من مصر إلى أمريكا، كيف تطور استخدام الإنترنت في العقدين الماضيين؟
الأحد، 23 مارس 2025 01:47 م

الإنترنت - Internet
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تتمثل التطورات التكنولوجية في العقدين الماضيين في انتقال العالم إلى العصر الرقمي، ويعد الإنترنت أحد أبرز مظاهر هذه التحولات التي أثرت على مختلف جوانب الحياة الإنسانية، من التعليم والعمل إلى التواصل الاجتماعي والتجارة.
إن تحليل نسبة السكان الذين يستخدمون الإنترنت يعد من الأدوات الهامة لتقييم مدى تطور كل دولة في مواكبة هذا العصر الرقمي.
وفي هذا السياق، سيتم استعراض وتحليل البيانات الخاصة باستخدام الإنترنت في عدة دول، مثل العالم بشكل عام، مصر، السعودية، الإمارات، كوت ديفوار، الولايات المتحدة، وتركيا.
تستند البيانات المذكورة إلى المصدر الموثوق Our World in Data، حيث تم جمع المعلومات لعدة سنوات من 2000 حتى 2023.
هذه الدراسة تسلط الضوء على التغيرات في استخدام الإنترنت، وتعكس الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية في هذا المجال.

أولًا: نسبة سكان العالم الذين يستخدمون الإنترنت
في بداية الألفية، كانت نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم منخفضة نسبيًا، ففي عام 2000، كانت نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم حوالي 6.7%.
وعلى الرغم من الزيادة المستمرة في هذه النسبة، إلا أن التطور الحقيقي بدأ مع بداية العقد الثاني من الألفية، وفي عام 2001، ارتفعت النسبة إلى 8.0%، وبحلول عام 2002 وصلت إلى 10.5%.
ومن ثم، أظهرت البيانات تحسنًا تدريجيًا في نسبة استخدام الإنترنت على مدار السنوات اللاحقة.
حتى عام 2010، كانت نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم قد ارتفعت إلى 28.5%، وفي عام 2013، تجاوزت النسبة حاجز الـ 35%، وصولًا إلى 37.5% في 2014.
ثم تسارعت الزيادة بشكل ملحوظ، حيث بلغت النسبة 59.3% في 2020، ووصلت في 2021 إلى 62.2%، وفي 2022، اقتربت النسبة من 64.4%، وفي 2023 وصلت إلى 67.4%، مما يعكس انتشار الإنترنت بشكل متسارع في جميع أنحاء العالم.
يشير هذا التحسن إلى التطور التكنولوجي الذي شهدته الشبكات والبنية التحتية الرقمية في معظم دول العالم، لكن الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية ما زالت قائمة.

ثانيًا: نسبة مستخدمي الإنترنت في مصر
بالنظر إلى حالة مصر، يظهر أن تطور استخدام الإنترنت كان أكثر بطئًا مقارنةً بالدول الأخرى، حيث كانت النسبة في عام 2000 حوالي 0.6%.
استمرت هذه النسبة في الارتفاع بشكل تدريجي حتى عام 2010، حيث كانت قد وصلت إلى 21.6%، وفي تلك الفترة، بدأت مصر تشهد طفرة في استخدام الإنترنت بفضل التحسينات في بنية الإنترنت والاتصالات، حيث ارتفعت النسبة إلى 25.6% في 2011، واستمرت في الارتفاع حتى وصلت إلى 37.8% في عام 2015.
شهدت الفترة من 2015 إلى 2020 تحسنًا ملحوظًا، حيث تجاوزت النسبة حاجز الـ 70% في 2020، ووصلت إلى 72.2% في 2022.
هذا الارتفاع السريع يعكس التطور الكبير في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في مصر، وتوسيع الوصول إلى الإنترنت في المناطق الحضرية والريفية.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تقف أمام انتشار الإنترنت بشكل كامل في مصر، مثل التكلفة المرتفعة لخدمات الإنترنت في بعض المناطق.

ثالثًا: نسبة مستخدمي الإنترنت في السعودية
من جانبها، شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا في نسبة استخدام الإنترنت منذ بداية الألفية الجديدة، وفي عام 2000، كانت نسبة مستخدمي الإنترنت في السعودية 2.2%، وبحلول عام 2005، ارتفعت النسبة إلى 12.7%، وفي 2010، وصلت النسبة إلى 41.0%.
لقد شهدت المملكة تطورًا سريعًا بعد عام 2015، حيث ارتفعت النسبة إلى 69.6% في 2015، وتجاوزت 94% في 2017.
وفي عام 2020، كانت نسبة مستخدمي الإنترنت في السعودية قد تجاوزت 97.9%، وهو ما يعكس التحول الكبير الذي شهدته المملكة في استخدام الإنترنت، ومن عام 2021 إلى 2023، وصلت النسبة إلى 100%، وهو ما يعني أن جميع السكان في السعودية يستخدمون الإنترنت تقريبًا.
يعود هذا التحسن الكبير إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية للإنترنت من خلال مبادرات مثل "رؤية السعودية 2030" التي تهدف إلى تعزيز التحول الرقمي في البلاد.

رابعًا: نسبة مستخدمي الإنترنت في الإمارات
أما الإمارات العربية المتحدة، فقد بدأت في استثمار كبير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات منذ بداية الألفية الجديدة.
ففي عام 2000، كانت نسبة مستخدمي الإنترنت في الإمارات 23.6%، بحلول عام 2005، ارتفعت النسبة إلى 40.0%، لتصل إلى 52% في 2006، وهو ما يعكس تحولًا سريعًا في النمو الرقمي، وفي 2010، كانت النسبة قد وصلت إلى 68%، وارتفعت تدريجيًا في السنوات اللاحقة لتصل إلى 100% في 2020 إلى 2023.
تستفيد الإمارات من بنية تحتية متطورة ومتاحة في معظم أنحاء الدولة، مما سهل انتشار الإنترنت بشكل ملحوظ.

خامسًا: نسبة مستخدمي الإنترنت في كوت ديفوار
تعتبر كوت ديفوار إحدى الدول التي شهدت تطورًا بطيئًا نسبيًا في استخدام الإنترنت، حيث كانت النسبة في 2000 حوالي 0.2%.
هذا التحسن كان بطيئًا جدًا حتى عام 2015، حيث ارتفعت النسبة بشكل ملحوظ إلى 38.4%، وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في نسبة الاستخدام، إلا أن هناك العديد من التحديات التي لا تزال تواجه كوت ديفوار، مثل محدودية الوصول إلى الإنترنت في المناطق الريفية والقرى إلى أن وصلت النسبة إلى 38.4% أيضًا في 2022.

سادسًا: نسبة مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة
بالنسبة للولايات المتحدة، كانت نسبة استخدام الإنترنت مرتفعة بشكل ملحوظ منذ بداية الألفية الجديدة، ففي 2000، كانت النسبة حوالي 43.1%، وفي 2005، كانت قد ارتفعت إلى 68.0%.
وبحلول عام 2010، كانت النسبة قد بلغت 71.7%، لتصل في 2020 إلى 96.6%، وفي عام 2021، كانت النسبة قد بلغت 96.8%، إلى أن وصلت النسبة لـ 97.1% في 2022، مما يعكس التطور الكبير في استخدام الإنترنت في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
يُعتبر الوصول إلى الإنترنت في الولايات المتحدة أكثر سهولة مقارنة بالدول الأخرى، نتيجة للتقدم التكنولوجي الكبير في البنية التحتية للاتصالات.

سابعًا: نسبة مستخدمي الإنترنت في تركيا
أما في تركيا، فكانت النسبة في عام 2000 حوالي 3.8%، كما تطور استخدام الإنترنت بشكل تدريجي حتى عام 2010، حيث بلغت النسبة حوالي 39.8%.
في السنوات التالية، شهدت تركيا تحسنًا ملحوظًا في نسبة استخدام الإنترنت، حيث وصلت إلى 74.0% في 2019، ثم 77.7% في 2020، حتى وصلت إلى 86.0% في 2023.

التوجهات العامة
يظهر أن هناك تطورًا سريعًا في نسبة استخدام الإنترنت عالميًا، ولكن الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية ما زالت واضحة.
الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة والإمارات والسعودية قد وصلت إلى نسب عالية من الاستخدام تجاوزت 90%، بينما الدول النامية مثل كوت ديفوار شهدت تحسنًا بطيئًا في هذه النسبة.

العوامل المؤثرة في النمو
البنية التحتية للاتصالات: تطور البنية التحتية للإنترنت في الدول العربية مثل الإمارات والسعودية كان له دور كبير في تسريع انتشار الإنترنت.
الاستثمار في التكنولوجيا: الاستثمارات الكبيرة في قطاع التكنولوجيا مثل "رؤية السعودية 2030" ساهمت في تعزيز انتشار الإنترنت.
التحديات الاقتصادية: التحديات الاقتصادية في بعض الدول النامية تعوق الانتشار السريع للإنترنت، حيث تكون التكلفة عائقًا أمام العديد من الأفراد للوصول إلى الإنترنت.

ختامًا: يُظهر التحليل الشامل لبيانات نسبة السكان الذين يستخدمون الإنترنت في مختلف أنحاء العالم تطورًا ملحوظًا خلال العقدين الماضيين.
وعلى الرغم من الفجوات الواضحة بين الدول المتقدمة والدول النامية، فإن الاتجاه العام يعكس زيادة كبيرة في التوسع الرقمي.
الدول التي استثمرت في تحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل الإمارات والسعودية، شهدت نموًا سريعًا في نسبة استخدام الإنترنت، مما يعكس نجاح سياساتها الرقمية.
من جهة أخرى، لا تزال بعض الدول النامية، مثل كوت ديفوار، تواجه تحديات كبيرة في تحقيق الوصول الشامل للإنترنت بسبب العوائق الاقتصادية والجغرافية.
ومع ذلك، تبرز بعض الدول، مثل مصر وتركيا، التي أظهرت تحسنًا ملحوظًا في نسب الاستخدام بفضل التطوير التدريجي للبنية التحتية الرقمية.
يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تحقيق المساواة في الوصول إلى الإنترنت، سواء في الدول المتقدمة أو النامية، لأن الإنترنت أصبح حجر الزاوية في العديد من المجالات مثل التعليم والعمل والتواصل الاجتماعي.
ومع استمرار التحسن في التقنيات وتوسيع الوصول إلى الإنترنت في مختلف المناطق، فإن المستقبل يعد بمزيد من الفرص التي ستسهم في دفع عجلة النمو الرقمي والاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
ولا شك أن الوصول إلى الإنترنت يمثل أساسًا حيويًا لبناء مجتمع رقمي مستدام، ويجب على الحكومات والشركات الدولية العمل معًا لضمان أن يكون الإنترنت حقًا للجميع، مما يسهم في تعزيز التنمية العالمية والمساهمة في عصر المعلومات الذي أصبح سمة من سمات العصر الحديث.
Short Url
شاومي تبيع أسهمها لتمويل طموحاتها في سوق السيارات الكهربائية
25 مارس 2025 01:17 م
بلاك روك تعزز مكانتها في سوق العملات المشفرة بإطلاق منتج جديد في أوروبا
25 مارس 2025 11:14 ص
الروبوتات والمُسيرات في السماء، هل تكون نهاية عصر الطيارين البشريين على الأفق؟
24 مارس 2025 01:10 م


أكثر الكلمات انتشاراً