السبت، 19 أبريل 2025

08:29 م

أمريكا تُهدد والصين تُغرق الأسواق، كيف أصبحت آسيا ساحة صراع بين بكين وواشنطن؟

الجمعة، 18 أبريل 2025 11:37 ص

الصين وأمريكا

الصين وأمريكا

تحليل/ كريم قنديل

في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تجد دول جنوب شرق آسيا نفسها في موقع بالغ الحساسية، لكنه مليء بالفرص، ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد جمد مؤقتًا فرض رسوم جمركية جديدة على دول آسيوية مثل ماليزيا وإندونيسيا وكمبوديا، إلا أن الأثر النفسي والسياسي قد يكون قد حدث بالفعل وربما إلى الأبد.

التجارة الصينية الأمريكية

الضرر تم، فالدول التي كانت تتابع المشهد وتستمتع به مستفيدة من التنافس الأمريكي الصيني، أصبحت فجأة على خط النار.

ماليزيا في المنتصف: منقذة أم ضحية؟

ماليزيا، التي بقت مركز مهم لتصنيع الرقائق الإلكترونية، استفادت من القيود الأمريكية على تصدير التكنولوجيا المتقدمة للصين، الصين وحدها استوردت بـ18 مليار دولار من الرقائق الماليزية في سنة واحدة، لكن بمجرد التهديد بفرض رسوم 24% من ترامب على المنتجات الماليزية، بدأ المستثمرون يعيدوا حساباتهم.

إذا استمر هذا الوضع، فإن الشركات ستعيد التفكير مرتين قبل أن تأخذ قرار الاستثمار داخل ماليزيا، وذلك سيأثر ليس فقط على ماليزيا بل على الاقتصاد العالمي ككل.

منقذة للغُرباء، أم فريسة لحلفاء قدامى؟

التحالف الاقتصادي ما بين الصين ودول مثل كمبوديا بدأ يتآكل، كمبوديا، التي تحولت لمركز ترانزيت للبضائع الصينية، أصبحت مستهدفة برسوم ضخمة تصل إلى 49%، وهذا يعرّض نمط نموها المبني على التصدير للسوق الأمريكي لخطر كبير.

أما إندونيسيا، فقصتها مختلفة، فهي تملك احتياطات ضخمة من النيكل، والذي يعد معدن حيوي لصناعة السيارات الكهربائية، لكنها الآن مهددة برسوم 32%، في وقت تحاول فيه بناء نفسها كمورد عالمي استراتيجي.

المنتجات الصينية

المنتجات الصينية الرخيصة: نعمة للمستهلك.. نقمة للصناعة المحلية

بدأ أصحاب العلامات التجارية يشعروا بخطورة الموقف، وخاصةً إغراق السوق بمنتجات صينية رخيصة الثمن، حيث يصل سعر المنتج إلى النصف أو أقل من ذلك.

الأثر كان مدمر، في تايلاند، أكتر من 100 مصنع يقوم بالإغلاق كل شهر، في إندونيسيا، ربع مليون عامل في قطاع النسيج فقدوا عملهم خلال سنتين، إلى جانب الكثير من العمالة، والتي عملت في مصنع Sritex لمدة 30 عامًا، وجدوا أنفسهم فجأة في الشارع، بلا ضمانات ولا بدائل.

رد الفعل: حماية الأسواق.. ولكن بحذر

جنوب شرق آسيا بدأت ترد، فيتنام فرضت رسوم إغراق مؤقتة على منتجات صلب صينية، إندونيسيا فكرت في فرض رسوم 200% على بعض السلع، وقررت حظر منصة Temu الصينية، تايلاند زوّدت الضرائب على السلع الرخيصة.

لكن في المقابل، لا يوجد رغبة حقيقية في مواجهة سياسية مع بكين، الصين لا تزال قوة اقتصادية هائلة، وأغلب الدول تحتاج إلى توازن حساس بين علاقتها بأمريكا السوق الأكبر والصين الجار الأكبر.

الحرب التجارية

فرصة وسط الأزمة؟

ورغم كل ذلك، يوجد فرصة ذهبية تلوح في الأفق، حيث تأخذ قرارات تحول الاستثمارات من دولة لأخرى شهور  وليست أيام، مما يتيح للدول النامية الكثير من الفرص الذهبية للدخول إلى تلك الأسواق والاستثمار فيها منتهزة تلك الحرب التجارية وفراغ الساحة من أي منافس حاليًا.

على سبيل المثال، ماليزيا تمتلك فرصة للإستحواذ على جزء من سوق القفازات الطبية، وهذا القطاع بالفعل تقوده عالميًا، حتى مع فرض رسوم 24%، لا زالت منتجاتها أرخص بكثير من مثيلتها الصينية التي عليها 145%.

العالم يعيد ترتيب أوراقه

قرارات ترامب متغيرة والمشهد العالمي مضطرب وغير مستقر، وقرارات ترامب يمكن أن تُجمَد، لكن الجنوب الشرقي لآسيا استوعب الرسالة، لا يجب الاعتماد على أمريكا أو الصين فقط، حيث أصبح التنويع ليس مجرد رفاهية بل أصبح ضرورة وجودية.

وفي لحظة إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية، دول مثل ماليزيا، فيتنام، وإندونيسيا تمتلك فرصة نادرة، لكنها محفوفة بالمخاطر، واللعبة أصبحت ليست اقتصادية فقط، بل الدبلوماسية، والسرعة، والقدرة على اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة هي أساس اللعبة.

Short Url

search