الصراع الأمريكي الصيني، هل بداية لتغيير جذري في النظام التجاري العالمي؟

الجمعة، 11 أبريل 2025 06:10 ص

الرسوم الجمركية الأميريكية

شهيرة أحمد

شهدت العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين تطورات متسارعة، مع تصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وقد تحولت هذه المواجهة إلى صراع اقتصادي طويل الأمد يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار الاقتصادي العالمي.

ومن خلال التقرير التالي، نتناول تأثير هذه الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي وتداعيات السياسات الأميريكية المتبعة، وفقًا لتحليل أستاذ التدريس في كلية ماكدونو لإدارة الأعمال بجامعة جورج تاون، آرثر دونج.

تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي

وفي مقال نشرته CNN الاقتصادية، قال أستاذ التدريس في كلية ماكدونو لإدارة الأعمال بجامعة جورج تاون، آرثر دونج، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين لم تعد مجرد خلاف مؤقت، بل أصبحت صراعاً عميقاً قد يتسبب في تراجع كبير في التجارة العالمية، مضيفًا أن التصعيد الأخير بين الجانبين يهدد بتداعيات خطيرة، قد تؤدي إلى تراجع التجارة بين الصين والولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 80%.

الرسوم الجمركية تؤثر على سلاسل التوريد

وأضاف دونج إلى أن الإجراءات الأميركية، مثل زيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 54%، تترك تأثيراً مباشراً على الاقتصاد الصيني الذي يعتمد على التصدير.

هذه الزيادة، التي فرضت خلال فترة ولاية ترامب واستمرت في عهد بايدن، تؤثر بشكل كبير على صناعات عديدة تعتمد على المنتجات الصينية منخفضة التكلفة، وتؤدي إلى اضطراب في سلاسل التوريد العالمية.

إلغاء الإعفاءات الضريبية يهدد الشركات الصينية

وأوضح إنه من بين أبرز القرارات التي تؤثر على الشركات الصينية في الولايات المتحدة، هو إلغاء الإعفاء الضريبي للحد الأدنى البالغ 800 دولار أميركي، مما يهدد شركات مثل "شي إن" و"تيمو"، اللتين استفادتا من ثغرات قانونية في قوانين الاستيراد الأميركية، وأن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجيات أوسع تهدف إلى الحد من النفوذ الاقتصادي الصيني وإعادة تشكيل النظام الاقتصادي الدولي.

الصين ترد بسياسات اقتصادية حذرة

أوضح دونج أن الصين ردت على السياسات الأمريكية بحذر، حيث فرضت رسوماً جمركية بنسبة 34% على بعض المنتجات الأميركية، بالإضافة إلى زيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية بنسبة تتراوح بين 10-15%.

كما استغلت الصين مكانتها كأكبر منتج للمعادن الأرضية النادرة لفرض قيود على صادراتها، مما يهدد سلاسل التوريد العالمية، خاصة في الصناعات التكنولوجية.

كما أشار إلى خطاب رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، الذي ألقاه في منتدى التنمية الصيني في 23 مارس. في هذا الخطاب، دعا لي تشيانغ الشركات العالمية إلى مقاومة النزعة الحمائية، مؤكداً التزام الصين بتوسيع فرص الوصول إلى أسواقها وتعزيز التعاون الدولي في الوقت الذي تواجه فيه تحديات اقتصادية جمة.

الآثار الاقتصادية على الشركات الأمريكية والعالمية

قال دونج إن السياسات الأمريكية ستؤدي إلى ارتفاع حاد في التكاليف التشغيلية للشركات الأميركية التي تعتمد على التصنيع في الصين، كما أن الشركات متعددة الجنسيات، التي اعتمدت على سلاسل التوريد الصينية، التي قضت عقودًا في بناء سلاسل توريد متينة في الصين، ستواجه تحديات كبيرة، ما سيدفعها إلى إعادة هيكلة عملياتها التشغيلية في ظل تصاعد التوترات.

أضاف أن الوضع الراهن يشير إلى انفصال اقتصادي أعمق بين الولايات المتحدة والصين، وتحول من العولمة التعاونية إلى منافسة اقتصادية متزايدة، وفي الوقت نفسه، تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في بناء صناعاتها المحلية مع استمرار سياساتها الاقتصادية المتشددة.

تشهد الصين تحولاً تدريجياً نحو الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات الاستراتيجية، مثل أشباه الموصلات والتكنولوجيا الخضراء، وهذا التوجه يعكس استثمار الصين في صناعات مبتكرة، بما يخفف من اعتمادها على الأسواق الغربية ويقلل من تأثير الحواجز التجارية المفروضة.

الآثار على الاقتصاد العالمي.. التوترات تضر بالدول الأوروبية

وفيما يتعلق بتأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي، أشار دونج إلى أن الدول الأوروبية تجد نفسها أمام تحدي مزدوج، حيث أنها تعتمد على الاستثمارات الصينية بينما تواجه ضغوطاً من السياسات الأميركية. الدول الأوروبية بحاجة إلى التكيف مع هذه الديناميكيات المعقدة التي قد تؤدي إلى انكماش اقتصادي إذا استمرت التوترات التجارية.

وأوضح آرثر دونج أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين ليست مجرد قضية ثنائية، بل هي لحظة محورية في تاريخ الاقتصاد العالمي، كما أن القرارات المتخذة اليوم ستحدد مسار التجارة الدولية والتحالفات الاقتصادية لعقود قادمة، مما يعكس أبعاداً أكبر للأزمة التجارية بين القوتين العظميين.

Short Url

أخبار متعلقة