العقارات تتحدى الأزمة، مبيعات قياسية رغم الضغوط الاقتصادية في مصر

الخميس، 27 مارس 2025 11:58 ص

مبيعات العقارات

كتب/كريم قنديل

رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي شهدتها مصر خلال 2024، حقق سوق العقارات طفرة غير مسبوقة، حيث قفزت المبيعات إلى مستويات قياسية مدفوعة بارتفاع الأسعار وتزايد الإقبال على شراء الوحدات السكنية والتجارية، وبينما كان البعض يتوقع تباطؤ القطاع بسبب التضخم وتذبذب سعر الصرف، تحول العقار إلى الملاذ الآمن للمصريين الباحثين عن استثمار مستقر، ما دفع الشركات العقارية إلى تحقيق أرباح ضخمة.

السوق العقاري وتحطيم الأسعار

يواصل السوق العقاري المصري تحطيم الأرقام القياسية، ومبيعات الشركات الكبرى تقفز إلى مستويات غير مسبوقة في عام 2024، لم يكن العقار مجرد سوق، بل كان محركًا رئيسيًا لعجلة الاقتصاد المصري، حيث تجاوزت مبيعات أكبر 10 شركات عقارية حاجز 1.1 تريليون جنيه، في ظاهرة اقتصادية تعكس حجم الطلب الهائل على السكن والاستثمار العقاري.

على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال العام الماضي، سجل سوق العقارات في 2024 مبيعات قياسية، حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسب تجاوزت 100% في بعض المناطق، ما دفع الشركات العقارية لتحقيق أرباح غير مسبوقة.

سوق العقارات يتحدى الأزمة.. أرقام قياسية في المبيعات

وفقًا لبيانات البورصة المصرية، قفزت مبيعات شركات التطوير العقاري الكبرى بنسب مذهلة خلال 2024، مدفوعة بارتفاع الأسعار وزيادة الطلب، حيث سجلت:

طلعت مصطفى القابضة: تُعد شركة طلعت مصطفى من أكبر شركات التطوير العقاري في مصر، حيث تمتلك محفظة أراضٍ تقدر بحوالي 45 مليون متر مربع، كما تمتلك العائلة حصة كبيرة تصل إلى 51% من أسهم الشركة، فيما يمتلك باقي الأسهم مستثمرون مصريون وأجانب، مما يجعلها واحدة من أفضل الشركات العقارية في مصر.

كما تعد من كبريات الشركات الرائدة في مجال التطوير العقاري في مصر والشرق الأوسط، والتي سجلت مبيعات بقيمة 504 مليارات جنيه في 2024 مقابل 143 مليار جنيه في 2023، أي بزيادة 252%.

سوديك: تعد شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) من أبرز شركات التطوير العقاري في السوق المصري، حيث نجحت الشركة في ترسيخ ريادتها بقطاع التطوير العقاري في مصر عبر خمسة وعشرون عامًا، بفضل النهج الاستراتيجي الذي تتبناه الشركة، والذي تتبلور محاوره الرئيسية في تلبية احتياجات العملاء المتباينة وفقاً لرؤية تقدمية تعتمد في صميمها على تشجيع روح الابتكار وإضفاء الطابع العصري والحيوي على جميع مجتمعاتها العقارية التابعة، والتي حققت مبيعات بقيمة 50.3 مليار جنيه بزيادة 66%.

بالم هيلز: تُعَد شركة بالم هيلز واحدة من أبرز الشركات الرائدة في قطاع العقارات في مصر، حيث ساهمت منذ تأسيسها في إحداث نقلة نوعية في مجال التطوير العقاري، وتتميز الشركة برؤية طموحة والتزام قوي بتقديم مشروعات سكنية وتجارية عالية الجودة تلبي احتياجات وتطلعات عملائها، كما حققت مبيعات بقيمة 151 مليار جنيه بزيادة 154%.

مدينة مصر: شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير الرائدة في مجال التطوير العقاري في مصر تأسست عام 1959 كشركة عامة، وتم طرحها للتداول في البورصة المصرية عام 1995، وقد تم إطلاق شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير في البداية لتطوير 40 مليون متر مربع من الأراضي في مدينة نصر والمناطق المجاورة في محافظة القاهرة، سجلت مبيعات بقيمة 41 مليار جنيه بزيادة 37%.

هذا النمو اللافت لم يكن متوقعًا في ظل أزمة اقتصادية عالمية، لكن العقارات في مصر استمرت في الصعود، مدفوعة بعدة عوامل اقتصادية واستثمارية.

العقارات كملاذ آمن وسط أزمة العملة

في بداية 2024، واجهت مصر تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها تذبذب سعر الصرف ونقص العملة الأجنبية، مما دفع المواطنين والمستثمرين للبحث عن وسائل لحفظ قيمة أموالهم، وكان العقار هو الخيار الأول، حيث يُنظر إليه كأصل ثابت يحمي المدخرات من التآكل بفعل التضخم.

تعويم الجنيه وتداعياته

في مارس 2024، قررت الحكومة المصرية تعويم الجنيه، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بما في ذلك العقارات. ومع تراجع القدرة الشرائية للجنيه، لجأ المستثمرون إلى شراء العقارات كوسيلة للحفاظ على أموالهم.

صفقة رأس الحكمة والاستثمارات الأجنبية

توقيع صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار بين مصر والإمارات في مارس 2024، كان له تأثير مباشر على قطاع العقارات، حيث جلب ثقة المستثمرين ورفع الطلب على العقارات السياحية، خاصة في الساحل الشمالي، الذي شهد طفرة غير مسبوقة في المبيعات، سواء من المصريين أو الأجانب.

ارتفاع أسعار مواد البناء وزيادة تكلفة التطوير

مع ارتفاع أسعار مواد البناء، تضاعفت تكاليف المشروعات العقارية، ما دفع المطورين إلى زيادة الأسعار، وخلق توقعات لدى المشترين بأن الأسعار سترتفع أكثر، مما حفز عمليات الشراء خوفًا من تضخم الأسعار في المستقبل.

التمويل العقاري والفوائد البنكية

رغم ارتفاع أسعار العقارات، فإن التمويل العقاري لا يزال خيارًا متاحًا للعديد من المشترين، خصوصًا مع التوقعات بخفض البنك المركزي لأسعار الفائدة خلال 2025، مما قد يسهم في دعم المبيعات.

توقعات بمزيد من ارتفاع الأسعار 2025

يؤكد أيمن سامي، رئيس مكتب "جي إل إل" في مصر، أن أسعار العقارات ستواصل الارتفاع خلال 2025، لكن بوتيرة أقل من 2024، متأثرة بعدة عوامل، أبرزها:

التضخم: رغم تراجعه إلى 12.8% في فبراير 2025، لا يزال يشكل ضغطًا على الأسعار.

رفع الدعم عن الوقود: أعلنت الحكومة أنها ستصل بأسعار الوقود إلى التكلفة بحلول نهاية 2025، مما سيؤدي إلى زيادة تكلفة النقل والإنشاءات.

استقرار سعر الصرف: بعد التعويم، استقر سعر الصرف نسبيًا، مما قد يقلل من الاندفاع نحو شراء العقارات كتحوط، لكن الطلب لا يزال مرتفعًا.

هل يشهد السوق ركودًا؟

رغم التوقعات بزيادة الأسعار، فإن بعض المحللين يرون أن السوق قد يشهد تباطؤًا مؤقتًا في النصف الثاني من 2025، خاصة مع ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة، ما قد يؤثر على قدرة المصريين على الشراء.

العقار يظل الرهان الأقوى

رغم التحديات الاقتصادية، أثبت سوق العقارات في مصر قدرته على الصمود، بل وتحقيق نمو قياسي، وبينما تتجه الأنظار إلى 2025، يظل العقار أحد أكثر القطاعات أمانًا واستقرارًا، مدعومًا بالطلب المحلي القوي، والاستثمارات الأجنبية، واستمرار ارتفاع الأسعار.

السؤال الأهم الآن: هل يستمر المصريون في التهافت على العقارات، أم أن الأسعار ستصل إلى مرحلة التشبع؟

Short Url

أخبار متعلقة