الأربعاء، 16 أبريل 2025

04:44 ص

الطيران المصري في زمن الأزمات: أرقام تكشف التحديات والفرص

الثلاثاء، 15 أبريل 2025 10:32 م

الطيران المصري

الطيران المصري

تحليل/ كريم قنديل

رغم أن الطائرات أقلعت وهبطت كالمعتاد، إلا أن عام 2020 لم يكن عامًا عاديًا بالنسبة للطيران المدني المصري، فبينما كانت السماء مفتوحة نظريًا، فرضت جائحة كورونا قيودًا غير مسبوقة على الحركة الجوية عالميًا، ومصر لم تكن استثناءً.

مطار القاهرة الدولي

ولكن ما الذي تقوله الأرقام عن أداء قطاع الطيران في عام الأزمة؟ وكيف تأثرت الشركات الوطنية والمطارات بحالة الشلل التي ضربت العالم؟ دعونا نغوص في الأرقام.

انكماش واضح في حركة الطيران.. لكن القطاع صامد

تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن إجمالي حركة الطيران بالمطارات المصرية بلغ 145.1 ألف رحلة في 2020، مقارنة بـ 344 ألف رحلة في 2019، أي بانخفاض كبير بلغت نسبته 57.8%، هذا التراجع لم يكن مفاجئًا، بالنظر إلى الإغلاقات العالمية، وقيود السفر الصارمة، والتراجع الحاد في حركة السياحة الدولية.

أما على مستوى الركاب، فقد انخفض عدد المسافرين من نحو 39.7 مليون راكب في 2019 إلى 13.5 مليون فقط في 2020، بنسبة انخفاض بلغت 66%، وهو ما يعكس بوضوح التأثير المباشر للجائحة على حركة النقل الجوي.

حتى كمية البضائع المنقولة تراجعت من 323.5 ألف طن في 2019 إلى 205.2 ألف طن في 2020، بانخفاض بلغ 36.6%، ما يعكس تأثير التباطؤ التجاري وانخفاض الطلب العالمي على السلع، خاصة في ذروة الوباء.

كورونا والطيران

شركات الطيران الوطنية.. مواجهة مزدوجة بين التحدي والاستمرارية

كشفت بيانات المركز أنه، في قلب هذه الأزمة، واصلت شركات الطيران الوطنية البالغ عددها 17 شركة عملها بما توفر من إمكانيات، وقد سجلت هذه الشركات 123.7 ألف رحلة (ركاب وبضائع) خلال عام 2021، منها:

  • 81.8 ألف رحلة نفذها القطاع العام بنسبة 66.1%
  • 41.9 ألف رحلة نفذها القطاع الخاص بنسبة 33.9%

ورغم صعوبة الظرف، بلغ إجمالي عدد الركاب الذين نقلتهم الشركات الوطنية 7.9 مليون راكب، أكثر من نصفهم (4.4 مليون) عبر شركات القطاع العام، بنسبة 55.1%، مقابل 3.6 مليون راكب للقطاع الخاص.

وفي جانب البضائع، كان القطاع العام اللاعب الأساسي، حيث نقل 108.9 ألف طن من أصل 109.6 ألف طن، أي بنسبة تفوق 99.3%، بينما لم تتجاوز مساهمة القطاع الخاص 0.7%.

قوة بشرية واقتصاد داخلي ضخم.. رغم تراجع الإيرادات

تُشغّل شركات الطيران الوطنية أكثر من 34 ألف موظف، 88.1% منهم يعملون في شركات القطاع العام، ما يعكس الاعتماد الكبير على الدولة في تشغيل هذا القطاع. وقد بلغت إجمالي الأجور والمزايا الاجتماعية نحو 6.8 مليار جنيه، وهو رقم يعكس حجم الإنفاق الكبير على العنصر البشري.

أما على صعيد النفقات التشغيلية:

  • 6.3 مليار جنيه لمستلزمات السلع
  • 20.3 مليار جنيه مصروفات خدمية
  • 9.2 مليار جنيه مصروفات أخرى

وبالرغم من هذا الحجم من التكاليف، فقد استطاع القطاع أن يحقق إيرادات نقل جوي (ركاب وبضائع) بلغت 38.2 مليار جنيه، مما يبرز قدرة القطاع على تحقيق عوائد رغم القيود.

الطيران المصري

القطاع الخاص.. حصة أقل ولكن حضور ملحوظ

القطاع الخاص، رغم مساهمته المحدودة مقارنة بالقطاع العام، يلعب دورًا متزايد الأهمية، فهو يمتلك 92 طائرة من أصل 160 (بنسبة 57.5%)، ويُسيّر أكثر من ثلث الرحلات، كما يستحوذ على 11.9% من الوظائف في شركات الطيران، ما يعكس بداية تنوّع صحي في ملكية وتشغيل القطاع.

المطارات: 20 بوابة جوية في الخدمة

بلغ عدد المطارات المصرية التي شهدت حركة لشركات الطيران الوطنية 20 مطارًا، وهو رقم يعكس اتساع رقعة التغطية الجغرافية، رغم الظروف الاستثنائية.

أزمة عابرة أم فرصة لإعادة الهيكلة؟

ما تكشفه هذه الأرقام بوضوح هو أن قطاع الطيران المصري قد تعرّض لهزة قوية في 2020، ولكنه لم يسقط، بل استطاع الحفاظ على الحد الأدنى من التشغيل، والوفاء بالتزاماته تجاه الركاب والبضائع والموظفين، كما تُظهر الأرقام تماسك شركات القطاع العام، وقوة حضورها مقارنة بالقطاع الخاص، وإن كانت هناك مؤشرات على صعود تدريجي للدور الخاص.

لكن هل تستمر هذه التوازنات؟ أم أن الواقع الجديد لما بعد الجائحة سيدفع نحو مراجعة شاملة لهيكل التمويل والتشغيل، وتنويع مصادر الدخل، وتوسيع دور القطاع الخاص؟

السماء ما زالت مفتوحة.. والسؤال المطروح اليوم هو: كيف يمكن لمصر أن تحوّل هذه الأزمة إلى فرصة لتطوير واحد من أهم قطاعاتها الاقتصادية والاستراتيجية؟

Short Url

showcase
showcase
search