السعودية 2025.. ثورة رقمية في الجيب، وشاشة في كل زاوية

الإثنين، 14 أبريل 2025 09:22 م

التحول الرقمي

تحليل/ كريم قنديل

في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية، تكشف بيانات "DataReportal" و"GWI"، عن لوحة رقمية متكاملة تعكس كيف بات المواطن السعودي، يعيش في قلب اقتصاد رقمي نابض، حيث يحتل الهاتف المحمول -لا سيما الذكي- مكانة تتجاوز مجرد وسيلة اتصال، لتصبح نافذته الأساسية على العالم.

سعودة الـ5G: اتصال يتجاوز عدد السكان ويدفع بعجلة الاقتصاد الرقمي

في مشهد رقمي يتسارع بخطى واثقة نحو المستقبل، تكشف أحدث بيانات GSMA وDataReportal، أن المملكة العربية السعودية، باتت من بين الدول الرائدة عالميًا في اتصال الهاتف المحمول، ليس فقط من حيث الانتشار، بل أيضًا من حيث تطور البنية التحتية وجودة الوصول.

هاتف ذكي .. لكل يد تقريبًا

وبلغت نسبة امتلاك الهواتف الذكية في السعودية 98.6% بين مستخدمي الإنترنت، ممن تجاوزوا سن الـ16، ما يضع المملكة في مصاف الدول الأعلى في تبني التقنية على مستوى الفرد، وليس هذا فحسب، بل تشير الأرقام إلى أن الهاتف المحمول بمختلف أنواعه، هو الجهاز الأهم على الإطلاق، متفوقًا على الحواسيب المسجلة 49.7%، وحتى أجهزة التلفاز الذكية المسجلة 45.6%.

اللافت أن الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية، سجلت 28.6%، والأساور الذكية التي سجلت 8.7%، بدأت تشق طريقها إلى المشهد التقني، في دلالة على تصاعد الاهتمام بالتقنيات الصحية والشخصية، بينما لا تزال الأجهزة مثل نظارات الواقع الافتراضي، والتي سجلت 5.8% وأجهزة قراءة الكتب الإلكترونية بنسبة 3.2% في طور التبني المحدود.

الإعلام .. الجوال أولًا والبث التقليدي يتراجع ببطء

وعندما نتحدث عن استخدام وسائل الإعلام، فإن الهاتف المحمول هو البوابة الأساسية للإنترنت بنسبة هائلة بلغت 98.8%، يليه مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 94.5%، بينما استخدام الإنترنت من خلال اللاب توب والتابلت، تحتل مرتبة متقدمة بـ 92.2%، ما يعكس ليس فقط سلوكيات استهلاك، بل أيضًا تحولات في طريقة تشكيل الرأي العام والتفاعل المجتمعي.

ورغم أن البث التلفزيوني التقليدي لا يزال حاضرًا بقوة بنسبة 87.4%، إلا أن البث عبر الإنترنت، يلاحقه بشدة بنسبة 82.9%، وهو ما ينبئ بتغير قادم في أولويات الجمهور، وربما موازنات المعلنين، اللافت أيضًا أن الألعاب الإلكترونية والبودكاست، باتا منافسين جديدين في خارطة الإعلام، بنسبة استخدام تبلغ 76.1% و69.2% على التوالي.

الوقت هو المال .. والهاتف يسرقه بذكاء

ويُظهر تحليل الوقت اليومي، أن المواطن السعودي يقضي في المتوسط 7 ساعات و01 دقيقة يوميًا على الإنترنت، منها 4 ساعات و17 دقيقة عبر الهاتف المحمول وحده، أي أكثر من نصف يوم عمل رسمي.

وسائل التواصل الاجتماعي تستهلك 3 ساعات و1 دقيقة يوميًا، بينما يذهب 2 ساعة و45 دقيقة، لمشاهدة التلفاز (من خلال اللاب توب والتابلت)، وحتى الصحف الورقية، التي يعتقد البعض أنها تحتضر، لا تزال تقتطع 50 دقيقة يوميًا من وقت المستخدم.

48.1 مليون اتصال خلوي .. والسكان أقل

وبلغ عدد اتصالات الهاتف المحمول في السعودية (باستثناء أجهزة إنترنت الأشياء) نحو 48.1 مليون اتصال في فبراير 2025م، وهو رقم يعادل 140% من عدد السكان، هذا يعني أن عدد الشرائح المتصلة، يفوق عدد الأشخاص، في مؤشرٍ واضحٍ على انتشار الهواتف المزدوجة الشرائح، والتوسع في استخدام الإنترنت عبر الأجهزة المتنوعة، من الهواتف إلى الأجهزة القابلة للارتداء.

وشهد عدد الاتصالات، نموًا سنويًا قدره +4.0%، ما يمثل زيادة بنحو 1.9 مليون اتصال جديد خلال عام واحد، وهذا النمو يعكس ديناميكية السوق السعودية، وقدرتها على استيعاب المزيد من التطبيقات والخدمات الرقمية المتصلة.

اتصال فائق السرعة .. بنسبة 99.2%

في تحول لافت، يؤكد جاهزية البنية التحتية الرقمية، بلغت نسبة اتصالات الهاتف المحمول، والتي تعتمد على شبكات النطاق العريض (3G، 4G، 5G) نحو 99.2%، ما يعني أن الاتصال السريع لم يعد رفاهية، بل أصبح القاعدة.

وهذا التحول لا ينعكس فقط على تجربة الأفراد في استخدام الإنترنت، بل يؤثر أيضًا في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية، والتعليم عن بُعد، والخدمات الحكومية، والرعاية الصحية الرقمية.

مؤشر الاتصال المحمول: السعودية تقترب من العالمية

وفقًا لتقييم GSMA لمؤشر الجاهزية للاتصال المحمول، حصلت السعودية على:-

الدرجة الكلية: 79.61.
البنية التحتية للإنترنت المحمول: 91.96.
القدرة على تحمّل تكلفة الإنترنت: 70.57.
استعداد المستهلك: 86.10.
توفر المحتوى والخدمات: 71.87.

وهذه الأرقام تضع المملكة في مقدمة الدول العربية، بل وتنافس دولًا في أوروبا وأسيا، خصوصًا على مستوى البنية التحتية، واستعداد المجتمع لتبني الحلول الرقمية.

ما وراء الأرقام: فرصٌ اقتصادية واستثمارية واعدة

مع هذا النمو المتسارع في الاتصالات المتنقلة، تفتح السعودية أبوابًا واسعة للاستثمار في:-

الشبكات الذكية وإنترنت الأشياء (IoT).
الخدمات الرقمية الحكومية (GovTech).
منصات التعليم الإلكتروني والرعاية الصحية عن بُعد.
الابتكار في المحتوى العربي الرقمي.

كما أن زيادة الاتصالات المتنقلة، تعني توسعًا في السوق الإعلانية الرقمية، وتعزز فرص التحول المالي عبر المدفوعات الإلكترونية والمحافظ الذكية.

السعودية جاهزة للمرحلة التالية من الثورة الرقمية

الأرقام لا تكذب، والسعودية اليوم ليست فقط متصلة، بل رائدة في بناء اقتصاد رقمي شامل ومتين، ومع بنية تحتية قوية، وقوة شرائية عالية، وتوجه حكومي داعم، يبدو أن المملكة تمضي بثبات نحو مكانة عالمية في سوق التقنية والاتصالات.

الرسالة الأهم: السعودية تتقدم نحو اقتصاد رقمي بالكامل

وتشير هذه الأرقام، إلى أن التحول الرقمي في السعودية، لم يعد مجرد خطة أو رؤية مستقبلية، بل أصبح واقعًا ملموسًا، فارتفاع معدلات ملكية الأجهزة الذكية وتنوع وسائل الإعلام الرقمية التي يستهلكها الفرد السعودي يوميًا، يعزز من فرص الاستثمار في التقنية، والمحتوى الرقمي، والإعلانات الموجهة، والتعليم عن بعد، والصحة الرقمية.

ولعل السؤال الاقتصادي الأبرز الآن: كيف يمكن للقطاعين العام والخاص تحويل هذا الحضور الرقمي الكثيف، إلى قيمة مضافة حقيقية تخلق وظائف، وتفتح أسواقًا جديدة، وتدعم النمو المستدام في رؤية المملكة 2030؟

Short Url

أخبار متعلقة