الإثنين، 14 أبريل 2025

08:47 ص

حرب الرسوم الكبرى، كيف أشعل ترامب فتيل المواجهة مع التنين الصيني؟

الجمعة، 11 أبريل 2025 09:34 ص

دونالد ترامب

دونالد ترامب

تحليل/ كريم قنديل

في قلب الصراع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، بدأت القصة بأرقام ضخمة وقرارات دراماتيكية، كل شيء بدأ بتهديدات ووعود من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قرر أن يتخذ خطوات جريئة ضد الصين، محاولًا تصحيح ما وصفه بعدم توازن التجارة بين البلدين، لكن تلك الخطوات سرعان ما تحولت إلى معركة حقيقية، مليئة بالتقلبات والمفاجآت.

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين

البداية.. الوعود بالتصحيح

في عام 2018، قرر ترامب أن يفرض رسومًا جمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار، الهدف كان واضحًا: الضغط على الصين لتغيير سياساتها التجارية التي يرى أنها تُضر بالاقتصاد الأمريكي، في البداية، كانت الرسوم بنسبة 10%، لكنها مع الوقت بدأت ترتفع لتصل إلى 25%، كانت حربًا تجارية أعلنتها واشنطن على بكين، وأصبحت بداية لرحلة طويلة من التصعيد والتهديدات.

الرد الصيني.. الضربة المثلثية

لم يكن رد الصين بطيئًا، سرعان ما رفعت بكين رسومها الجمركية على المنتجات الأمريكية بنسب متزايدة، وكانت البداية مع زيادة بنسبة 25% على السلع الأمريكية، مع مرور الوقت وجدت الصين نفسها في موقف صعب، فهي لا تستطيع الصمت أكثر، ولكنها لا تستطيع أيضًا الاستسلام لضغوط ترامب.

ومع كل ضربة من واشنطن، كانت الصين ترد بمثلها، مما جعل الأرقام تزداد بشكل مرعب: الرسوم على السلع الأمريكية تتجاوز 80%، وفي النهاية، وصلت إلى 84%، هذا التصعيد لم يكن مجرد حرب أرقام، بل كان اختبارًا لمدى تحمل كل طرف.

تعريفات ترامب الجمركية

التسوية المؤقتة.. فخ أو فرصة؟

في لحظة من لحظات الحرب، بدا أن ترامب كان قد أدرك خطر التصعيد المبالغ فيه على الاقتصاد العالمي، ففي بداية عام 2019، أعلن تعليقًا مؤقتًا للرسوم الجمركية على الصين، كان الجميع يعتقد أن تلك هي الهدنة التي ستتيح للطرفين التفاوض على اتفاق تجاري ينهي تلك الحرب الاقتصادية، الأسواق العالمية تنفست الصعداء، وأعرب العديد من المستثمرين عن أملهم في أن يتحقق السلام التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.

لكن، ما بدا وكأنه فرصة للسلام كان في الواقع مجرد فخ، في حديث مفاجئ، أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية قد ترتفع إلى 125%، هنا، لم تكن هذه مجرد زيادة في الأرقام، بل كانت إشارة إلى أن ترامب لا يعبأ بالتهدئة، بل يسعى لتحقيق مزيد من الضغط على الصين، لم تقتصر هذه الرسوم على المنتجات التقليدية، بل شملت أيضًا السلع ذات التقنية العالية، مثل الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية، وهو ما كان يعني المزيد من الضغط على المستهلك الأمريكي.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني

الرد الصيني الحاسم.. التصعيد على كل الجبهات

كما هو متوقع، لم تستسلم الصين، في خطوة انتقامية، أعلنت بكين عن رفع رسومها الجمركية على السلع الأمريكية بنسبة تصل إلى 84%، ولم تقتصر ال ردود الصينية على زيادة الرسوم، بل شملت إدراج شركات أمريكية في قائمة الكيانات غير الموثوقة، مما أثار القلق بين الشركات الأمريكية المستثمرة في الصين.

كان الرد الصيني بمثابة إعلان بأن الصين لن تقف مكتوفة اليدين أمام تصعيد ترامب، كما أن تلك الخطوة أعطت إشارة إلى أن الحرب التجارية لا تقتصر على الأرقام، بل تتداخل مع استراتيجيات سياسية قد تضر بالنفوذ الأمريكي في منطقة آسيا والعالم.

الاقتصاد العالمي في دوامة.. التأثيرات تبدأ بالظهور

مع مرور الوقت، بدأت تظهر التأثيرات العالمية لهذه الحرب التجارية، الأسواق المالية شهدت تقلبات غير مسبوقة، حيث تراجعت مؤشرات الأسهم في مختلف أنحاء العالم مع كل تصريح مفاجئ من ترامب أو خطوة تصعيدية من الصين، الشركات التي تعتمد على الاستيراد من الصين بدأت في رفع الأسعار، مما أدى إلى زيادة تكلفة السلع في الأسواق الأمريكية والعالمية.

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين

ماذا بعد؟

اليوم، وعلى الرغم من بعض اللحظات الهادئة التي أطلقها ترامب بخصوص التفاوض مع الصين، يظل السؤال الأساسي قائمًا: هل ستنجح الحرب التجارية في تحقيق أهداف ترامب، أم أنها ستجر الولايات المتحدة إلى مزيد من الاضطرابات الاقتصادية؟ وما هو الثمن الذي سيدفعه العالم إذا استمرت هذه الحرب على هذا المنوال؟

طريق طويل وشاق

رحلة فرض الرسوم الجمركية بين ترامب والصين لم تكن مجرد تصعيد اقتصادي، بل كانت بمثابة اختبار للقدرة على الصمود، ومع كل زيادة في الرسوم، كانت هناك محاولة لفهم قواعد اللعبة العالمية، لكن مع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن هذه المعركة لا تتعلق فقط بالاقتصاد، بل بالأمن الجيوسياسي والنفوذ العالمي.

في النهاية، قد تكون الحرب التجارية قد أعادت تشكيل الكثير من القواعد الاقتصادية، لكنها تركت أيضًا العديد من الأسئلة بدون إجابة، ووسط هذا الصراع المستمر، يبقى الأمل في أن تنجح الدبلوماسية في تحقيق السلام التجاري، قبل أن تضر هذه السياسات بأكثر من مجرد الأرقام في الحسابات الاقتصادية.

Short Url

search