«الأخشاب في مرمى النيران» كيف تشعل رسوم ترامب فتيل أزمة تجارية عالمية؟

الإثنين، 03 مارس 2025 02:51 م

ترامب - Trump

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

بدأت السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب في إثارة موجات من الجدل على الساحة الدولية، حيث استهدفت الرسوم الجمركية التي فرضها على مختلف الدول شريحة واسعة من القطاعات الصناعية.

تأتي هذه السياسات في إطار استراتيجية ترامب لحماية الصناعة الأميركية وتعزيز الاقتصاد المحلي، ورغم أن العديد من هذه الرسوم كانت موجهة إلى الصين، إلا أن كندا والمكسيك كانت من بين الدول التي تأثرت بشكل كبير من هذا النوع من السياسات.

مؤخرًا، أضيفت صناعة الأخشاب إلى قائمة السلع المستهدفة برسوم جمركية، وهو ما يزيد من تعقيد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها.

الرسوم الجمركية وأثرها على الاقتصاد العالمي

يعد فرض الرسوم الجمركية من قبل الولايات المتحدة سياسة تجارية ذات طابع حمائي، تهدف إلى حماية الصناعات المحلية من المنافسة الخارجية.

وعادةً ما تُفرض الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة بهدف زيادة سعر هذه المنتجات في السوق المحلية، مما يجعلها أقل تنافسية مقارنة بالمنتجات المحلية، فهذه السياسة تتسبب في تداعيات اقتصادية عميقة قد تؤدي إلى تراجع حجم التجارة الدولية وزيادة التوترات بين الدول.

أما في حالة الرسوم التي فرضها ترامب على واردات الأخشاب من كندا، تأتي هذه السياسة ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تحسين وضع الصناعة الأميركية في مواجهة الواردات الأجنبية.

كما يزعم ترامب أن هذه الواردات تشكل تهديدًا للصناعة المحلية، ويجعلها عرضة للانخفاض بسبب الأسعار المنخفضة التي تعرضها المنتجات المستوردة.

تأثير الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك

تشكل الرسوم الجمركية المفروضة على كندا والمكسيك نقطة احتكاك رئيسية بين الولايات المتحدة وهذين البلدين الجارين.

كما تُعد كندا أكبر مصدر للأخشاب إلى الولايات المتحدة، حيث تمثل المنتجات الكندية جزءًا كبيرًا من إجمالي واردات الأخشاب الأميركية.

وعليه، ستؤثر الرسوم الجمركية الجديدة بشكل كبير على صناعة الأخشاب الكندية، مما سيؤدي إلى تراجع في صادراتها إلى الولايات المتحدة ويزيد من التوترات بين البلدين.

علاوة على ذلك، تثير الرسوم الجمركية على المكسيك تحديات إضافية بالنسبة للعديد من الصناعات الأميركية التي تعتمد على المكسيك كمصدر رئيسي للمواد الأولية.

وتتأثر القطاعات الزراعية والصناعية بشكل خاص من هذه الرسوم، حيث يصعب على الشركات الأميركية الحصول على المواد الخام بأسعار معقولة.

تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق الصينية

لم تقتصر سياسة ترامب على فرض الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك فقط، بل كان للصين نصيب كبير من هذه الإجراءات.

يعتقد ترامب أن الصين تتسبب في خسائر ضخمة للاقتصاد الأميركي من خلال ممارسات تجارية غير عادلة مثل الإغراق وتقديم الدعم الحكومي المفرط للمصدرين الصينيين.

وفي إطار هذه السياسة، فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 10% على السلع الصينية، مما أثر سلبًا على التجارة بين البلدين.

صناعة الأخشاب في الولايات المتحدة وكندا

تُعد صناعة الأخشاب من الصناعات الكبرى في كندا، حيث يسهم القطاع في الاقتصاد الكندي بشكل كبير، وتمثل صادرات الأخشاب الكندية إلى الولايات المتحدة نسبة كبيرة من إجمالي صادراتها في هذا القطاع، مما يجعلها عُرضة لأي تغييرات في السياسات التجارية الأميركية.

ووفقًا للتقرير الصادر عن "فايننشال تايمز"، يفرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية جديدة على الأخشاب الكندية تحت مزاعم بأنها مدعومة بشكل غير عادل من قبل الحكومة الكندية.

وفي حال تم إثبات هذه المزاعم، فقد تؤدي إلى زيادة الرسوم الجمركية على هذه المنتجات، مما يضر بشكل كبير بالصناعة في كندا.

التداعيات الاقتصادية للرسوم الجمركية

لن تقتصر تداعيات الرسوم الجمركية على التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك فقط، بل ستمتد إلى الاقتصاد العالمي.

ففي حالة تراجع التجارة بين هذه الدول، قد يواجه الاقتصاد العالمي مجموعة من التحديات، بما في ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في بعض البلدان.

وعلى سبيل المثال، قد تؤدي الرسوم الجمركية على الأخشاب إلى زيادة تكلفة البناء في الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات، كما يمكن أن تتأثر شركات البناء والمقاولات بشكل سلبي نتيجة لتزايد تكاليف المواد الخام.

**تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق الصينية**

تأثيرات حرب الرسوم الجمركية على الثقة في الأسواق

من بين أبرز التداعيات الاقتصادية التي يصعب تجاهلها هو التأثير على الثقة في الأسواق، تشير التقارير إلى أن حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين تؤدي إلى تراجع في ثقة المستثمرين.

مما يعوق الاستثمارات ويسهم في تقليل معدلات النمو الاقتصادي، كما يبرز التقرير عن انخفاض مؤشر ثقة المستهلك في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى له في عدة سنوات، وهو ما يعكس تزايد القلق من تداعيات هذه الحرب التجارية على الاقتصاد الأميركي.

الآثار الاجتماعية والسياسية لحرب الرسوم الجمركية

لا تقتصر تأثيرات حرب الرسوم الجمركية على الجانب الاقتصادي فقط، بل لها تداعيات اجتماعية وسياسية كذلك، ومن المتوقع أن يتسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج في بعض الصناعات في تقليل قدرة الشركات على التوظيف.

مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، كما إن العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك قد تشهد مزيدًا من التوتر، مما يعزز حالة عدم اليقين التي تميز العلاقات الدولية في الوقت الراهن.

ختامًا: إن الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، والتي تشمل فرض رسوم جمركية على العديد من المنتجات من كندا والمكسيك والصين، تمثل تحولًا كبيرًا في السياسات التجارية العالمية.

وعلى الرغم من أن الهدف المعلن من هذه الرسوم هو حماية الصناعة المحلية وتعزيز الاقتصاد الأميركي، فإنها تسببت في العديد من التوترات الاقتصادية والسياسية.

وبناءً على التحليل السابق، يمكن القول إن الحرب التجارية قد تؤدي إلى تداعيات واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي، مع تزايد المخاطر المترتبة على التصعيد المستمر لهذه الرسوم الجمركية.

Short Url

أخبار متعلقة