الإثنين، 03 مارس 2025

11:48 م

أوروبا بين المطرقة والسندان، هل تقترب الحرب العالمية الثالثة؟

الأحد، 02 مارس 2025 08:40 ص

ترامب وزيلينسكي

ترامب وزيلينسكي

ميرنا البكري

شهدت الساحة الدولية تطورًا غير مسبوق بعد المشادة الكلامية بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ونظيره الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي”، حيث اتهم ترامب زيلينسكي بالسعي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة، مما أثار حالة من القلق في الأوساط السياسية والاقتصادية العالمية. يأتي هذا التوتر في وقت تشهد فيه العلاقات الدولية اضطرابات متزايدة، ما يضع أوروبا أمام معضلة استراتيجية معقدة بين دعم أوكرانيا والحد من التصعيد العسكري مع روسيا.

الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا


أوروبا أمام تحديات استراتيجية معقدة

مع تصاعد الأزمة، تواجه الدول الأوروبية خيارات صعبة، إذ أن انسحاب الولايات المتحدة من تقديم دعم غير مشروط لأوكرانيا قد يجبر أوروبا على تحمل المزيد من الأعباء السياسية والعسكرية والاقتصادية، ورغم ذلك كانت ردرو فعل الدول الأوروبية صامدة بجانب أوكرانيا، بعض مواقف القادة الأوروبيين:

إسبانيا: رئيس الوزراء "بيدرو سانشيز" أكد في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) أن "أوكرانيا ليست وحدها"، مشددًا على استمرار دعم بلاده لكييف.

فرنسا: الرئيس إيمانويل ماكرون، خلال زيارته الرسمية إلى البرتغال، صرّح بأن "روسيا هي المعتدي وأوكرانيا هي الضحية"، مؤكدًا أن الدعم الغربي لأوكرانيا سيستمر دون تراجع، وأوضح  أن أي تراجع أمريكي عن دعم أوكرانيا قد يؤدي إلى تعزيز النفوذ الروسي في أوروبا الشرقية، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الأوروبي.

ألمانيا: المستشار الألماني أولاف شولتز شدد على ضرورة تحقيق "سلام عادل ودائم"، مؤكدًا التزام بلاده بمواصلة دعم أوكرانيا.

بولندا: رئيس الوزراء دونالد تاسك أرسل رسالة دعم لزيلينسكي قائلاً: "لن تكونوا وحدكم أبدًا".

الاتحاد الأوروبي: قادة المؤسسات الأوروبية، بمن فيهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أكدوا دعمهم لأوكرانيا وحيّوا "شجاعة" زيلينسكي في مواجهة الضغوط.

 إيطاليا: رئيسة الوزراء "جورجا ميلوني" دعت إلى قمة أوروبية طارئة لمناقشة تداعيات التوتر بين واشنطن وكييف، في ظل المخاوف من تحول الصدام السياسي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.

Picture background
الاتحاد الأوروبي

بريطانيا: رغم أن لندن تبنت موقفًا داعمًا لأوكرانيا، فإن حكومة ريشي سوناك تدرك أن أي تصعيد عسكري كبير بدون دعم أمريكي قد يكون كارثيًا اقتصاديًا على أوروبا. لذا، تسعى بريطانيا للعب دور الوسيط الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا لتجنب تفاقم الأزمة.

 تأثير الأزمة على الاقتصاد العالمي، هل ننتظر ركودًا جديدًا؟

مع تصاعد التوترات السياسية، لا يمكن تجاهل التداعيات الاقتصادية المحتملة، حيث تتزايد المخاوف من أن تؤدي الأزمة إلى ركود اقتصادي عالمي جديد، وهناك 3 سيناريوهات رئيسية قد تحدد ملامح المرحلة القادمة: 

ارتفاع أسعار الطاقة والمعادن النادرة

أي اتجاه عسكري يعني ارتفاع أسعار النفط والغاز، وهو ما سيضع أوروبا في أزمة طاقة جديدة، والمعادن النادرة، التي تعتمد عليها الصناعات التكنولوجية والعسكرية، من الممكن أن تصبح أداة ضغط روسية وصينية ضد الغرب، خصوصًا مع وقوف أغلب الدول الأوروبية بجانب أوكرانيا.

انهيار الأسواق المالية

بعد المشادة بين ترامب وزيلينسكي، شهدت الأسواق الأمريكية تقلبات عنيفة، مع تراجع مؤشرات الأسهم بسبب المخاوف من تصعيد محتمل.

وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث وصلت إلى 4.23% بعد أن كانت عند 4.27% في وقت سابق من يوم الجمعة.

كما تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية، حيث انخفضت عقود مؤشر DAX  و CAC 40 بنسبة 0.6%، بينما هبطت عقود EuroStoxx 50 بنسبة 1.4% قبل أن تقلص خسائرها إلى 0.6%.

 تسريع فك الارتباط الاقتصادي مع روسيا والصين

الاتحاد الأوروبي قد يتجه إلى تعزيز الاستثمار في مصادر طاقة بديلة لتقليل الاعتماد على روسيا، ومن الممكن أن تضغط أمريكا على الشركات العالمية لفك ارتباطها بالصين في مجال سلاسل التوريد، مما قد يُسرّع أزمة الاقتصاد الصيني.

 هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟

رغم تصاعد التوتر، الحرب العالمية الثالثة ليست حتمية، لكنها لم تعد مستبعدة تمامًا. الفرق الأساسي بين الوضع الحالي وحربين عالميتين سابقتين هو وجود الردع النووي، الذي يجعل أي مواجهة مباشرة بين القوى العظمى خيارًا مكلفًا للعالم.

لكن في حالة، أن  روسيا قررت توسيع نطاق عملياتها في أوكرانيا، أو إذا تراجعت أمريكا عن دعم كييف بشكل كبير، فإن أوروبا قد تجد نفسها مجبرة على التدخل بشكل مباشر، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية.

 توقعات مستقبلية، إلى أين يتجه العالم؟

من المحتمل أن تقوم أوروبا  بتعزيز تحالفها العسكري وتقوية منظومة الناتو، مع زيادة الاعتماد على قدراتها الدفاعية الذاتية بدلًا من الاتكال الكامل على واشنطن.

من المتوقع أن تواجه الأسواق العالمية اضطرابات حادة، خاصة في قطاعات الطاقة والمعادن الاستراتيجية، مما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي خلال 2025.

الصين قد تستغل الوضع الراهن لتوسيع نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي، سواء عبر تعزيز علاقاتها التجارية مع روسيا أو من خلال زيادة استثماراتها في الدول النامية التي تسعى للابتعاد عن النفوذ الأمريكي.

ختامًا، ما حدث بين ترامب وزيلينسكي ليس مجرد خلاف دبلوماسي، بل من الممكن أن يكون بداية لتحولات جيوسياسية عميقة ستعيد تشكيل النظام العالمي لعقود قادمة. وفي ظل تصاعد التوترات، ستظل أوروبا أمام معضلة استراتيجية معقدة بين دعم أوكرانيا وتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا. وبينما تستمر الصراعات الدبلوماسية والاقتصادية، يبقى السؤال الرئيسي: هل يشهد العالم تحولًا استراتيجيًا جديدًا، أم أننا نقترب بالفعل من مواجهة لا يمكن تفاديها؟

Short Url

showcase
showcase
search