب الرسوم الجمركية الجديدة، في المقابل، فإن آيفون 16 برو المُجمَّع في الهند قد يشهد زيادة طفيفة لا تتجاوز 45 دولارًا فقط.

شركة آبل

تستند هذه التقديرات إلى الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب، والتي تشمل فرض تعريفة بنسبة 145% على الواردات الصينية، بالإضافة إلى تجميد مؤقت لمدة 90 يومًا للرسوم المفروضة على الدول الأخرى، وقبل إعلان هذه القرارات، كانت التقديرات تشير إلى ارتفاع السعر بمقدار 675 دولار للنسخة المصنوعة في الصين، و120 دولار للنسخة المصنوعة في الهند.

وإذا حاولت آبل نقل التصنيع إلى الولايات المتحدة؟ فاستعد لصدمة أخرى، تتمثل في تكلفة الآيفون التي قد تتجاوز 3,500 دولار، بسبب ارتفاع تكلفة الأجور، وانخفاض كفاءة خطوط الإنتاج المحلية مقارنة بالمصانع الصينية المتطورة.

مخزون في سباق مع الزمن

هل يستطيع المستهلك الأمريكي شراء آيفون جديد بالسعر الحالي؟ نعم، ولكن لفترة محدودة جدًا، فوفقًا للتحليلات، تمتلك آبل مخزونًا في السوق الأمريكية يكفي ما بين 3 إلى 6 أسابيع فقط، وبعد نفاد هذا المخزون، ستبدأ الأسعار بالتحرك صعودًا، تدريجيًا أو دفعة واحدة بحسب استراتيجية آبل وشركائها في التوزيع.

شركات الاتصالات قد تحاول امتصاص الصدمة عبر العروض والدفع بالتقسيط، لكن الحقيقة، تظل الكلفة على الشركات سترتفع، وسيتحول العبء تدريجيًا إلى المستهلك.

منتجات شركة آبل

مصنع في كل ولاية؟ أحلام سياسية، وواقع اقتصادي عنيد

البيت الأبيض لمح إلى إمكانية إعادة آبل إلى الداخل، أي تصنيع الآيفون داخل الولايات المتحدة، من الناحية السياسية، قد يبدو ذلك ضربة ناجحة في الحرب التجارية، ولكن اقتصاديًا، الكلفة باهظة، والنتائج غير مضمونة.

أولاً: بنية التصنيع الأمريكية غير مهيأة لإنتاج الآيفون بالجودة والكمية المطلوبة.

ثانيًا: لا يوجد ما يكفي من العمالة المدربة والراغبة في العمل في مصانع من هذا النوع.

ثالثًا: سلاسل التوريد العالمية من رقائق الذاكرة إلى الشاشات تمر بالصين أو جيرانها، ما يعني أن أي عملية تصنيع أمريكي ستظل مرتبطة بشكل أو بآخر بالصين.

كما قال Willy Shih، أستاذ إدارة الأعمال في هارفرد: "قد تستطيع آبل بناء مصنع.. لكن من الصعب أن تجد عمالًا يريدون هذه الوظائف."

ماذا عن الهند؟ هل تكون المنقذ؟

آبل بدأت فعليًا في تقليل اعتمادها على الصين، ووسعت استثماراتها في الهند وفيتنام، وتحديدًا في تصنيع أجهزة موجهة للسوق الأمريكية، كما أن تصنيع آيفون في الهند قد يرفع السعر النهائي فقط بـ 45 دولارًا وهو فارق ضئيل جدًا مقارنة بتعريفة 145%.

لكن الهند، رغم تقدمها، لا تزال في طور بناء البنية التحتية المناسبة للإنتاج الضخم والدقيق مثل ما هو موجود في الصين، أي أن هذا المنقذ المحتمل يحتاج إلى وقت، بينما ترامب لا يمنح الشركات سوى 90 يومًا فقط قبل بدء تطبيق التعريفات الجديدة.

منتجات آبل

ماذا يعني ذلك للاقتصاد الكلي؟

ارتفاع أسعار الآيفون لن يضرب فقط ميزانية المستهلك، بل قد يكون له تأثير أوسع:

تراجع الطلب على الإلكترونيات: خاصة الهواتف، الحواسيب، الملحقات ما يؤثر سلبًا على شركات التقنية الأمريكية.

موجة تضخمية: مع ارتفاع أسعار السلع المستوردة، سيُضغط على الأسعار الاستهلاكية، مما يخلق ضغوطًا تضخمية في وقت يحاول فيه الاقتصاد الأمريكي استقرار معدلات الفائدة.

تباطؤ الابتكار: إذا اضطرت الشركات لتحويل ميزانياتها من البحث والتطوير إلى محاولة امتصاص التكاليف الجديدة، فقد نرى تراجعًا في الابتكار، وتأخيرًا في طرح التقنيات الجديدة.

الآيفون ليس مجرد هاتف

الآيفون أصبح رمزًا للحداثة الأمريكية منتجٌ أمريكي بروح آسيوية، لكن السياسات الجديدة تهدد هذه الصيغة الدقيقة، فالتقنيات التي كانت تزداد تطورًا وتنخفض سعرًا عامًا بعد عام، قد تدخل عصرًا جديدًا من الندرة وارتفاع الأسعار، ما قد يعيد تشكيل علاقة المستهلك بالتكنولوجيا.

ربما آن الأوان لنتوقف عن سؤال "متى ينزل الآيفون الجديد؟"، ونسأل بدلًا من ذلك: هل ما زلنا قادرين على شرائه؟

Short Url

search