تقلبات الأسواق التركية بعد اعتقال إمام أوغلو، والبنك المركزي يتحرك لإنقاذ الليرة

الأحد، 23 مارس 2025 02:54 م

البنك المركزي التركي

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

ناقش مسؤولو البنك المركزي التركي مع البنوك التجارية خلال اجتماع خاص التقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق مؤخرًا، بعد اعتقال أحد أبرز المعارضين السياسيين، أكرم إمام أوغلو، والذي يعد من أقوى المنافسين السياسيين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

برز هذا الاجتماع على أنه واحد من أوائل اللقاءات رفيعة المستوى بين البنك المركزي التركي والبنوك التجارية منذ الاعتقال الذي وقع الأسبوع الماضي.

أدى هذا الاعتقال إلى تأثيرات بالغة على الأسواق المالية التركية، مما دفع السلطات النقدية إلى التدخل بشكل عاجل لدعم استقرار الليرة والأسواق المالية.

الهدف من الاجتماع بين البنك المركزي والبنوك التجارية

عقد الاجتماع في ظل الأوضاع المتقلبة التي تواجهها الأسواق التركية، والتي نشأت عقب اعتقال إمام أوغلو، ما أثار مخاوف المستثمرين حول حدوث تحولات قد تؤثر على السياسات الاقتصادية في البلاد.

كما ناقش مسؤولو البنك المركزي مع البنوك التجارية احتمالية التنسيق المشترك لمواجهة هذه التقلبات، وعمل الاجتماع على تقييم موجة البيع التي شهدتها الأسواق التركية في الآونة الأخيرة نتيجة هذا الاعتقال، وتحديد سبل الحد من تأثيراتها.

كما تم مناقشة الخيارات المتاحة لتخفيف الضغط على السوق وضمان استقرار العملة التركية التي شهدت انخفاضات كبيرة.

أثر اعتقال إمام أوغلو على الأسواق المالية

أحدث اعتقال أكرم إمام أوغلو تأثيرًا فوريًا على الليرة التركية والأسواق المالية بشكل عام، وسجلت الليرة التركية خسائر كبيرة، وكذلك أسواق الأسهم وأدوات الدين التركية التي تعرضت لآثار سلبية.

أعرب المستثمرون عن قلقهم من أن هذا الاعتقال قد يمثل بداية لتغيير في السياسات الاقتصادية في البلاد، مما يهدد الاستقرار المالي ويزيد من المخاطر التي تواجه الاقتصاد التركي، كما أثرت هذه الأحداث بشكل كبير على تقييمات المستثمرين وأدت إلى زيادة حدة تقلبات الأسواق.

التحركات الاقتصادية للتخفيف من التقلبات

من جهة أخرى، عمل وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك على تهدئة الأسواق من خلال اجتماع جمعه مع البنوك يوم الجمعة. أبلغ الوزير المشاركين في الاجتماع أن السلطات ستستخدم جميع الأدوات المتاحة لها للتخفيف من آثار ما وصفه بأنها "تقلبات مؤقتة" في الأسواق.

جاءت هذه التصريحات في وقت كان فيه السوق يعاني من اضطرابات ناجمة عن تفاعل المستثمرين مع الوضع السياسي الجديد في البلاد.

إجراءات البنك المركزي لدعم الليرة التركية

أخذ البنك المركزي التركي خطوات فعلية لدعم استقرار الليرة بعد تلك التقلبات، وقام البنك بتعديل آلياته الدفاعية للحد من تدهور العملة المحلية، حيث رفع سعر الإقراض لليلة واحدة بمقدار 200 نقطة أساس ليصل إلى 46%.

أدى هذا القرار إلى رفع تكلفة التمويل للبنوك التجارية بشكل ملحوظ، كما أوقف البنك المركزي عمليات الإقراض بسعر الفائدة القياسي الأدنى البالغ 42.5% لفترة غير محددة، وذلك بهدف احتواء التقلبات في السوق.

وركز البنك على إجراء مزاد لبيع السندات لأجل 91 يومًا، في خطوة لم تشهدها الأسواق التركية منذ عقود، والهدف من هذه الخطوة كان جمع السيولة الليرة الزائدة في الأسواق، مما يساهم في تقليص ضغوط البيع المتزايد على العملة المحلية.

زيادة تكلفة التمويل على البنوك التجارية

زاد البنك المركزي من الضغط على البنوك التجارية من خلال رفع سعر الفائدة المرجعي لليلة واحدة إلى 45.7%، بزيادة تقدر بأكثر من 3 نقاط مئوية.

أدى هذا الارتفاع إلى زيادة تكلفة التمويل على البنوك، مما قد يحد من قدرة الشركات والأفراد على الحصول على التمويل، وهذا الإجراء يعد خطوة من البنك المركزي لتشديد السياسة النقدية واحتواء الأثر السلبي لتقلبات الأسواق.

التأثيرات المستقبلية والإجراءات المحتملة

من المحتمل أن تستمر التقلبات الاقتصادية في تركيا في الفترة المقبلة، خصوصًا في ظل استمرار تأثير الاعتقال على الثقة في النظام السياسي والاقتصادي.

سيتعين على البنك المركزي التركي التعامل مع هذه التقلبات بعناية فائقة، مع الحرص على الحفاظ على استقرار الليرة التركية وتحقيق توازن في السياسة النقدية.

وقد تتطلب الأوضاع الراهنة مزيدًا من التنسيق بين البنوك التجارية والبنك المركزي، لضمان استقرار الأوضاع المالية في البلاد.

ختامًا: أدى الاعتقال المفاجئ لأكرم إمام أوغلو إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها تركيا، خاصة في ما يتعلق بموجة البيع التي اجتاحت الأسواق.

أثبت تدخل البنك المركزي التركي عن طريق رفع الفائدة وطرح السندات ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة من أجل دعم الليرة والحد من التقلبات في الأسواق.

يبقى أن نرى كيف ستتطور الأوضاع السياسية والاقتصادية في تركيا في المستقبل القريب، ومدى قدرة الحكومة التركية على تحقيق استقرار اقتصادي في ظل هذه الظروف.

Short Url

أخبار متعلقة