الثلاثاء، 15 أبريل 2025

07:26 ص

ترامب يصعّد الحرب التجارية، الأدوية على قائمة الرسوم الجمركية المقبلة

الأربعاء، 09 أبريل 2025 10:56 م

صناعة الأدوية

صناعة الأدوية

تحليل/كريم قنديل

في خطوة جديدة قد تقلب موازين صناعة الدواء العالمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عزمه فرض رسوم جمركية كبرى على الأدوية المستوردة، في إطار استراتيجية توسعية تستهدف إعادة سلاسل الإنتاج إلى الداخل الأميركي، وهذه الخطوة التي تفتقر حاليًا للتفاصيل الفنية، أثارت قلقًا فوريًا في الأسواق العالمية، وأشعلت فتيل موجة بيع عنيفة في أسهم شركات الأدوية الأوروبية.

الأدوية الأميركية

 

الدواء، ضحية جديدة في معركة ترمبونوميكس

منصة التصريحات، كانت حفلًا لجمع التبرعات للجمهوريين، لكن الرسالة كانت موجهة للعالم: "نحن السوق الأكبر"، حيث قال ترمب بثقة، "بمجرد فرض الرسوم، ستعود الشركات إلينا بسرعة"، ويأتي التصريح ليحمل نفس الحمائية الكلاسيكية التي لطالما ميزت سياساته التجارية، لكنه أيضًا يلمّح إلى قلق استراتيجي أعمق: ماذا لو اندلعت حرب، هل تملك أميركا ما يكفي من الأدوية لتصمد؟

 

الأسواق ترد، ذعر في أوروبا وهبوط جماعي للأسهم

رد فعل الأسواق كان فوريًا، مؤشر شركات الرعاية الصحية في أوروبا، هوى لأدنى مستوياته منذ عامين ونصف، في وقت تراجعت فيه أسهم عمالقة القطاع مثل "أسترازينيكا"، و"نوفو نورديسك"، و"روش"، قبل أن تقلص جزءًا من خسائرها لاحقًا، فالرسالة الواضحة: "العالم يترقب، لكنه أيضًا يتوجس".

 

الهند تحت المجهر

التصريحات الأميركية، رغم افتقارها للتفاصيل، خلّفت أثرًا فوريًا في أسيا، وبالأخص في الهند، والتي تُعد عصبًا أساسيًا لإمدادات الدواء العالمية، حيث تُنتج الهند ما يقرب من نصف "الأدوية الجنيسة"، والتي يستهلك الأميركيون النسخ الأرخص من تلك الأدوية ذات العلامات التجارية، ما يوفّر لنظام الرعاية الصحية الأميركي، مليارات الدولارات سنويًا.

لكن اليوم، المشترون بدأوا يقرعون جرس الإنذار، فالهند تُصدّر نحو ثلث إنتاجها السنوي من الأدوية، والبالغ 13 مليار دولار إلى السوق الأميركية، وأي تغيّر في السياسة الجمركية الأميركية، قد يُربك هذا التدفق الحيوي، ليس فقط من حيث الكلفة، بل من حيث توافر الأدوية نفسها.

وفي بورصة بومباي، كان رد الفعل سريعًا، فقد أسهمت شركات الأدوية الهندية، والتي تهاوت إثر إعلان ترامب، والسبب واضح حتى الآن، لا يدفع الأميركيون تقريبًا أي رسوم على وارداتهم الدوائية من الهند، في حين يدفع الهنود حوالي 11% على الأدوية الأميركية المستوردة، وهذا الخلل التجاري، لطالما شكّل جزءًا من خطاب ترامب حول الرسوم المتبادلة، ويبدو أن لحظة المواجهة باتت قريبة.

الصناعة الدوائية

 

من أين تأتي الأدوية؟ لا أحد يعرف تمامًا

تحدٍ آخر يُعقّد التقييم الاقتصادي للخطوة المقبلة، وهو نقص الشفافية حول مصدر مكونات الأدوية، فمحللو "بلومبرغ إنتليجنس"، جون ميرفي وسام فازيلي، أكدوا أن الغموض حول سلاسل التوريد، يجعل من الصعب تقدير حجم الضرر المحتمل، لكنهم نبّهوا إلى أن الشركات ذات الهوامش الربحية المنخفضة مثل "فايزر" و"سانوفي" و"بريستول مايرز" قد تتلقى الضربة الأقسى.

 

القانون جاهز، لكن هل الإجراءات جاهزة؟

ويشير ترامب إلى القسم 232 من قانون توسيع التجارة، وهو نفس الإطار القانوني الذي استُخدم لفرض رسوم على الصلب والألمنيوم، لكن حتى الآن، لم تبدأ إدارته التحقيق المطلوب قبل فرض تلك الرسوم، ما يطرح تساؤلات حول التوقيت والجاهزية.

الأدوية

 

نحو حمائية شاملة؟

رسوم ترامب لا تتوقف عند الأدوية، فالنحاس، والخشب، ورقائق أشباه الموصلات، كلها على رادار الإدارة الأميركية، وتأتي هذه التصعيدات في وقت ما زالت فيه الأسواق، تتعافى من صدمة الرسوم المتبادلة، والتي أعلن عنها الأسبوع الماضي، والتي محَت تريليونات من القيمة السوقية للشركات الأميركية.

معركة إنتاجية أم مقامرة سياسية؟

وراهن ترامب على أن السوق الأميركي، كافٍ لدفع الشركات للعودة، لكن هذا الرهان لا يخلو من المخاطر، فالأدوية سلعة حساسة، وفرض رسوم عليها، قد يرفع الأسعار محليًا، ويعقد سلاسل التوريد، ويزيد الضغط على أنظمة الرعاية الصحية.

هل نحن أمام بداية عصر جديد من الحمائية الدوائية؟ أم مجرد ورقة تفاوض جديدة على طاولة ترامب؟ الأيام المقبلة وحدها تحمل الإجابة.

Short Url

showcase
showcase
search