الدولار يهتز، هل تسقط العملة الأقوى في العالم؟
الإثنين، 14 أبريل 2025 10:33 م

الدولار
تحليل/ كريم قنديل
لأول مرة منذ ثلاث سنوات، يتراجع الدولار الأميركي إلى مستويات متدنية أمام اليورو، مسجلاً 1.14 دولار لليورو الواحد، هذا التراجع ليس مجرد تقلب عابر في سوق العملات، بل يحمل في طياته إشارات على تحول هيكلي عميق في النظام المالي العالمي، وسط تحذيرات من فقدان الدولار مكانته التاريخية كعملة احتياطية عالمية، فهل نحن أمام نقطة تحوّل اقتصادية كبرى تعيد رسم خارطة النفوذ المالي في العالم؟

تراجع الدولار.. أكثر من مجرد انخفاض مؤقت
منذ بداية 2022، يعاني الدولار من ضغوط مستمرة، لكنه في الآونة الأخيرة هبط إلى أدنى مستوياته أمام اليورو منذ ثلاث سنوات، مدفوعًا بعدم اليقين الذي يخيم على السياسات الاقتصادية الأميركية، فقد أثارت الأجندة التجارية المتقلبة للرئيس دونالد ترامب مخاوف واسعة في الأسواق، أدت إلى زعزعة ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد الأميركي.
“دويتشة” بنك يقرع ناقوس الخطر
في تحذير لافت، دعا بنك "دويتشة" إلى إعادة تقييم جاذبية الدولار كعملة احتياطية عالمية، في ظل تزايد عمليات التخلي عن الأصول الأميركية، بما في ذلك سندات الخزانة التي شهدت تراجعًا في الأسعار وارتفاعًا غير مسبوقًا في العوائد.
هذا التوجه، بحسب البنك، قد يكون بداية النهاية للدور المركزي الذي لعبه الدولار لعقود طويلة في النظام المالي العالمي.

أزمة الثقة... بداية التحول من الدولار
أصبح واضحًا أن الأسواق لم تعد تنظر إلى الدولار باعتباره ملاذًا آمنًا خلال أوقات الاضطراب، كما كان الحال سابقًا، فالمستثمرين باتوا أكثر قلقاً من السياسات الاقتصادية الأميركية المتقلبة، لا سيما ما يتعلق بالضرائب والجمارك والتجارة الدولية.
هذه التحولات تضع الدولار في موضع شك، وتفتح الباب أمام عملات أخرى لتأخذ موقعه في المستقبل القريب.
الصين تقود الثورة ضد الهيمنة الأميركية
في قلب هذا التحول العالمي، تقود الصين تحركًا استراتيجيًا لتقليل الاعتماد على الدولار، سواء في احتياطاتها النقدية أو في تعاملاتها التجارية الدولية، ويبدو أن دولاً أخرى بدأت تحذو حذوها، في إطار توجه عالمي نحو تنويع أدوات التجارة والاحتياط، ما يُضعف من مكانة الدولار ويعزز من فرص صعود عملات منافسة مثل اليوان الصيني أو حتى اليورو.

الهيمنة في مهب الريح: أرقام تُثير القلق
رغم أن الدولار لا يزال يُستخدم في نحو 50% من التعاملات التجارية حول العالم، ويمثل 58% من الاحتياطات العالمية، إلا أن هذه الأرقام بدأت بالتآكل التدريجي.
كما أن سوق السندات الأميركي، البالغ حجمه نحو 29 تريليون دولار، يواجه مخاطر متزايدة بسبب تراجع الإقبال عليه من قبل المؤسسات الدولية.
هل نشهد نهاية العصر الأميركي المالي؟
التحولات الجارية ليست لحظية، بل تحمل دلالات عميقة على تغير توازنات القوى الاقتصادية، فالأسواق باتت أكثر تنوعًا، والدول أكثر حذرًا، والاعتماد المطلق على الدولار لم يعد خيارًا مقبولاً لدى كثير من صناع القرار الاقتصادي.
السؤال الذي يطرحه المراقبون الآن: هل نحن أمام نهاية تدريجية لعصر الهيمنة الأميركية على النظام المالي العالمي؟ أم أن واشنطن قادرة على قلب المعادلة في الوقت المناسب؟
يبقى مصير الدولار مرتبطًا بقدرة الإدارة الأميركية على استعادة ثقة الأسواق، وإعادة ضبط السياسات الاقتصادية والتجارية على أسس مستقرة وواضحة، لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن العد التنازلي قد بدأ، وأن زمن العملة التي لا تُهزم قد شارف على الانتهاء.
Short Url
الدولار المريض يربك العالم، البنوك المركزية نحو دواء لأزمة الثقة
23 أبريل 2025 08:34 م
وداعًا للسيارات، أول دولة تتخذ القرار الأكثر جرأة في العالم (تفاصيل)
23 أبريل 2025 06:29 م


أكثر الكلمات انتشاراً