تصعيد جمركي جديد بين واشنطن وبكين يُنذر بشظايا حرب اقتصادية عالمية
الإثنين، 07 أبريل 2025 10:20 م

رسوم ترامب الجمركية
كتب/كريم قنديل
أعادت الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، فتح جبهة المواجهة التجارية مع الصين، من خلال فرض حزمة جديدة من الرسوم الجمركية، شملت معظم الواردات الصينية، فيما ردّت بكين بإجراءات مقابلة، تُهدد بزيادة التوترات التجارية على المستوى العالمي، في وقت تتزايد فيه هشاشة الأسواق الدولية.
وفي خطوة مفاجئة، أعلنت واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع المنتجات الأجنبية، تليها رسوم بنسبة 34% على الواردات الصينية، و20% على واردات الاتحاد الأوروبي، حيث ردّت الصين بفرض رسومٍ بنسبة 34% على جميع السلع الأميركية ذات المنشأ الأميركي، على أن تدخل حيز التنفيذ في الـ10 من إبريل، إضافة إلى قيود على تصدير سبعة عناصر من المعادن الأرضية النادرة، وتدابير أخرى شملت شركات ومنتجات أميركية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت دقيق، حيث تعاني سلاسل التوريد العالمية من ضغوط مستمرة، وتُظهر مؤشرات الأسواق حساسية مفرطة تجاه التحولات المفاجئة في السياسات التجارية للدول الكبرى.

تداعيات مباشرة على الأسواق
وشهدت الأسواق المالية العالمية، موجة تراجع حادة في أعقاب الإعلان عن الرسوم، حيث سجل مؤشر داو جونز انخفاضًا بنسبة 3.95%، وناسداك 4.84%، وستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4.70%، كما سجلت بورصات أوروبا وأسيا خسائر كبيرة، في حين واصلت أسعار النفط والمعادن تراجعها.
وهذه الخسائر، تعكس قلق المستثمرين من تبعات الحرب التجارية على النمو الاقتصادي العالمي، خاصة مع اتجاه العديد من الشركات إلى تقليص استثماراتها، أو مراجعة خططها التشغيلية في ظل ارتفاع تكاليف الاستيراد.

القطاع الصناعي والتكنولوجي في دائرة الخطر
والشركات الأميركية التي تعتمد على الواردات من أسيا، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والملابس والإلكترونيات، أصبحت في وضع حرج، إذ يُتوقع أن تواجه ارتفاعًا في التكاليف، ما ينعكس على الأسعار النهائية للمستهلكين، ويزيد من ضغوط التضخم.
من جهتها، أعلنت الصين عن إجراءات إضافية استهدفت قطاعات حيوية، مثل الدواجن، ومنتجات الألبان، والحبوب، وكذلك إدراج شركات دفاعية أميركية ضمن قائمة الكيانات غير الموثوقة، في إشارة إلى نية بكين استخدام أدوات غير جمركية، لتوسيع دائرة الضغط الاقتصادي.
تداعيات استراتيجية أوسع
ويأتي هذا التصعيد في ظل عدم وجود حوار مباشر بين الرئيس الأميركي ونظيره الصيني، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، كما تشير التقارير إلى وجود خلافات حادة حول قضايا غير تجارية، أبرزها اتهامات واشنطن لبكين بالضلوع في تدفقات الفنتانيل.
وبينما تؤكد الإدارة الأميركية، أن سياساتها تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني وتعزز التوظيف، فإن مؤسسات اقتصادية كبرى، بينها الاحتياطي الفيدرالي، بدأت تُحذر من أن الرسوم الجديدة، قد تضعف النمو وتزيد التضخم وتضر بسوق العمل.
وفي تصعيد جديد للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها سترد في الوقت المناسب على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على واردات الصلب والألمنيوم من الاتحاد، يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية، وتأثيراتها المحتملة على الاقتصاد الدولي.

تفاصيل الإجراءات الأوروبية المقترحة
وفقًا لوثيقة اطلعت عليها وكالة "رويترز"، اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على مجموعة من السلع الأميركية، كرد فعل على الرسوم الأميركية المفروضة، حيث من المقرر أن تدخل هذه الرسوم، حيز التنفيذ على مرحلتين:-( الأولى في الـ16 من مايو، والثانية في الأول من ديسمبر من العام الجاري).
دعوات للتفاوض ومقترح "صفر مقابل صفر"
وعلى الرغم من التوترات، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن استعداد الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع الولايات المتحدة، بهدف إزالة الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية بين الجانبين، مشيرة إلى أن أوروبا دائمًا مستعدة لصفقة جيدة.
مشاورات مع القطاعات الصناعية الأوروبية
وفي إطار التحضير للرد على الرسوم الأميركية، عقدت فون دير لاين، اجتماعات مع ممثلي صناعات المعادن، السيارات، والأدوية في أوروبا، تهدف هذه المشاورات إلى جمع البيانات اللازمة، لاتخاذ تدابير مضادة فعّالة، خاصة قبل التصويت المتوقع هذا الأسبوع على رد الاتحاد الأوروبي بشأن رسوم الصلب.
تأثيرات محتملة على الأسواق العالمية
وأثارت هذه التطورات مخاوف المستثمرين، حيث شهدت الأسواق المالية العالمية تراجعًا ملحوظًا، انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية والأوروبية بشكل حاد، ما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن تصاعد النزاعات التجارية، وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.

تحذيرات دولية من اتساع رقعة المواجهة
وأعرب قادة دوليون عن قلقهم من اتساع دائرة الحرب التجارية، لتشمل أطرافًا جديدة، ما يُهدد النظام التجاري متعدد الأطراف، ويقوض فرص التعاون الاقتصادي العالمي، وصَدَرت دعوات متزايدة من مؤسسات دولية لإجراء حوار بنّاء بين واشنطن وبكين، لتفادي تداعيات سلبية أعمق.
التصعيد الأخير في ملف الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، يُمثّل منعطفًا حرجًا في العلاقات الاقتصادية الدولية، وإذا لم يتم احتواء الموقف عبر قنوات دبلوماسية فعّالة، فإن العالم قد يكون مقبلًا على موجة ركود تجاري، يؤثر على سلاسل التوريد، وتُضعف ثقة المستثمرين، وتؤدي إلى تقلبات حادة في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة.
يواجه الاقتصاد العالمي، تحديات متزايدة في ظل تصاعد التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، وفي حين يسعى الاتحاد الأوروبي للتفاوض وإيجاد حلول دبلوماسية، فإنه يجهّز أيضًا لإجراءات مضادة لحماية مصالحه الاقتصادية، تبقى الآمال معلقة على إمكانية التوصل، إلى اتفاق يجنّب العالم تداعيات حرب تجارية شاملة.
Short Url
القنطرة غرب.. بوابة مصر الجديدة لصناعة الملابس والمنسوجات
07 أبريل 2025 11:51 م
الذكاء الاصطناعي التوليدي، تحول الابتكار إلى جوهر الاقتصاد الجديد
07 أبريل 2025 08:39 م
"6 خطوات"، كيف تصبح مليونيرًا
07 أبريل 2025 04:50 م


أكثر الكلمات انتشاراً