كيف تصدرت الصين الصناعات العالمية وتحقيق مصر لمكانة متميزة في العالم العربي
الأحد، 09 مارس 2025 01:26 م

الصناعة المصرية
كتب/كريم قنديل
تولي القيادة السياسية في مصر اهتمامًا بالغًا بقطاع الصناعة، باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ومع تصاعد التحديات الاقتصادية العالمية، أصبح توطين الصناعة ضرورة ملحة لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يسهم في تحسين الميزان التجاري وتعزيز فرص العمل، كما يعد التصنيع أحد العوامل الحاسمة في تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتقليل التأثير السلبي للتقلبات الاقتصادية العالمية، مما يجعل تطوير القطاع الصناعي ضرورة حتمية لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

الصناعة المصرية بين التحديات والفرص
شهد الاقتصاد المصري تحديات متزايدة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها تداعيات جائحة كوفيد-19 والأزمة الروسية-الأوكرانية، مما أدى إلى ضغوط تضخمية كبيرة أثرت على تكاليف الإنتاج والاستيراد. ومع ذلك، تبنت الدولة سياسات لتعزيز التصنيع المحلي، من خلال تطوير البنية التحتية الصناعية، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. إضافة إلى ذلك، تم تفعيل مبادرات تهدف إلى تعميق المكون المحلي، وتعزيز كفاءة الإنتاج الصناعي عبر إدخال تقنيات حديثة في التصنيع.
واقع الصناعة عالميًا وتأثيره على مصر
قبل الحديث عن الوضع الراهن للقطاع الصناعي في مصر، لا بد من الإشارة إلى أن الوضع الصناعي في مصر لا ينفصل عن وضع الاقتصاد العالمي الذي يشهد في السنوات الأخيرة العديد من الأزمات (كوفيد-19، الأزمة الروسية-الأوكرانية)، الأمر الذي ألقى بظلاله على اقتصاديات دول العالم، والذي يهدد بدوره تعافي الاقتصادات الصاعدة والبلدان النامية.
فلقد تأثرت جميع مؤشرات الاقتصاد المصري (الصادرات - الاستثمارات - تحويلات المصريين بالخارج - السياحة وغيرها) سلبًا بتطورات الاقتصاد الإقليمي والعالمي، الأمر الذي كشف عن ضرورة البحث عن أسس ثابتة ومستدامة
للاقتصاد المصري، وفي ظل توجهات القيادة السياسية بضرورة العمل على الاهتمام بملف الصناعة المحلية، لكونها تُعَد السبيل الوحيد لمواجهة آثار التضخم الناجمة عن الأزمات العالمية.

الناتج الصناعي والمستوى العالمي
على المستوى العالمي، ارتفع الناتج الصناعي بنسبة 19.3% في عام 2021، ليصل إلى 26.6 تريليون دولار، مع احتلال الصين الصدارة بإنتاج صناعي بلغ 7 تريليونات دولار، أما على الصعيد العربي، تصدرت السعودية قائمة الدول الصناعية، تليها الإمارات، ثم مصر التي احتلت المركز الثالث عربيًا والـ30 عالميًا بناتج صناعي قدره 124.4 مليار دولار، ورغم هذه الأرقام، فإن مصر تمتلك إمكانيات هائلة تؤهلها لزيادة حصتها الصناعية عالميًا، خاصة مع توافر العمالة الماهرة وتوسيع المشروعات الصناعية.
يسهم القطاع الصناعي بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي عالميًا؛ حيث بلغت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي العالمي نحو 27.6% خلال عام 2021 بارتفاع 1.4 نقطة مئوية مقارنة بمساهمته في الناتج العالمي المسجلة عام 2020.
على مستوى المناطق الجغرافية، احتلت منطقة شرق آسيا والباسيفيك المرتبة الأولى من إجمالي الناتج الصناعي العالمي بقيمة 11.4 تريليون دولار بنسبة 42.6%، تليها منطقة أمريكا الشمالية بقيمة 4.6 تريليونات دولار وبنسبة 17.4%، ثم الاتحاد الأوروبي بقيمة 3.9 تريليونات دولار وبنسبة 14.7%، وتأتي الدول العربية في مرتبة متأخرة بقيمة 1.2 تريليون دولار وبنسبة 4.6% من إجمالي الناتج الصناعي العالمي عام 2021.

التحديات التي تواجه القطاع الصناعي
رغم الجهود المبذولة، لا تزال الصناعة المصرية تواجه تحديات عدة، أبرزها:
اضطرابات سلاسل التوريد: والتي تسببت في نقص المواد الخام وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يستدعي توفير مصادر بديلة وزيادة الإنتاج المحلي من الخامات الصناعية.
ضعف المكون المحلي: حيث لا تزال بعض الصناعات تعتمد بشكل كبير على المكونات المستوردة، مما يقلل من قيمة المنتج النهائي.
نقص التمويل: إذ تعاني العديد من المنشآت الصناعية من تحديات في الحصول على التمويلات اللازمة للتوسع والتطوير، وهو ما يتطلب استراتيجيات جديدة لتوفير الدعم المالي.
التحول الرقمي البطيء: إذ يحتاج القطاع إلى مزيد من الاستثمارات في التحول الرقمي لزيادة الكفاءة وتعزيز القدرة التنافسية، خاصة أن التصنيع الرقمي أصبح عنصرًا أساسيًا في نجاح أي منظومة صناعية حديثة.

استراتيجيات النهوض بالصناعة المصرية
لمواجهة هذه التحديات، اتجهت الدولة إلى عدة سياسات استراتيجية تهدف إلى:
تعميق التصنيع المحلي: من خلال زيادة نسبة المكون المحلي في المنتجات الوطنية، وتشجيع التصنيع التكاملي بين المصانع المحلية.
تطوير البنية التحتية الصناعية: عبر إنشاء المزيد من المناطق الصناعية المتخصصة، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الصناعات الهندسية، والغذائية، والدوائية.
دعم الصناعات التصديرية: من خلال تقديم حوافز للمصدرين وتسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك تقديم الدعم اللوجستي والتمويلي.
تشجيع الابتكار والتكنولوجيا: عبر تعزيز البحث والتطوير في القطاع الصناعي، وتشجيع ريادة الأعمال في المجالات الصناعية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
تفعيل الشراكات الدولية: من خلال تعزيز التعاون مع الدول الصناعية الكبرى للاستفادة من خبراتها في مجالات التصنيع المتقدم.

التصنيع الرقمي.. مستقبل الصناعة المصرية
يعد التحول إلى التصنيع الرقمي أحد المحاور الرئيسية للنهوض بالقطاع الصناعي في مصر، خاصة مع تزايد أهمية الأتمتة والتحليل الرقمي في تحسين الكفاءة الإنتاجية، فمن خلال تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والتصنيع الذكي، يمكن زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية، مما يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للصناعات المصرية.
يمثل توطين الصناعة المصرية خيارًا استراتيجيًا لمستقبل اقتصادي قوي ومستدام، حيث تسعى الدولة إلى تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي ودولي. ورغم التحديات، فإن تبني سياسات داعمة للتصنيع المحلي، والاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، كفيل بجعل الصناعة المصرية أكثر قدرة على المنافسة عالميًا، وتحقيق نهضة اقتصادية شاملةن إن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاونًا مستمرًا بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، لضمان استدامة التنمية الصناعية وتعزيز مكانة مصر الاقتصادية على الساحة العالمية.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً