السبت، 19 أبريل 2025

04:04 ص

«من تيك توك إلى فيسبوك» هل تهيمن التطبيقات على الاقتصاد الرقمي العربي؟

الأربعاء، 16 أبريل 2025 03:20 م

التحول الرقمي

التحول الرقمي

كتب/ كريم قنديل

في عالم تتغير فيه قواعد اللعبة الاقتصادية كل يوم، تقف المنطقة العربية على أعتاب تحول رقمي واسع، لم يعد مجرد ملاحقة للركب العالمي، بل بات مؤهلًا لقيادة موجة جديدة من الاقتصاد الرقمي، مستندًا إلى قاعدة شبابية واسعة، وتنامٍ ملحوظ في استخدام الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.

الإنترنت

348 مليون مستخدم للإنترنت.. والمعركة على العقول بدأت

بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي نحو 348 مليون شخص، أي ما يعادل 70.2% من إجمالي سكان المنطقة، هذه النسبة، وإن بدت رقمًا فنيًا، فإنها في الواقع تمثل نقطة تحول استراتيجية في البنية الاقتصادية العربية.

فالاقتصاد الحديث لم يعد يُقاس فقط بحجم الناتج المحلي أو الصادرات، بل بقدرة الدول على إنتاج المعرفة، وتصدير المحتوى، وجذب الاستثمار الرقمي، وهنا تقترب المنطقة العربية من الاتحاد الأوروبي، الذي لا يفصلها عنه سوى 71 مليون مستخدم.

مصر والسعودية والعراق.. مثلث القوة الرقمية

في مشهد الاستخدام، تتصدر مصر القائمة بـ50.7 مليون مستخدم لمواقع التواصل، تليها العراق بـ34.3 مليون، ثم السعودية بـ34.1 مليون، هذه الدول الثلاث، إلى جانب الجزائر والمغرب والإمارات، تشكل ما يقارب 77% من إجمالي المستخدمين العرب، ما يعكس تركّزًا رقميًا يُعيد رسم خريطة النفوذ الرقمي في المنطقة.

ويبدو أن هذه الهيمنة ليست فقط عددية، بل نوعية أيضًا، فالسعودية مثلًا تبرز كمركز لصناعة المحتوى البصري، بينما تمثل مصر سوقًا ضخمًا لاستهلاك الفيديو، ما يفتح الباب أمام فرص هائلة في مجالات الإعلانات الرقمية، وصناعة المؤثرين، والتجارة الإلكترونية.

تيك توك

تيك توك والخليج.. وفيسبوك يتمسك بشمال إفريقيا

المشهد الرقمي العربي ليس موحدًا، فهناك تباينات ثقافية واقتصادية تظهر بوضوح في تفضيلات التطبيقات، تيك توك يفرض هيمنته في الخليج، مدفوعًا بجاذبيته البصرية وسرعة انتشاره بين الشباب، في حين لا يزال فيسبوك يحتفظ بولائه في شمال إفريقيا، مستفيدًا من بنية استخدام أكثر تقليدية.

أما يوتيوب، فقد غدا المنصة المفضلة لاستهلاك المحتوى في مصر والأردن وسلطنة عمان، وهو مؤشر على تزايد الطلب على المحتوى المرئي الطويل نسبيًا، مما يشكل بيئة خصبة لصنّاع المحتوى والمؤسسات الإعلامية الرقمية.

سوق شابة.. ونمو يفوق أوروبا بخمسة أضعاف

الميزة التنافسية الكبرى تكمن في الزخم السكاني الشبابي، حيث يشكل من هم دون 35 عامًا 62.8% من سكان الدول العربية، مقابل 37.6% فقط في الاتحاد الأوروبي، والأهم من ذلك، أن معدل النمو السكاني العربي يبلغ 2.1% سنويًا، مقارنة بـ0.41% فقط في أوروبا.

هذه التركيبة السكانية لا تعني فقط عددًا أكبر من المستخدمين، بل جمهورًا أكثر قابلية للتكيّف مع التكنولوجيا، وأكثر استعدادًا لاستهلاك وابتكار المحتوى، ما يجعل المنطقة أرضًا خصبة للشركات التقنية العالمية، الباحثة عن أسواق ناشئة، وطاقات شابة، وبيئة رقمية في طور الانفجار.

التحول الرقمي

التشريعات الرقمية.. الفرصة الضائعة أم القفزة القادمة؟

ورغم هذا الزخم، فإن غياب تشريعات موحدة لحماية البيانات في الدول العربية لا يزال يشكل أحد أبرز المعوقات أمام تحول رقمي متماسك، الدعوة لتبني إطار قانوني شبيه باللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات (GDPR)، لم تعد رفاهية تنظيمية، بل شرطًا أساسيًا لجذب الاستثمارات وتعزيز ثقة المستخدمين.

فرص بمليارات الدولارات في الانتظار

إن المنطقة العربية لا تفتقر إلى الإمكانات، بل إلى إرادة التفعيل، ومع وجود هذا الكم الهائل من المستخدمين، وسرعة انتشار التطبيقات، وتطوّر البنية التحتية الرقمية، فإن المنطقة مرشحة لأن تتحول إلى واحدة من أكثر أسواق الاقتصاد الرقمي نموًا في العالم.

الفرص القادمة لا تقتصر على التجارة الإلكترونية أو التسويق الرقمي، بل تمتد إلى الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وصناعة الألعاب، والتعلّم الإلكتروني، وغيرها من قطاعات المستقبل.

التحول الرقمي في العالم العربي لم يعد احتمالًا، بل واقعًا يتشكل، وتنافسًا اقتصاديًا يُخاض على الشاشات والهواتف، وفي هذا المشهد، من يملك البيانات يملك القوة، ومن يفهم الشباب يملك المستقبل.

هل ستكون المنطقة قادرة على ترجمة هذه الأرقام إلى سياسات فعّالة واستثمارات مستدامة؟ هذا هو التحدي الحقيقي في العقد الرقمي القادم.

Short Url

search