السيليكون الذي يحكم، كيف أسهمت الرقائق الإلكترونية في تشكيل مستقبل العالم

الأحد، 02 مارس 2025 03:31 م

الرقائق الإلكترونية

ميرنا البكري

الرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصلات هي قطع صغيرة جدًا يتم تصنيعها من مواد شبه موصلة كالسيليكون، ويتم تغليفها في حاوية من البلاستيك تسمى الحزمة، وهي بمثابة العقل المدبر لأي جهاز إلكتروني حديث، وتستخدم في تصنيع المعالجات والدوائر الإلكترونية.

العناصر الرئيسية التي تتكون منها الرقائق الإلكترونية

الموصلات: هي مواد تتميز بقدرتها على مرور الكهرباء بسهولة، كالنحاس والفضة والذهب والألمنيوم، ويتم استخدام الموصلات في صناعة الأسلاك الكهربائية وأجزاء الأجهزة الكهربائية.

العوازل: وهي مواد لا تسمح بمرور الكهرباء بسهولة، كالبلاستيك والزجاج والمطاط والخشب، ويتم استخدامها في تغليف الأسلاك الكهربائية، وحماية المستهلكين من الكهرباء.

شبه الموصلات: هي عناصر تقع بين الموصلات والعوازل، حيث لديها القدرة على توصيل الكهرباء في ظروف معينة مثل تعرضها للحرارة أو الضوء أو إضافة شوائب، وتُستخدم أشباه الموصلات في صناعة الرقائق الإلكترونية، والخلايا الشمسية وهي أساس أي جهاز إلكتروني.

يتم استخدام الرقائق الإلكترونية في معظم الأجهزة الذكية والإلكترونية، ومن أبرز استخداماتها:

الهواتف المحمولة: تضم أشباه الموصلات معالجات إلكترونية مسؤولة عن تشغيل الجهاز بالكامل.

الحواسيب المحمولة والمكتبية: تشتمل في وحدات المعالجة المركزية (CPU) التي تعتمد على الرقائق وبطاقات الرسوميات (GPU).

السيارات الحديثة: تُستخدم في أنظمة المكابح (ABS)، والتحكم في المحرك، والشاشات الذكية، والأنظمة الأوتوماتيكية.

الأجهزة المنزلية الذكية: تحتوي الأجهزة كالتلفاز، والغسالات، والمكيفات الذكية، على رقائق إلكترونية.

الروبوتات والذكاء الاصطناعي: يتم استخدامها في معالجة وتحليل البيانات واتخاذ القرارات في الأجهزة الذكية والروبوتات.

أشباه الموصلات، المحرك الخفي للتكنولوجيا الحديثة وصناعة المستقبل

الأساس للتكنولوجيا الحديثة: لا يوجد أي جهاز إلكتروني حديث يعمل بدون الرقائق الإلكترونية، فهي المسؤولة عن تشغيل الهواتف، والحواسيب، والسيارات، والأجهزة المنزلية، وحتى الذكاء الاصطناعي وطرق تشغيله.

صناعة ضخمة بمليارات الدولارات: يعتبر سوق الرقائق الإلكترونية من أكثر الصناعات ربحية في الفترة المقبلة، حيث تعتمد عليه كبرى الشركات العالمية مثل Apple، Samsung، Intel، NVIDIA وغيرها.

تتنافس الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، والصين، وكوريا الجنوبية، والاتحاد الأوروبي تتنافس بقوة للسيطرة على هذه الصناعة بسبب أهميتها الاستراتيجية.

حجر الأساس للذكاء الاصطناعي والثورة التكنولوجية: تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي، تعلم الآلة، السيارات ذاتية القيادة، وإنترنت الأشياء (IoT) على قوة معالجة وتحليل البيانات التي توفرها الرقائق الإلكترونية.

تأثيرها المباشر على الاقتصاد العالمي: أي نقص في إنتاج الرقائق يؤثر على صناعات عديدة بأكملها، مثل السيارات، والإلكترونيات، والأجهزة الطبية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتعطل الإنتاج، كما أن أزمة نقص الرقائق في السنوات الأخيرة تسببت في خسائر بمليارات الدولارات للعديد من الشركات.

تدخل في عملية تصنيع أنظمة الدفاع، الأقمار الصناعية، الطائرات بدون طيار، وأجهزة الاتصالات المشفرة، مما يجعلها عنصرًا ضروريًا في الأمن القومي للدول الكبرى.

نقص المعروض يخلق فرصة استثمارية ضخمة: نظرًا لأن العالم يعاني من نقص في إنتاج الرقائق، فإن الدول التي تضخ استثمارات في هذا المجال يمكنها تحقيق أرباح ضخمة وجذب الاستثمارات الأجنبية.

حرب الرقائق الإلكترونية، صراع القوى الكبرى على صناعة المستقبل

تُعتبر الولايات المتحدة رائدة في تطوير تكنولوجيا أشباه الموصلات، ومع ذلك، تفرض تايوان وكوريا الجنوبية سيطرتهم على تصنيع الرقائق حالياً.

في المقابل، تُعد الصين أكبر سوق عالمي لهذه المنتجات، وتستمر جهودها في تعزيز قدرتها الإنتاجية المحلية، مما جعلها في مواجهة حادة ومباشرة مع الولايات المتحدة وبالتالي تهديد لأمنها القومي.

ولكي تواجه الولايات المتحدة تقدم الصين في هذا المجال، فرضت واشنطن قيودًا صارمة على صادرات تقنيات تصنيع الرقائق إليها، مع فرض تعريفات جمركية على الاستيراد.

ولم تتوقف الولايات المتحدة، حيث خصصت الحكومة الأمريكية استثمارات ضخمة للتصنيع في أراضيها، بهدف تقليل الاعتماد على دول شرق آسيا وتوطين هذه الصناعة.

لا تقتصر هذه الخطوات على الولايات المتحدة فقط، بل تسير على النهج ذاته ألمانيا، وإسبانيا، والهند، واليابان، حيث تسعى جاهدة كل منها إلى توطين صناعة الرقائق محليًا.

ختامًا، الرقائق الإلكترونية هي العقل المدبر لأي جهاز إلكتروني، وأصبح السيطرة على صناعتها عاملًا لابد منه في التنافس الجيوسياسي والاقتصادي بين عملاقة الدول. مع اصطدام الصراع بين الولايات المتحدة والصين، وتسابق الدول لتعزيز إنتاجها المحلي، يبقى مستقبل هذه الصناعة باب مفتوح أمام الابتكار والاستثمار، مما يجعلها أحد أهم المحركات الاقتصادية والتكنولوجية في العقود القادمة.

Short Url

أخبار متعلقة