السعودية 2025، بين نمو سكاني متوازن وتحول رقمي متسارع
السبت، 12 أبريل 2025 12:30 م

التحول الرقمي السعودي
تحليل/كريم قنديل
في مشهد يتسم بالتحول السريع والتطور الاقتصادي والاجتماعي، تكشف بيانات حديثة عن الواقع السكاني للمملكة العربية السعودية، حيث بلغ عدد السكان 34.3 مليون نسمة مع نمو سنوي قدره 1.8%، أي بزيادة تعادل 603 آلاف نسمة، مقارنة بالعام الماضي.
هذا النمو يعكس استقرارًا ديموغرافيًا مدروسًا، يأتي في ظل السياسات الوطنية التي تستهدف تحقيق توازن بين التنمية السكانية والتوسع في القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها الاقتصاد الرقمي، والذي بات أحد أعمدة رؤية السعودية لعام 2030م.

مؤشرات لافتة، الشباب حاضرون بقوة
تشير البيانات، إلى أن السن الوسيط للسكان، يقع بين 30: 34 عامًا بنسبة 11.6%، ما يعني أن المملكة، تتمتع بتركيبة سكانية شابة، تشكل وقودًا مهمًا في محركات الاقتصاد والإبداع، وفي ظل التوسع في قطاع التعليم والتقنية، حيث يعكس هذا المؤشر، فرصة ذهبية لبناء اقتصادٍ معرفي مستدام.
وسجل عدد السكان من الذكور، نسبة 60.5% من إجمالي عدد السكان، بينما سجلت الإناث 39.5% من إجمالي عدد السكان السعوديين، فيما كان متوسط العمر 29.6 عامًا، أما من حيث التوزيع السكاني، فيسكن 85.3% من السكان في المناطق الحضرية، وهو ما يدعم خطط التحول الذكي للمدن، وتبني الحلول الرقمية في البنية التحتية والخدمات.

نسب التعليم، المرأة تتصدر المشهد
وتكاد نسبة الأمية في المملكة تكون منعدمة، إذ تصل معدلات معرفة القراءة والكتابة بين الذكور إلى 99%، وبين الإناث إلى 96%، بمعدل إجمالي قدره 98%، وهذا التحسن الملحوظ - لا سيما في تعليم الإناث - يعزز فرص مشاركة المرأة في سوق العمل الرقمي وريادة الأعمال، ويُعد مؤشرًا هامًا لنجاح السياسات التعليمية.
10 سنوات من التحولات السكانية
من عام 2015 إلى 2025، تظهر البيانات تغيرًا ديناميكيًا في عدد السكان:-
شهدت بعض السنوات انخفاضًا طفيفًا مثل عام 2017م، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 1.2% و2018 بنسبة 1.5%، الأمر الذي قد يرجع سببه إلى سياسات تصحيح سوق العمل، أو التغيرات في العمالة الوافدة، في المقابل، كانت هناك قفزات قوية مثل عام 2022م، بنسبة 4.4% تعكس عودة النشاط الاقتصادي بعد الجائحة، وعودة بعض الكفاءات الأجنبية.
ويدل هذا التباين على أن التركيبة السكانية في السعودية ليست جامدة، بل تتفاعل مع المؤثرات الاقتصادية والاجتماعية.
اقتصاد تريليوني وشمول تنموي يضع المملكة في مصاف الكبار
وتبرز المملكة العربية السعودية، كقوة اقتصادية صاعدة بثبات، مدعومة بناتج محلي إجمالي (GDP) بلغ 1.10 تريليون دولار أمريكي، مع ناتج إجمالي بالمعيار المقارن للقوة الشرائية (PPP)، يصل إلى 2.11 تريليون دولار دولي، وهذه الأرقام تعكس ليس فقط حجم الاقتصاد، بل أيضًا القوة الشرائية للسعوديين وقدرتهم على الاستهلاك والمشاركة في السوق المحلي والعالمي.

ماذا تعني هذه الأرقام للمواطن؟
نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بلغ 32,900 دولار أمريكي، بينما يصل وفقًا لمعيار (PPP) إلى 63,100 دولار دولي، ما يضع المملكة بين أعلى الدول في المنطقة من حيث دخل الفرد، أما صافي الدخل القومي للفرد فيبلغ 18,800 دولار أمريكي، وهو مؤشر يعكس الدخل المتاح بعد احتساب التحويلات الخارجية، ما يعطي صورة واقعية عن القوة الاقتصادية للفرد، وتكشف هذه المؤشرات، عن اقتصادٍ قوي قادرٍ على خلق فرص حقيقية وتحسين مستوى المعيشة.
الخدمات الأساسية للجميع تقريبًا
ما يميز السعودية اليوم ليس فقط أرقامها الاقتصادية، بل مستوى الشمول التنموي الذي تحققه:-
- 100% من السكان لديهم وصولٌ إلى الكهرباء.
- 98.6% يستخدمون خدمات مياه الشرب الأساسية.
- 95.3% يحصلون على خدمات الصرف الصحي الأساسية.
- 99.2% يمتلكون هواتف محمولة، ما يعكس اختراقًا تقنيًا عاليًا يمهّد لتوسيع نطاق الخدمات الرقمية.
هذه النسب المرتفعة، تعكس البنية التحتية المتقدمة، خاصة في المناطق الحضرية، وتقدم نموذجًا إقليميًا في تقديم الخدمات الأساسية بجودة وفعالية.

معدلات الفقر شبه منعدمة
لا توجد بيانات محدثة عن نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من $3.65 يوميًا (حسب PPP لعام 2017)، لكن غياب النسبة يشير غالبًا إلى تدنيها، أو عدم تسجيلها كمؤشر مؤثر في السعودية، خاصة في ظل الدعم الحكومي والبرامج الاجتماعية.
بين اقتصاد تريليوني ومواطن رقمي
ولم تعد السعودية، تعتمد فقط على النفط، بل تتجه بثقة نحو التنويع الاقتصادي والاستثمار في رأس المال البشري والبنية التحتية، حيث ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي، في ظل انتشار الهواتف المحمولة، والوصول شبه الكامل إلى الخدمات الأساسية.
وتعد تلك المعطيات كلها، مؤشرات على أن المملكة تتحول تدريجيًا إلى اقتصاد معرفي رقمي، يقوده الابتكار والتكنولوجيا لعام 2025م، وليست فقط سنة أرقام جيدة، بل لحظة إثبات أن رؤية السعودية 2030م، تتحقق على الأرض، وبشكل ملموس.
فرصة ذهبية لعصر رقمي جديد
والأرقام لا تكذب، فالمشهد السكاني الحالي للمملكة، يُشكّل قاعدة صلبة لانطلاق الاقتصاد الرقمي، خاصة في ظل وجود نسبة كبيرة من السكان الشباب المتعلمين، والتحول الملحوظ نحو المدن الذكية، وتقف السعودية 2025م اليوم عند مفترق طرق واعد، حيث يجتمع الاستقرار السكاني بالتقدم التكنولوجي، ما يؤهل المملكة لتكون مركزًا إقليميًا وعالميًا في الاقتصاد الرقمي والمعرفة.
Short Url
أزمة أسعار أم سياسة؟، كيف يعبّر ترامب برجر عن أزمة أمريكا الاقتصادية؟
24 أبريل 2025 04:09 م
ترامب والتعريفات، سياسة بلا بوصلة وفن صفقات محفوف بالمخاطر
24 أبريل 2025 03:23 م
غسّالة الصحون التي هزّت الاشتراكية، تحوّل الاستهلاك إلى سلاح أميركي في الحرب الباردة
24 أبريل 2025 11:57 ص


أكثر الكلمات انتشاراً