الثلاثاء، 15 أبريل 2025

07:11 ص

مصر تقرأ رقميًا، خدمات الكتب تسجل نموًا بـ2.8% سنويًا حتى 2030

الأحد، 13 أبريل 2025 04:45 م

الكتب الرقمية

الكتب الرقمية

تحليل/ كريم قنديل

في وقت تتسابق فيه الأسواق العالمية نحو الرقمنة، يخطو سوق خدمات الكتب في مصر بثبات نحو مستقبل يجمع بين عبق الورق وبريق الشاشة، من أرفف المكتبات إلى منصات القراءة الرقمية، يعيش هذا السوق تحولات جذرية، مدفوعًا بطفرة في التعليم، وتوسع سكاني متعطش للمعرفة، وتغيرات في سلوك القارئ المصري. 

المكتبات الورقية

سوق يتجاوز المطبوعات إلى آفاق رقمية

في خضم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر، يبرز سوق خدمات الكتب كواحد من القطاعات التي تعكس ديناميكيات التغيير والتحديث، فبقيمة بلغت 234.36 مليون دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 276.59 مليون دولار بحلول عام 2030، ينمو هذا السوق بمعدل نمو سنوي مركب يفوق 2.8%، مدفوعًا بجملة من العوامل الاقتصادية، الثقافية، والتعليمية.

التعليم أولًا: محرك النمو المستدام

يُعد ارتفاع معدلات الالتحاق بالتعليم وازدياد عدد الطلاب من أبرز العوامل التي تدفع نمو السوق، لا سيما في ظل دعم حكومي واضح لقطاع التعليم عبر مبادرات مثل "التعليم 2.0"، التي تهدف إلى تحديث المناهج وتبني وسائل تعليمية حديثة. 

هذه التوجهات رفعت الطلب على الكتب الأكاديمية، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة، فضلًا عن زيادة الاعتماد على الكتب الإنجليزية داخل المدارس الدولية والخاصة، ما أضفى بُعدًا جديدًا على تركيبة السوق.

التحول الرقمي

التحول الرقمي: إعادة تشكيل طرق الاستهلاك والتوزيع

التحول الرقمي يلعب دورًا متسارعًا في إعادة تشكيل سوق الكتب، حيث أصبح للمنصات الإلكترونية والكتب الرقمية حضور متزايد، خصوصًا بين الشباب، انتشار الأجهزة الذكية وسهولة الوصول إلى الإنترنت أسهما في خلق بيئة أكثر مرونة للقراءة والتعلم، بينما أسهمت جائحة كورونا في تسريع هذا التحول، من خلال تعزيز التعليم عن بُعد والاعتماد على المواد الإلكترونية. 

ومع توسع دور التعليم الرقمي، أضحت الكتب الإلكترونية والمكتبات الرقمية أداة أساسية، لا سيما في المؤسسات التعليمية.

التحديات الهيكلية: قرصنة المحتوى وتكاليف الإنتاج

ورغم النمو الملحوظ، لا تزال هناك تحديات بنيوية تؤرق هذا القطاع، وعلى رأسها قرصنة الكتب وضعف حماية حقوق الملكية الفكرية، فانتشار النسخ غير القانونية، خاصة في الكتب الأكاديمية، يُضعف من أرباح الناشرين ويثنيهم عن الاستثمار في محتوى جديد. 

كما أن ارتفاع تكاليف الطباعة والنقل والاعتماد المستمر على المكتبات التقليدية يحد من وصول الكتب إلى المناطق الريفية والنائية، ويؤثر على القدرة الشرائية للقراء، خاصة في ظل تقلبات الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم.

القراءة الإلكترونية

تنوع الأنماط وتغير السلوك الاستهلاكي

شهد السوق تحولًا في تفضيلات المستهلكين، حيث لم تعد الكتب الأكاديمية وحدها المسيطرة، بل ارتفعت أيضًا حصة كتب الرواية، والتنمية الذاتية، والدين، والسير الذاتية، مدفوعة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي ومجتمعات "بوكستاغرام" و"بوك توك". 

كما ساهمت المعارض الثقافية الكبرى، مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب، في تعزيز الإقبال الجماهيري على القراءة، وتحقيق مبيعات مرتفعة للناشرين، وفتح المجال أمام المؤلفين المستقلين.

اللغة والمحتوى: السوق بين المحلية والانفتاح العالمي

ما يزال المحتوى العربي يحتل الصدارة داخل السوق المصري، مدفوعًا بعوامل دينية وثقافية وتعليمية، إلا أن ازدياد الاهتمام بالمناهج الأجنبية، ووجود جاليات ناطقة بلغات أجنبية، حفز الطلب على كتب باللغة الإنجليزية، والألمانية، والفرنسية، وهو ما يعكس تنامي الروابط الثقافية والاقتصادية بين مصر والعالم.

المكتبات الرقمية

الفرص المستقبلية: نموذج هجين يجمع بين الورقي والرقمي

تتجه السوق نحو تبني نماذج هجينة تجمع بين المحتوى الورقي والتقنيات الرقمية، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام الناشرين والموزعين لتوسيع قاعدة جمهورهم وتقليل التكاليف. 

ومع استمرار دعم الدولة للتعليم، وزيادة الوعي الثقافي، وظهور منصات نشر ذاتي تساعد الكتّاب المستقلين على الوصول إلى قرائهم، يظل سوق خدمات الكتب في مصر مرشحًا لتحقيق نمو مستدام، بشرط مواجهة التحديات المزمنة وتعزيز البيئة الرقمية والتشريعية.

Short Url

showcase
showcase
search