الأحد، 23 مارس 2025

10:53 ص

المعادن الاستراتيجية، ساحة جديدة للصراع بين الصين وأمريكا

السبت، 22 مارس 2025 03:02 م

الصين والولايات المتحدة

الصين والولايات المتحدة

تحليل/ كريم قنديل

مع تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، يبرز المجال الجديد الذي تتنافس فيه القوتان العظميان، المعادن الاستراتيجية، والتي تُعد هذه المعادن أساسية لتكنولوجيا المستقبل، من أشباه الموصلات إلى الطاقة النظيفة، مما يجعلها محط أنظار العالم. 

الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة

الصين، التي تُعتبر أكبر منتج في العالم للعديد من المعادن الحيوية، تسعى لتعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية عبر السيطرة على هذه الموارد، بينما تحاول الولايات المتحدة تقليل اعتمادها على بكين في هذا القطاع الحيوي.

التحول الاستراتيجي.. الصين تسعى للاكتفاء الذاتي

في إطار سعيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المعادن الاستراتيجية، تكثف الصين استثماراتها المحلية في استكشاف المعادن. الحكومة الصينية خصصت أكثر من 13 مليار دولار سنويًا لدعم عمليات التنقيب الجيولوجي، في محاولة لتأمين سلاسل التوريد المحلية وتخفيف الاعتماد على الخارج. وفقًا للتقارير، فإن نصف الحكومات المحلية في الصين قد رفعت دعمها لقطاع التعدين المحلي، في خطوة تهدف لتعزيز قدرة الصين على توفير المعادن الضرورية لصناعاتها المتقدمة مثل أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية.

الولايات المتحدة تبحث عن بدائل

في المقابل، تعمل الولايات المتحدة على تقليص اعتمادها على الصين في هذا المجال. خلال السنوات الأخيرة، أصبح تعدين المعادن المحلية أولوية استراتيجية، حيث تزايدت الاستثمارات في هذا القطاع داخل أميركا، بالإضافة إلى ذلك، بدأ المسؤولون الأميركيون في تعزيز شراكات مع دول أخرى مثل غرينلاند وكندا وأستراليا لتأمين إمدادات مستقرة من المعادن النادرة التي تحتاجها صناعاتها التكنولوجية.

تُعد هذه خطوة أمريكية كبيرة نحو تقليل التبعية للصين في هذا المجال الحساس، خاصة في ظل الحرب التجارية التي اشتعلت بين البلدين.

المعادن النادرة

المعادن النادرة.. صراع على مستقبل الطاقة النظيفة

أحد الأسباب الرئيسية لهذه المنافسة هو الطلب المتزايد على المعادن النادرة التي تُستخدم في صناعات الطاقة المتجددة، مع تحول العالم إلى الطاقة النظيفة، تزايدت الحاجة إلى هذه المعادن في تقنيات مثل البطاريات والسيارات الكهربائية. 

الصين، التي تهيمن على إنتاج العديد من هذه المعادن، قد تمكنت من تعزيز قوتها عبر استثمارات ضخمة في أفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث حصلت على حقوق تعدين الموارد الحيوية مثل الليثيوم والكوبالت.

وفي وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها المتعلقة بالحياد الكربوني، تُعد السيطرة على المعادن الاستراتيجية حجر الزاوية لتحقيق هذه الأهداف، ما يضيف بعدًا جديدًا لهذا الصراع العالمي.

الرد الصيني.. تكتيك الحرب التجارية

في رد على القيود الأمريكية المفروضة على صادرات التكنولوجيا إلى الصين، قررت بكين فرض قيود على صادرات المعادن النادرة مثل الجاليوم والجرمانيوم، وهي معادن حيوية لصناعة الرقائق الإلكترونية. خطوة كهذه تزيد من تعقيد العلاقة بين الصين والولايات المتحدة، خصوصا في ظل الطلب المتزايد على هذه المعادن في الصناعات التكنولوجية.

الاستثمارات الصينية في إفريقيا.. سعي للنفوذ العالمي

لم تقتصر تحركات الصين على الداخل فقط، بل شملت أيضًا استثمارات كبيرة في إفريقيا، في عام 2023 تجاوزت استثمارات الصين في قطاع التعدين الإفريقي 22 مليار دولار، وهو رقم يفوق حجم الاستثمارات الأمريكية في المنطقة، هذا التفوق يعكس استراتيجية الصين للاستحواذ على موارد حيوية في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمتلك احتياطيات ضخمة من الكوبالت، وهو معدن أساسي في صناعة البطاريات.

المعادن النادرة

آفاق المستقبل.. التنافس على المعادن يقود إلى ارتفاع الأسعار

مع استمرار هذه المنافسة، من المتوقع أن تشهد أسعار المعادن الاستراتيجية ارتفاعًا كبيرًا في المستقبل، هذا الارتفاع في الأسعار سيؤثر بشكل مباشر على صناعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي، في الوقت نفسه يستمر كل من الصين وأمريكا في تعزيز استثماراتهما وتطوير استراتيجيات جديدة لضمان استقرار سلاسل التوريد.

صراع جيوسياسي في قطاع المعادن

الصراع بين الصين والولايات المتحدة على المعادن الاستراتيجية يُعد نقطة تحول هامة في الحرب التجارية والتكنولوجية بين القوتين العظمتين، وفي ظل التوترات المتزايدة تُظهر هذه المنافسة كيف يمكن للمصادر الطبيعية أن تصبح ساحة جديدة للصراع الاقتصادي والجيوسياسي، سيظل هذا القطاع حيويًا في تحديد مسار المستقبل الاقتصادي والتكنولوجي للعالم في السنوات المقبلة.

Short Url

showcase
showcase
search