عملة فرعونية في خزائن آسيوية، ماذا لو راهنت الصين على الجنيه المصري؟
الأربعاء، 23 أبريل 2025 12:28 ص

الجنيه المصري والعملات الأجنبية
تحليل/ كريم قنديل
في عالم تتصارع فيه العملات الكبرى على كعكة النفوذ العالمي، وبينما تحتفظ البنوك المركزية حول العالم بالدولار واليورو كصمّامات أمان مالية، يطرح سيناريو غير تقليدي نفسه، ماذا لو قررت الصين، بثقلها الاقتصادي العالمي، أن تُدرج الجنيه المصري ضمن سلة احتياطاتها النقدية؟

قد يبدو السؤال في ظاهره ضربًا من الخيال الاقتصادي، لكن في العمق، هو استكشاف لمشهد جديد قد يعيد رسم خريطة العلاقات النقدية بين الجنوب العالمي ومراكز القوة التقليدية، ويمنح مصر ورقة نفوذ غير مسبوقة.
الاحتياطي النقدي، سلاح الدول في معارك الاستقرار
يعرف الاقتصاديون أن الاحتياطي النقدي لأي دولة ليس مجرد رقم على شاشات البنوك المركزية، بل هو الضمان الأخير أمام تقلبات السوق، وأداة لتمويل الواردات وسداد الالتزامات الدولية، وركيزة رئيسية للحفاظ على استقرار العملة المحلية.
وعلى مدار عقود، كان الدولار الأمريكي هو العملة المُفضلة بلا منازع، تليه عملات كبرى مثل اليورو، الين، والجنيه الإسترليني، لكن خلال العقد الأخير، شقّ اليوان الصيني طريقه بثبات نحو النخبة، مدفوعًا بطموحات بكين لتدويل عملتها، خاصة مع توسع نفوذها عبر مبادرة الحزام والطريق وصعود مجموعة البريكس.

ماذا لو انضم الجنيه المصري إلى هذا النادي المغلق؟
ماذا لو تحققت تلك الرواية وقررت بكين ضم الجنيه المصري لسلة احتياطاتها، فإن ذلك سيكون بمثابة زلزال هادئ في الاقتصاد الدولي، هذا القرار لو تحقق لن يكون مجرد خطوة تقنية، بل يحمل أبعادًا استراتيجية عميقة تمس جوهر السياسة النقدية والعلاقات الجيوسياسية.
شهادة ثقة دولية في الجنيه المصري
قبول الجنيه المصري في احتياطي بلد مثل الصين سيُرسل إشارة قوية للأسواق بأن هذه العملة، رغم التحديات، تستحق الثقة، مؤسسات وصناديق استثمارية سيادية قد تعيد النظر في تعاملها مع الجنيه، ما يُعزز استقراره، ويُقلل من تقلباته، ويمنح مصر قدرة أكبر على التفاوض في أسواق المال.
دعم مباشر للاحتياطي الأجنبي المصري
أي طلب خارجي على الجنيه، خاصة من دولة بحجم الصين، يعني تدفقات للعملات الصعبة تدخل الاقتصاد المصري، هذا سيساهم في تعزيز الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي، ويدعم استقرار سعر الصرف، ويمنح صانعي السياسة النقدية هامش مناورة أوسع أمام الأزمات.

مكاسب سياسية واستراتيجية
الرسائل لا تُكتب كلها بالأرقام، ضم الجنيه المصري للاحتياطي الصيني يحمل دلالة سياسية، تُعزز مكانة مصر في خريطة التحالفات الآخذة في التبلور، قد تجد مصر نفسها أقرب إلى قلب الحزام والطريق، وأكثر تأثيرًا في آليات التعاون داخل البريكس، إنها ليست مجرد خطوة مالية، بل دعوة إلى طاولة النفوذ الآسيوي.
لكن هل الاقتصاد المصري جاهز لتحمّل هذا الوزن؟
رغم جاذبية السيناريو، إلا أنه مشروط بمعادلة دقيقة من الاستقرار الاقتصادي، إلى جانب صعوبة تنفيذ ذلك الأمر في الوقت الحالي، الجنيه المصري لا يزال يعاني من ضغوط متكررة، في ظل معدلات تضخم مرتفعة، ودين خارجي آخذ في التصاعد، وتحديات واضحة في بيئة الاستثمار.
أي محاولة لتدويل الجنيه قبل ترسيخ استقراره قد تنقلب من فرصة إلى تهديد، ومن إنجاز إلى عبء، لذا، فإن تحقيق هذا الحلم يتطلب إصلاحات حقيقية وعميقة، تشمل ضبط العجز، تحفيز الإنتاج، وتوسيع القاعدة التصديرية.

ما بين الطموح والواقعية
يبقى السؤال مطروحًا، هل ستجرؤ الصين على هذه الخطوة؟ وهل يمكن للجنيه المصري، في يوم من الأيام، أن يُزاحم عملات النخبة في خزائن بكين؟ ربما لا يحدث ذلك غدًا، لكن التحولات الجارية في النظام الاقتصادي العالمي تفتح المجال للاحتمالات، وتمنح الدول النامية فرصًا لإعادة التموقع.
وفي حال تحقق هذا السيناريو، سيكون بمثابة لحظة مفصلية في تاريخ الاقتصاد المصري، ونقلة نوعية في علاقاته المالية والسياسية على مستوى العالم، بين الحلم والاحتمال، تظل مصر مطالبة بالاستعداد الجاد، فحين تأتي الفرص الكبرى لا تنتظر طويلًا.
Short Url
الدولار المريض يربك العالم، البنوك المركزية نحو دواء لأزمة الثقة
23 أبريل 2025 08:34 م
وداعًا للسيارات، أول دولة تتخذ القرار الأكثر جرأة في العالم (تفاصيل)
23 أبريل 2025 06:29 م


أكثر الكلمات انتشاراً