«الضغط الأقصى» هل تنجح طهران في كسر حصار العقوبات الأمريكية؟
الخميس، 13 مارس 2025 09:35 ص

عباس عراقجي
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
في سياق التوترات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، أثار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجددًا مسألة إمكانية التفاوض مع واشنطن، ولكن بشروط واضحة تخص الجوانب العادلة والمساوية في المفاوضات.
وفي تصريحاته الأخيرة، أوضح عراقجي موقف إيران الرسمي تجاه المفاوضات مع الولايات المتحدة، مؤكدًا ضرورة إزالة العقوبات ورفع الضغوط السياسية قبل أي بدء حوار.
يأتي هذا التصريح في وقت حساس يتزامن مع تصريحات أخرى من قادة إيرانيين، بالإضافة إلى التطورات الدولية المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني.

المفاوضات غير المباشرة وإطار للعمل مع واشنطن
من خلال تصريحاته التي أدلى بها، أكد عباس عراقجي أن إيران لا ترفض إمكانية التفاوض غير المباشر مع الولايات المتحدة، ولكن شرطها الأساسي هو توافر الإرادة الحقيقية من الطرفين للوصول إلى اتفاق عادل ومتكافئ.
وعلى الرغم من تشكيكه في جدوى المفاوضات المباشرة مع الحكومة الأمريكية الحالية، إلا أن وزير الخارجية الإيراني أشار إلى أن بلاده مستعدة لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن إذا كانت الظروف مناسبة، مثل ضمان عدم وجود ضغوط أو تهديدات.
هذه التصريحات تبرز في سياق التوترات القائمة بين الجانبين منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في 2018، وفرض سياسة الضغط القصوى التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني.
عراقجي يشدد على ضرورة أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران، باعتبار أن هذا هو المدخل الوحيد لأي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.
هذا الموقف يعكس سياسة إيران الحالية التي ترى أن التفاوض يجب أن يتم في ظروف متكافئة، حيث لا يفرض أحد الجانبين شروطًا غير عادلة أو يهدد الطرف الآخر.
الموقف الإيراني من العقوبات الأمريكية
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، أصبحت إيران تواجه حصارًا اقتصاديًا غير مسبوق جراء العقوبات الأمريكية.
هذا الوضع دفع طهران إلى اتخاذ تدابير تصعيدية في ملفها النووي، بما في ذلك رفع مستوى تخصيب اليورانيوم بشكل يقترب بها من القدرة على تصنيع سلاح نووي.
وعليه، يرى المسؤولون الإيرانيون أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تبدأ بتعهد أمريكي برفع العقوبات، الأمر الذي سيكون بمثابة الإشارة الأولى على الجدية في التفاوض.
وفي هذا السياق، يواصل وزير الخارجية الإيراني التأكيد على أن سياسة "الضغط الأقصى" التي تمارسها الولايات المتحدة لم تحقق أي نتائج إيجابية بالنسبة للطرفين، بل على العكس، يرى عراقجي أن هذه السياسة تؤدي إلى تعقيد الأمور وزيادة التوترات بدلاً من تحقيق حلول بناءة.

المفاوضات مع "الترويكا الأوروبية"
إلى جانب الموقف من الولايات المتحدة، أشار عباس عراقجي إلى أن إيران تواصل حوارها غير المباشر مع الدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول التي كانت جزءًا من الاتفاق النووي لعام 2015.
وقد أضاف أن قنوات الاتصال مع هذه الدول لا تزال مفتوحة، وأن إيران تعمل بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيجاد حلول للقضايا العالقة بين الطرفين.
إيران تأمل أن تؤدي هذه المفاوضات مع الترويكا الأوروبية إلى إحياء الاتفاق النووي أو إيجاد صيغة جديدة يمكن أن تلبي احتياجات جميع الأطراف المعنية.
وبالرغم من أن الدول الأوروبية تدعم عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه هذا المسار، بما في ذلك الخلافات بين طهران وواشنطن بشأن رفع العقوبات والضمانات المتعلقة بأنشطتها النووية.
التحديات السياسية في الداخل الإيراني
من الجدير بالذكر أن المواقف الإيرانية تجاه التفاوض مع الولايات المتحدة ليست ثابتة، بل هي موضوع جدل داخلي في إيران.
ففي حين يرى البعض أن المفاوضات مع واشنطن قد تكون ضرورية لإنهاء العزلة الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد، فإن آخرين يعتقدون أن مثل هذه المفاوضات ستكون فخًا يصعب الخروج منه، حيث لا يمكن الوثوق في النوايا الأمريكية بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.
تعتبر تصريحات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي التي وصف فيها دعوة ترامب للتفاوض بأنها "مخادعة" انعكاسًا للانقسام الداخلي في طهران بشأن المفاوضات مع واشنطن.
خامنئي الذي غالبًا ما يعارض التفاوض مع الولايات المتحدة في ظل الظروف الحالية، يفضل على الأرجح استمرار الاستراتيجيات التي تعتمد على التقارب مع حلفاء آخرين مثل روسيا والصين، بالإضافة إلى تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد.

الموقف الأمريكي والتهديدات العسكرية
من جهة أخرى، تزامن إعلان عباس عراقجي مع تصريحات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان قد أشار إلى إمكانية التفاوض مع إيران، في حين هدد أيضًا بالخيار العسكري إذا لم تُرضِ إيران مطالب واشنطن.
هذا التهديد العسكري كان جزءًا من سياسة الضغط القصوى التي اتبعتها الإدارة الأمريكية السابقة، وقد ساهم في رفع درجة التوتر بين البلدين.
وفي ظل هذه التهديدات، يرى محللون أن إيران قد تكون حريصة على تجنب التصعيد العسكري، لكنها في الوقت نفسه ترفض العودة إلى طاولة المفاوضات تحت تهديد السلاح.
وفي هذا السياق، سيكون من الضروري أن تتغير السياسة الأمريكية بشكل جوهري إذا كان هناك أي أمل في التوصل إلى اتفاق جديد.
ختامًا: تُظهر تصريحات عباس عراقجي أن إيران مستعدة للتفاوض مع واشنطن، ولكن تحت شروط محددة تتمثل في رفع العقوبات وضمانات بعدم وجود ضغوط أو تهديدات.
على الرغم من هذا، يظل الموقف الإيراني موجهًا نحو التفاوض غير المباشر، سواء مع الولايات المتحدة أو مع الترويكا الأوروبية، وذلك في محاولة لتجنب المزيد من التصعيد ولإيجاد حلول تتناسب مع مصالح إيران الأساسية.
سيكون من الصعب التنبؤ بكيفية تطور هذه المفاوضات في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها طهران، ولكن من الواضح أن الطريق نحو التوصل إلى اتفاق شامل لا يزال مليئًا بالعوائق.
Short Url
%10 تراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا في 2023
13 مارس 2025 12:24 م
"الوزراء" يعلن تشكيل مجلس إدارة جديد لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
13 مارس 2025 12:15 م
الهند والسياسات الحمائية لترامب، فرصة اقتصادية أم تحدٍ جديد؟
13 مارس 2025 11:12 ص


أكثر الكلمات انتشاراً