الجمعة، 25 أبريل 2025

10:37 م

وظائف بلا حدود، كيف سيُغيّر الذكاء الاصطناعي سوق العمل العربي والعالمي؟

الجمعة، 25 أبريل 2025 06:50 م

الذكاء الاصطناعي والوظائف

الذكاء الاصطناعي والوظائف

تحليل/ كريم قنديل

في خضم الحديث المتكرر عن هيمنة الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الجدل حول مصير الوظائف قد انحرف عن مساره الحقيقي، فالسؤال لم يعد هل سيلغي الذكاء الاصطناعي وظيفتي؟، بل بات أي وظيفة جديدة سيخلقها الذكاء الاصطناعي لي، ومتى أبدأ في الاستعداد لها؟.

الذكاء الاصطناعي 

 

170 مليون وظيفة جديدة يخلقها الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030 

وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، بحلول عام 2030، سيكون العالم على موعد مع طفرة في سوق العمل، 170 مليون وظيفة جديدة ستظهر إلى النور، يقابلها اختفاء 92 مليون وظيفة تقليدية، أي أن صافي الوظائف الإضافية سيبلغ نحو 78 مليون وظيفة. 

وهذا ليس مجرد نمو رقمي بنسبة 7%، بل تحوّل استراتيجي عالمي يعيد رسم خريطة المهارات، ويُحدث انقلابًا في مفاهيم التوظيف.

 

الذكاء الاصطناعي، الخصم والصديق

في المفارقة الأكبر، يتصدر الذكاء الاصطناعي لائحة المحركات التي ستخلق هذه الوظائف الجديدة، رغم كونه السبب في إلغاء عدد كبير من الوظائف الحالية، فمن المتوقع أن يُحدث وحده 11 مليون وظيفة جديدة، مقابل إزاحته لنحو 9 ملايين وظيفة، ما يعكس أن الذكاء الاصطناعي ليس نهاية العمل كما نعرفه، بل بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا وتخصصًا.

من بين هذه الوظائف، تبرز مجالات لم تكن موجودة منذ سنوات قليلة، هندسة الأوامر (Prompt Engineering)، إدارة عمليات الذكاء الاصطناعي، أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، تدريب النماذج، تصميم المحادثات، وغيرها من المسارات التي تتطلب دمجًا بين الفهم التقني والمهارات الإنسانية.

ضعف المهارات

 

اضطراب المهارات، الزلزال الصامت في العالم العربي

في قلب التحولات العميقة التي تعصف بسوق العمل العالمي، تبرز المنطقة العربية كواحدة من أكثر المناطق تعرضًا لما يُعرف بـ"اضطراب المهارات"وهو التحدي الأخطر وربما الأقل وضوحًا في معركة التكيّف مع المستقبل.

اضطراب المهارات لا يعني فقط فقدان وظائف، بل يعني اختلال التوازن بين ما يمتلكه الناس من مهارات، وما تحتاجه الأسواق فعليًا.

كشف التقرير عن تصدر مصر قائمة الدول العربية والعالمية في معدل اضطراب المهارات بنسبة 48%، تليها البحرين 44%، ثم الإمارات والسعودية والمغرب وتونس بنسب متفاوتة تتراوح بين 36% و41%. 

هذه الأرقام لا تعني أن هذه الدول تفشل، بل أنها تمر بمرحلة تحوّل عميق وسريع لم تلحق أنظمتها التعليمية والتدريبية بمواكبته بعد.

اضطراب المهارات

تأهيل القوى العاملة لسوق الذكاء الاصطناعي

اضطراب المهارات أشبه بزلازل صامتة يضرب ببطء ولكن بثبات، ويترك فجوة واسعة بين الخريجين وسوق العمل، فبينما تتطور الوظائف لتتطلب كفاءات في الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، التفكير التحليلي، وإدارة البيانات، لا تزال غالبية القوى العاملة تستند إلى مهارات تقليدية لم تعد كافية.

وهنا يكمن التحدي الحقيقي، إما أن تتحول هذه الفجوة إلى هوّة تفصل الأجيال عن الفرص، أو تُغلق عبر استثمار جاد وشجاع في إعادة تأهيل القوى العاملة.

المطلوب ليس فقط تحديث المناهج، بل إعادة تعريف مفهوم التعلم نفسه كعملية مستمرة، مرنة، ومتجددة، الدول العربية تمتلك الطاقات الشابة، لكنها بحاجة إلى أنظمة تعليم حديثة، وشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوجه استراتيجي يرى المهارات لا كأوراق اعتماد، بل كبوصلة بقاء ونمو.

في هذا السياق، يصبح اضطراب المهارات ليس لعنة، بل فرصة تاريخية لإعادة بناء رأس المال البشري من الصفر، بما يتناسب مع احتياجات الثورة الرقمية التي لم تعد قادمة، بل تعيش بيننا بالفعل.

الوظائف الحديثة

الشركات.. من لحظة "كوداك" إلى سباق التكيّف

في هذا السياق، تواجه بعض الشركات ما يسمى بلحظة كوداك، نسبةً إلى الشركة التي فشلت في مواكبة التحول الرقمي فخرجت من المشهد، اليوم، يُطلب من الشركات أن تعيد النظر في نماذج أعمالها، أن تواكب تطورات الذكاء الاصطناعي، وأن تبدأ فورًا في إعادة تدريب موظفيها لاكتساب مهارات المستقبل.

86% من الشركات العالمية، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، تعتزم تعديل نماذج أعمالها بالكامل بحلول 2030 بسبب الذكاء الاصطناعي، وهذا لا يعني فقط تغيير الأدوات، بل تغيير العقليات والهياكل والوظائف.

 

مهارات الغد، بين الفضول والتحليل والأمان

المهارات المطلوبة في هذا العالم الجديد تتجاوز البرمجة والتقنيات البحتة، وتشمل التفكير التحليلي، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الفضول، والتعلم المستمر، إننا أمام نموذج جديد من الموظف، ليس فقط من ينفّذ المهام، بل من يتعلم باستمرار، يتكيّف بسرعة، ويعيد بناء نفسه وفقًا لمتطلبات السوق.

من الإنترنت إلى الذكاء الاصطناعي، التاريخ يعيد نفسه

إذا عدنا إلى أواخر التسعينيات، سنجد أن الإنترنت أحدثت ثورة مشابهة، ظهرت وظائف لم يكن أحد ليتخيلها، محلل بيانات الإنترنت، مدير محتوى رقمي، مصمم تجربة المستخدم، واليوم، يكرر الذكاء الاصطناعي القصة نفسها، لكن بوتيرة أسرع وبتأثير أعمق.

الذكاء الاصطناعي

 

من التهديد إلى الفرصة

الذكاء الاصطناعي ليس وحشًا يلتهم الوظائف، بل قطار سريع نحو المستقبل، من يركب في الوقت المناسب، سيصل إلى وجهة جديدة مليئة بالفرص، ومن يتجاهله، قد يجد نفسه في محطة فارغة، التحوّل قادم لا محالة، لكن الخيار في أن تكون جزءًا منه، أو ضحيته.

ويبقى السؤال الأهم، هل أنت مستعد لإعادة تعريف نفسك؟

Short Url

showcase
showcase
search