الأربعاء، 16 أبريل 2025

12:41 م

الاقتصاد العالمي على صفيح ساخن، هل يتحمّل كُلفة الصدام الأميركي الصيني؟

الأحد، 13 أبريل 2025 08:03 م

الولايات المتحدة والصين

الولايات المتحدة والصين

يقف الاقتصاد العالمي، اليوم، على أعتاب مرحلة غير مسبوقة من التوترات الجيواقتصادية، بينما تتسارع وتيرة التصعيد التجاري بين العملاقين، الولايات المتحدة الأميركية والصين، في مشهد يعيد للأذهان أجواء الحرب التجارية التي اندلعت أواخر العقد الماضي، لكن بحدة أكبر ونطاق أوسع وتأثيرات أكثر تعقيدًا.

دونالد ترامب

ففي عالم يُتوقّع أن يُنتج نحو 115 تريليون دولار خلال عام 2025، تفرض هذه المواجهة المفتوحة سؤالاً جوهرياً: هل يتحمّل الاقتصاد العالمي كلفة هذا الصدام؟

 

ترامب يعود إلى ساحة المواجهة.. ولكن بشراسة مضاعفة

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض على وقع وعود بإحياء "العصر الذهبي لأميركا"، يبدو عازماً هذه المرة على إعادة صياغة قواعد التجارة العالمية بالكامل، وليس مجرد الضغط على بكين.

إذ لم تمضِ ساعات قليلة على خطاباته الانتخابية الأخيرة حتى رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية إلى 125%، في تصعيد وصفه المراقبون بـ"الزلزال الاقتصادي". وهو تحرك قابله رد صيني فوري، برفع الرسوم على السلع الأميركية من 34% إلى 84%، في خطوة تحمل رسالة واحدة: "سنقاتل حتى النهاية".

 

بين مطرقة ترامب وسندان الصين.. دول عالقة في المنتصف

التداعيات المباشرة لهذا التصعيد لا تقتصر على بكين وواشنطن فقط، هناك عشرات الدول، لا سيما في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، وجدت نفسها عالقة في المنتصف، تتأرجح بين امتثال قد يُغضب أحد الطرفين، أو تحدٍ قد يجرها إلى معارك اقتصادية لا طاقة لها بها.

يقول ألبرت بارك، كبير الاقتصاديين في بنك التنمية الآسيوي، إن فائض المعروض الصيني سيُغرق الأسواق العالمية، ما يُهدد استقرار اقتصادات الدول التي قد لا تتحمّل تدفقات ضخمة من البضائع الرخيصة القادمة من الصين.

ترامب وأوروبا

 

أوروبا.. الهدف القادم للمصنّعين الصينيين؟

مع انسداد السوق الأميركية أمام المنتجات الصينية، بدأت بكين بالفعل بتحويل بوصلتها نحو أوروبا وجنوب شرق آسيا. ووفقاً لجود بلانشيت من مركز راند لأبحاث الصين، فإن القارة العجوز قد تصبح الملاذ الجديد للمصنعين الصينيين لتعويض الخسائر الأميركية.

لكن هذا التوجه لا يخلو من التحديات، إذ قد يُفجّر توترات تجارية جديدة بين الصين والدول الأوروبية التي قد تجد نفسها مضطرة لتطبيق إجراءات حمائية، وهو ما يُنذر بدورة جديدة من الحمائية العالمية.

الاقتصاد العالمي يتباطأ.. ولكن لا ينهار

رغم قتامة الصورة، فإن الاقتصاد العالمي لن يشهد انكماشًا حادًا، بل تباطؤًا في النمو، ففي حين كان يُتوقّع أن يرتفع الناتج العالمي بنحو 3 تريليونات دولار، قد يُكتفى بنمو أقل من تريليون دولار فقط، نتيجة للتوترات الراهنة.

وأن الصدام الجمركي لن يُفيد أحدًا، بل سيرفع كلفة التبادل التجاري، ويقلل من كفاءة الإنتاج، ويُسهم في ركود سلاسل التوريد العالمية.

المنتجات الصينية

هل تُغرق الصين الأسواق العالمية؟

بعض المراقبين يتخوفون من سيناريو إغراق صيني واسع للأسواق العالمية بالمنتجات منخفضة الكلفة، لكن الوضع الحالي يخفف من حدة هذه المخاوف، خاصةً أن الصين تعتمد على سلاسل توريد تستورد مواد أولية كثيرة من أميركا، وارتفاع الرسوم سيُلهب أسعار الإنتاج، ما سيضعف تنافسية المنتجات الصينية.

إضافة إلى ذلك، فإن السوق الاستهلاكية الصينية نفسها تمر بمرحلة ركود، مع تراجع الواردات بأكثر من 8% هذا العام، مما يُقيّد قدرة بكين على امتصاص صدمة الخروج من السوق الأميركية.

الرهان على العقلانية المفقودة

في ظل كل ما يحدث، تُجمع الآراء الاقتصادية على أن الحل الأمثل يكمن في عودة العقلانية لطاولة المفاوضات. فالصراع التجاري، وإن كان يُستخدم كأداة سياسية، إلا أن كلفته باهظة على الجميع.

الحوار والتفاهم حول النظام التجاري العالمي، وآليات فرض الرسوم الجمركية، وضمان المنافسة العادلة، هي مفاتيح النجاة من الأزمة.

الاقتصاد  العالمي

الاقتصاد العالمي أمام مفترق طرق

ما يجري اليوم ليس مجرد خلاف تجاري، بل صدام بين نموذجين اقتصاديين، ورؤيتين متناقضتين لمستقبل العولمة. ومع تصاعد اللهجة الحمائية من أكبر اقتصادين في العالم، فإن النظام الاقتصادي الدولي يواجه اختبارًا وجوديًا.

الدول التي ستنجو من هذه العاصفة، ليست الأقوى اقتصاديًا، بل الأذكى دبلوماسياً، القادرة على المناورة، وتحييد نفسها عن نيران الحرب، دون أن تفقد مكانتها على خارطة التجارة العالمية.

وفي نهاية المطاف، فإن السؤال الأكبر يبقى مطروحاً:

هل سيُكتب للعالم أن يتفادى أزمة كبرى، أم أن هذا التصعيد سيعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي بالكامل؟

Short Url

showcase
showcase
search