الخميس، 24 أبريل 2025

12:41 ص

رسوم ترامب تُفجّر قنينة المنافسة، كوكاكولا تنتصر وبيبسي تحت الضغط

الأربعاء، 23 أبريل 2025 09:36 م

بيبسي وكوكاكولا

بيبسي وكوكاكولا

تحليل/ كريم قنديل

في صراع دام لعقود على عرش المشروبات الغازية، دارت معركة لا تهدأ بين عملاقي السوق، كوكاكولا وبيبسي، لكن بينما اعتادت الشركتان على تبادل الضربات في مضمار الإعلانات والنكهات، حيث جاءت رياح السياسة التجارية من واشنطن لتقلب الطاولة، وتعيد رسم مشهد المنافسة بالكامل.

ففي ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، أدّت الرسوم الجمركية الجديدة بنسبة 10% على الواردات، إلى إحداث خلل واضح في ميزان القوى بين الشركتين، فكوكاكولا التي تنتج مركّزات مشروباتها محليًا داخل الولايات المتحدة، وجدت نفسها بمنأى عن هذه الرسوم، فيما تلقت بيبسي ضربة مؤلمة.

كوكاكولا وبيبسي

الوصفة السرية وقعت في الفخ

ومنذ عام 1974م، تعتمد شركة بيبسيكو على إنتاج مركّزات مشروباتها الغازية في أيرلندا، مستفيدة من المزايا الضريبية هناك، لكن ما كان يُعد حيلة ذكية في الأمس، انقلب إلى عبءٍ ثقيلٍ اليوم، ومركّزات المشروبات الغازية، هي السوائل المركّزة التي تحتوي على النكهات، والمكوّنات الأساسية الخاصة بكل مشروب، وتُعتبر بمثابة الوصفة السرية، التي تُميز كل علامة تجارية عن الأخرى.

ويتم تصنيع المركّزات في منشآت خاصة، ثم تُنقل إلى مصانع التعبئة، حيث تُخفف بالماء وتُضاف إليها الغازات والمُحليات، لتُنتج المشروبات الجاهزة، التي نراها في الأسواق مثل بيبسي وكوكاكولا.

فقد أصبحت هذه المركّزات خاضعة للرسوم الجمركية عند دخولها أميركا، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف إنتاج بيبسي مقارنة بمنافستها كوكاكولا، التي تنتج مركّزاتها في أتلانتا وبورتوريكو أراضٍ تُعامل جمركيًا كجزء من أميركا.

شركة بيبسيكو 

 

ضريبة النجاح أم عقوبة الهيكلة؟

ويشير تقرير وول ستريت جورنال، إلى أن بيبسيكو لم تكن مستعدة لتغير كهذا في السياسة الجمركية، والأسوأ أن الضريبة لم تأتِ في وقت سهل، فقد وصلت حصة بيبسي في السوق الأميركية، إلى أدنى مستوياتها في 2024م، متساوية مع مشروب Dr Pepper عند حوالي 8% فقط، بعدما كانت 15% في التسعينيات.

وفي المقابل، بقيت كوكاكولا صامدة بنسبة تتراوح بين 17 إلى 20%، محتفظة بريادتها، ومحافظة على استقرار تكاليفها وإمداداتها في وجه العواصف السياسية.

شعار أميركا أولًا يضرب سلاسل التوريد

ما حدث يُعد مثالًا واضحًا على كيف يمكن لسياسة تجارية أن تُربك سلاسل التوريد العالمية، فالرسوم التي فُرضت على مركّزات بيبسي، تمثل تجسيدًا صارخًا لمبدأ أمريكا أولًا، والذي لا يعترف بالمعايير القديمة للعولمة وسلاسل الإنتاج العابرة للحدود.

 وباتت بيبسيكو عالقة بين المطرقة والسندان من جهة، حيث لا تستطيع رفع الأسعار خشية فقدان مزيدٍ من حصتها السوقية، ومن جهة أخرى، تعاني من تآكل هوامش الربح بفعل الرسوم.

بيبسي وكوكاكولا

 

هل تتعلّم بيبسي من كوكاكولا؟

الحل ليس مستحيلًا لكنه مكلف، حيث أن بإمكان بيبسي نقل جزء من إنتاج المركّزات إلى الداخل الأميركي، أو إلى بورتوريكو على غرار ما فعلته كوكاكولا، لكن هذا يتطلب استثمارات ضخمة، ويضع تحديات على صعيد الجودة وسلاسة الإمداد.

الخيار الآخر هو الضغط السياسي لإعفاء المركّزات من الرسوم، كما حصل مع هواتف آيفون التي تُصنّع في الصين، إلا أن هذا المسار محفوف بالمخاطر، خاصة في مناخ سياسي غير مستقر.

من أزمة إلى فرصة؟

وتبدو بيبسيكو في موقف دفاعي حاليًا، لكن التحولات الكبرى غالبًا ما تخلق فرصًا جديدة، وإذا أحسنت الشركة استغلال الأزمة، فقد تكون هذه الرسوم الجمركية هي الشرارة التي تدفعها لإعادة بناء نموذج صناعي أكثر مرونة واستدامة، يعكس واقعًا تجاريًا جديدًا تقوده السياسات، لا الأسواق فقط.

ففي النهاية، من يفهم قواعد اللعبة الجديدة، قد لا يفوز فقط في السوق الأميركي، بل في كل الأسواق التي تعيد صياغة علاقتها مع العولمة.

Short Url

showcase
showcase
search